شبح مقاطعة قياسية يخيم على الانتخابات الرئاسية الفرنسيةالمقاطعة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الانتخابات الرئاسية الفرنسية نتيجة تفجّر سلسلة من الفضائح المتعلقة بالمرشحين الساعين إلى تدارك مواقفهم قبل أيام قليلة من الجولة الأولى، عبر إقناع المزيد من الناخبين أملا في الوصول إلى المرحلة الثانية. العرب [نُشر في 2017/04/11، العدد: 10599، ص(5)]لامبالاة فرنسية باريس- بدأت في فرنسا الاثنين الحملة الرسمية للدورة الأولى للانتخابات الرئاسية تزامنا مع تردد غير مسبوق بين الناخبين قبل 13 يوما من موعد الاقتراع. ويخيّم شبح مقاطعة الانتخابات الرئاسية الفرنسية على أجواء الحملات الانتخابية لمختلف المرشحين. ويعول المرشحون على إقناع المزيد من المترددين لدعم حظوظهم في خلافة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه، وتجنب أي مفاجآت قد تحملها صناديق الاقتراع. ولم تشهد فرنسا من قبل نسبة ناخبين مترددين مماثلة لما هي عليه اليوم، قبل أقل من أسبوعين على الاستحقاق، بما في ذلك بين الذين يقولون إنهم سيصوتون بالتأكيد.40 بالمئة من الفرنسيين لا يعرفون ما إذا كانوا سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع ويقول أكثر من ثلث الفرنسيين تقريبا إنهم لم يحسموا خيارهم بين المرشحين أو إنهم قد يغيرون آراءهم. وتكتسي مسألة إقناع المزيد من الناخبين أهمية جوهرية مع إعلان حوالي الثلث عزمهم على المقاطعة، وهي نسبة قياسية لانتخابات رئاسية تنجح عادة في تعبئة حوالي 80 بالمئة من الفرنسيين. وأوردت صحيفة “لوبينيون” أن مزاج الناخب الفرنسي يطغى عليه “التردد والغضب واتجاه نحو المقاطعة”، وكشفت أن 40 بالمئة من الفرنسيين لا يعرفون بعد من سينتخبون لا بل ما إذا كانوا سيقترعون أصلا، ما يعد سابقة في فرنسا قبل شهر من موعد الانتخابات. وتشير دراسة أجراها معهد “إيفوب” إلى أن 40 بالمئة من الفرنسيين مستعدون للإدلاء بورقة بيضاء لو كان الأمر يسمح لهم. ويعقّد هذا التردد في صفوف الناخبين الفرنسيين عمل معاهد استطلاعات الرأي التي باتت تحت المجهر بعدما فشلت زميلاتها الأميركية في توقع انتخاب دونالد ترامب في البيت الأبيض، وعجزت المعاهد البريطانية عن ترقب قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتعززت الريبة حيال عمل معاهد استطلاعات الرأي بعد فشلها في توقع الفائزين بالانتخابات التمهيدية في اليمين واليسار في نهاية 2016 ومطلع 2017، والتي أسفرت عن هزيمة مفاجئة للمرشحين الأوفر حظا في المعسكرين رئيس الوزراء اليميني السابق آلان جوبيه ورئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس. ومع انطلاق الحملة رسميا بات على وسائل الإعلام السمعية والبصرية من الآن فصاعدا اتباع مبدأ التساوي المطلق بين كل المرشحين من حيث وقت الكلام الممنوح لكل منهم في المناظرات والتغطية الإعلامية، كما ستتولى وسائل الإعلام العامة بث إعلانات حملات مختلف المرشحين طوال فترة الحملة التي بدأت ليلة الأحد/الاثنين على أن تنتهي في منتصف ليلة 21 أبريل، أي قبل الدورة الأولى المقررة الأحد 23 أبريل.صراع الرئاسة يحتدم بين إيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا ومنافسته من اليمين المتطرف مارين لوبن وتتوقع آخر استطلاعات الرأي أن يتصدر الوسطي إيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا ومنافسته من اليمين المتطرف مارين لوبن المعارضة للهجرة ولأوروبا، نتائج الدورة الأولى بحصول كل منهما على حوالي 23 بالمئة من نوايا الأصوات، لينتقلا إلى الدورة الثانية في 7 مايو. أما مرشح اليسار الراديكالي جان لون ميلانشون، فسجل تقدما ملفتا في الأسابيع الماضية حيث انتقل من المرتبة الخامسة إلى المرتبة الثالثة حاليا، ليشكل تهديدا حقيقيا لمرشح اليمين فرانسوا فيون بحصوله على حوالي 19 بالمئة من نوايا الأصوات. وبعدما كان المحافظ فيون الأوفر حظا، تراجع التأييد له بعد كشف فضيحة الوظائف الوهمية التي أتهم بها وقد استفادت منها زوجته واثنان من أولاده. وقال ماكرون (39 عاما) معلقا بحذر “لم يحسم شيء بعد. إننا ندخل مرحلة جوهرية”، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “جورنال دو ديمانش” وعرض فيها أولوياته للأشهر الأولى من ولايته في حال فوزه بالانتخابات. وإذا وصل ماكرون إلى قصر الإليزيه مثلما تشير التوقعات، فإن المرشح المؤيد للاتحاد الأوروبي يعتزم القيام بـ”جولة على العواصم الأوروبية” ليقترح “منح منطقة اليورو ميزانية حقيقية ولقيام أوروبا حقيقية من 27 عضوا للبيئة والصناعة وإدارة مسائل الهجرة”. كما تعهد الوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي هولاند، والذي لم يسبق أن تولى أي منصب من خلال انتخابات، بطرح مشروع قانون يفرض مبادئ أخلاقية على الحياة السياسية “قبل الانتخابات التشريعية” في يونيو وينص خصوصا على “منع المحاباة للبرلمانيين الذين لن يكون بوسعهم توظيف أي من أفراد عائلاتهم”.أكثر من ثلث الفرنسيين تقريبا يقولون إنهم لم يحسموا خيارهم بين المرشحين أو إنهم قد يغيرون آراءهم وفي ذلك إشارة واضحة إلى الفضيحة التي تطول فيون بشأن وظائف وهمية استفادت منها زوجته واثنان من أولاده. وبعدما شلّت الفضيحة التي لقيت أصداء واسعة في الحملة الانتخابية آماله، مازال فيون يؤمن بحظوظه ويعتزم تسجيل مواقف قوية خلال تنظيم تجمعات يأمل بأن يشارك فيها الآلاف من أنصاره. وأعلن رئيس الوزراء السابق الداعي إلى خطة تقشف، خلال مهرجان انتخابي الجمعة “كل ما لا يقتلنا يجعلنا أقوى”، وهو واثق من فرصه رغم تراجعه في استطلاعات الرأي، وهو سبق أن خالف التوقعات وفاز في الانتخابات التمهيدية لليمين. أما مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي بات ينافس فيون في استطلاعات الرأي بعد تسجيله تقدما كبيرا في الأسابيع الأخيرة نتيجة أدائه في المناظرات التلفزيونية، فعقد هو أيضا مهرجانا انتخابيا كبيرا الأحد في مرسيليا (جنوب شرق). ويدعو ميلانشون إلى التخلي عن معاهدات أوروبا “الليبرالية” والخروج من الحلف الأطلسي ووضع حد لما يسميه “النظام الملكي الرئاسي الفرنسي”، وهو يأمل في تحويل الدفع المحيط بترشيحه إلى فرصة حقيقية في الانتقال إلى الدورة الثانية من الانتخابات. وقال مدير حملته مانويل بومبار إن “المشهد تبدّل. هذه الانتخابات أكثر ترددا بكثير ومتبدّلة أكثر من العام 2012 حين كان يهيمن عليها الحزبان الكبيران آنذاك”.
مشاركة :