هل تنجح وثيقة حماس السياسية في العبور بالحركة إلى المجتمعين الدولي والإفليمي؟ وهل تنجح في خروج الحركة من “قوائم الإرهاب” التي أقرتها واشنطن وعدد من الدول الأوروبية واليابان وكندا واستراليا ؟ وهل تسهم الوثيقة في لمّ الشمل الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية ؟ وهل تمثل الوثيقة انفصال “حماس” عن جماعة الإخوان المسلمين؟ التساؤلات تطرحها الدوائر السياسية في القاهرة، عقب إقرار حركة «حماس» الوثيقة السياسية الجديدة ، التي تمثل ( ميثاق الحركة)، وستعلنها رسمياً في غضون أسبوع. وتمثل الوثيقة الجديدة نقلة كبيرة في الفكر السياسي للحركة منذ تأسيسها قبل ثلاثين عاماً، إذ تتضمن «تعديلات جوهرية» على الميثاق القديم للحركة الذي أعلن مع انطلاقتها عام 1987، ويتوقع أن تشكل جواز عبور للحركة إلى المجتمعيْن الدولي والإقليمي. ويرى باحثون في الحركات الإسلامية وسياسيون ، أن الوثيقة الجديدة ، لا تستهدف الداخل الفلسطيني، وانما هي موجهة للخارج وتسعى للقاء في منتصف الطريق مع الطلبات والضغوطات الدولية والاقليمية التي تسعى لتاهيل حماس واخراجها من دائرة التهديد باضافتها على قوائم الارهاب ،وهو السيف المسلط على رقبة التنظيم الدولي للاخوان في أوروبا وأمريكا، وبعض الدول العربية، ولذلك جاءت إشارات الوثيقة بالانفصال عن الجماعة “الأم” الإخوان المسلمين، بحسب رؤية السفير محمد العرابى، وزير الخارجية المصري الأسبق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، بأن الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس الفلسطينية تمثل تحولا كبيرا ، فلأول مرة تنفصل الحركة عن جماعة الإخوان سياسيا. ويؤكد “العرابي” أن هذه الوثيقة هى رؤية حقيقية تأتى بعد أن أدركت حركة حماس، أن جماعة الإخوان محاصرة بشدة فى كل دول العالم حاليا. . موضحا أن لقاء مسئولى حماس بمسئولين من مصر مؤخرا كان له دور فعال لدى الحركة حيث تدرك حماس حاليا أنها لا يجب أن تخسر مصر كحليف قوى ومؤثر فى القضية الفلسطينية وإحدى أهم الدول المجاورة لها ،كما أن معظم قادة حماس يروون الآن أن المفاوضات خطوة مهمة باتجاه حل الدولتي. ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، محمد كعوش، في تحليله للغد، أن قراء بنود وثيقة حماس السياسية الـ 41 بندا، تشير إلى محاولة الحركة لتصحيح صورتها داخل المجتمع الدولي ، أي انها “وثيقة” تخاطب الخارج أولا وأخيرا، ولذلك من الملاحظ أن الوثيقة تتنكر للتاريخ وتتجاهل تجربة الزعيم التاريخي للفلسطينيين ياسر عرفات ورفاقة المؤسسين، ابو جهاد وأبوإياد ، وحركة فتح التي ظلت العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية وصمام آمان وحدتها. الوثيقة السياسية الجديدة، التي استغرق إقرارها عاميْن كامليْن،بحسب تصريح قيادات حماس، تنص على أن هدف «حماس» هو إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967، وعلى حق اللاجئين في العودة، وعلى استخدام أشكال الكفاح كافة، وفي القلب منها الكفاح المسلح، وعلى أن الحركة تحارب الاحتلال الصهيوني وليس اليهود بصفتهم الدينية. كما تنص على أن «حماس» هي حركة تحرر وطني فلسطينية ذات مرجعية إسلامية، وعلى أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وأن الحركة ستطالب بفتح المنظمة أمام مشاركة الكل الفلسطيني، وعدم اقتصارها على فئات محددة. وتشكل هذه الأهداف تطوراً في الفكر السياسي للحركة، كما حمله ميثاقها القديم الذي لم يعد مستخدماً في أي من هيئات الحركة ومؤسساتها، وكان ينص على العمل على تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وعلى أن العداء مع اليهود حتى يوم الدين، وعلى اعتماد الكفاح المسلح وسيلة وحيدة للتحرير. ومن جانبه، قال دكتور محمود أبو الفضل، أستاذ العلاقات الدولية، للغد، إن هذه الوثيقة ربما تتيح لحماس فرصة اعتراف إقليمي بالحركة، بعد تأكيد أنها حركة فلسطينية ذات مرجعية إسلامية، من دون أي ذكر لأي ارتباط لها بحركة «الإخوان المسلمين» التي خرجت عن القانون وتتعرض للملاحقة في عدد من الدول، خصوصاً في الدولة المجاورة مصر، التي تشكل المنفذ الوحيد لقطاع غزة ولـ «حماس» إلى العالم الخارجي. وأوضح في تحليله للغد، أن هذه الوثيقة تحمل رسائل موحهة لإسرائيل وللولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية تحديدا، وخاصة رسالة البند (9) الذي يؤكد على ان رسالة الإسلام جاءت بقيم الحق والعدل والحرية والكرامة، وتحريم الظلم بأشكاله كافة، وأن الإسلام ضد جميع أشكال التطرف والتعصب الديني والعرقي والطائفي والرسالة الثانية، في البند (15) بأن حركة حماس تفرق بين اليهود، كأهل كتاب، واليهودية كديانة من ناحية، وبين الاحتلال والمشروع الصهيوني، من جهة أخرى، وترى أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم. وحماس لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنما تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين وتابع د. أبو الفضل، للغد، إن الحركة حرصت على توجيه رسالة أخرى للدول المعنية باتهامها بأنها تعترض المصالحة الفلسطينية، وتريد الانفراد بالنفوذ بعيدا عن ثوابت النضال الفلسطيني المؤسس ضمن منظمة التحرير الفلسطينية ، ومن هنا تناولت البنود 27 و28 توضيحا، يشير إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وضرورة بناء المؤسسات والمرجعيات الوطنية الفلسطينية على أسس ديمقراطية سليمة وراسخة، في مقدمتها الانتخابات الحرة والنزيهة، وعلى قاعدة المقاومة والشراكة الوطنية، ووفق برنامج واستراتيجية واضحة المعالم، تتمسك بالحقوق وتلبي تطلعات الشعب الفلسطيني. شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :