طالب رئيس قسم علوم الحاسوب بكلية علوم وهندسة الحاسوب في جامعة الكويت الدكتور محمد الملا الإدارة الجامعية بضرورة التنسيق مع ديوان الخدمة المدنية لتوفير كادر خاص لخريجي تخصص علوم الحاسوب أسوة بخريجي تخصص هندسة الكمبيوتر الذين يؤدون نفس المهام الوظيفية التي يقوم بها خريج قسم علوم الحاسوب، مؤكداً أن خريجي علوم الحاسوب أصبحوا نقطة ارتكاز تعتمد عليها مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص في أعمالها اليومية.وأوضح الملا في حوار مع «الراي» أن تخصص علوم الحاسوب أصبح من أهم التخصصات العلمية في مختلف أنحاء العالم لما له من أهمية ومستقبل باهر في ظل اعتماد سوق العمل على الكثير من الخدمات التي ترتكز على قدرات ومهارات خريج علوم الحاسوب المختلفة من تصميم وتحليل كافة طرق حل المشكلات وتطوير الأنظمة والتطبيقات.وشدد على ضرورة تغيير أبنائنا الطلبة نظرتهم لهذا التخصص وأن يأخذوا بعين الاعتبار كيف ساهم هذا التخصص في دفع عجلة التقدم والتطور الذي يشهده العالم حالياً وأن ازدياد إقبال الطلبة عليه يخلق لهم فرص عمل كبيرة لحاجة سوق العمل المحلية له، علماً بأن هذا الوضع ليس فقط بالكويت والدول المجاورة بالمنطقة، بل في مختلف دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية. وإلى تفاصيل الحوار:• بداية نريد أن تقدم لنا نبذة عن القسم والبرامج التي يطرحها؟- قسم علوم الحاسوب أحد أقسام كلية حديثة متخصصة في مجال علوم الحاسوب في جامعة الكويت وهي كلية علوم وهندسة الحاسوب، ويعود تاريخ نشأة القسم إلى العام 1971 حين تم إدخال بعض مقررات علوم الحاسوب إلى صحيفة التخرج التابعة لقسم الرياضيات بكلية العلوم، وفي العام 1981 أصبح هناك برنامج مستقل لتخصص علوم الحاسوب ضمن برامج قسم الرياضيات، وفي سنة 1987 تم استحداث شهادة بكالوريوس في علوم الحاسوب كتخصص مستقل عن الرياضيات، وفي 1994 أعطي قسم الرياضيات مسمى قسم الرياضيات وعلوم الحاسوب، بعدها تم فصل قسم علوم الحاسوب عن قسم الرياضيات في 2010 وأصبح برنامج علم الحاسوب في قسم مستقل بذاته، وبعد عام مباشرة جاء المرسوم الأميري بإنشاء كلية علوم وهندسة الحاسوب فانتقل القسم من كلية العلوم إلى هذه الكلية مع انتقال قسمين آخرين هما قسم هندسة الكمبيوتر من كلية الهندسة والبترول وقسم علوم المعلومات من كلية المعلومات الحياتية.ويقدم القسم حالياً شهادة البكالوريوس في برنامج علم الحاسوب وشهادة الماجستير في التخصص نفسه بالتعاون مع كلية الدراسات العليا. ويطمح القسم مستقبلاً إلى تقديم شهادة الدكتوراه في علوم الحاسوب بالتعاون مع الأقسام الأخرى بكلية علوم وهندسة الحاسوب.• كم عدد الطلبة المقيدين بالقسم وكم عدد الخريجين منه؟- يواجه قسم علوم الحاسوب تحديا في إقناع خريجي الثانوية العامة (التشعيب العلمي) في اختيار هذا التخصص، ويتراوح عدد الطلبة المقبولين سنوياً ما بين 40 إلى 60 طالباً وطالبة، وعادة ما يتسرب جزء كبير منهم إلى أقسام أخرى بالكلية أو إلى كليات أخرى بالجامعة أو إلى كليات وجامعات أخرى محلية أو دولية، أما البقية المستمرة فعددهم متواضع في الوقت الذي توجد فيه هناك حاجة ملحة لخريجي هذا التخصص في سوق العمل المحلية سواء العاملين منهم في القطاع الحكومي أو بالقطاع الخاص.وقد أصبحت صياغة البرامج والتطبيقات التي يدرسها طلبتنا والتعامل مع الحاسوب متطلباً أساسياً ولغة العصر في وقتنا الحالي، وخصوصاً مع التوجه العالمي نحو استخدام شبكة الإنترنت ليس فقط كمصدر للمعلومات وإنما كمنصة لتقديم الخدمات الإلكترونية والرقمية على الشبكة ولتشغيل البرامج والتطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي كتلك التي تعمل في شبكات مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر وانستغرام وغيرها، فهذه البرامج والتطبيقات والخدمات بدأت تلعب دوراً كبيراً في حياتنا اليومية.ويسعى القسم بالتعاون مع مكتب التوجيه والارشاد بالكلية ومع عمادة شؤون الطلبة وعمادة القبول والتسجيل إلى زيادة أعداد الطلبة المنتسبين لتخصص علوم الحاسوب وإلى تشجيعهم عليه، خصوصاً بعد حصول برنامج بكالوريوس علم الحاسوب أخيراً على الاعتماد الأكاديمي من هيئة الاعتماد الأكاديمي الأميركية لبرامج الهندسة والتقنية (ABET)، حيث تعد هذه الهيئة من أرقى وأعرق المؤسسات التخصصية في الاعتماد الأكاديمي، وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 1932 وتقوم حالياً باعتماد برامج التعليم الجامعي في العلوم التطبيقية والحوسبة والهندسة والتقنية حول العالم.وقد حصل برنامج علم الحاسوب في جامعة الكويت على الاعتماد في العام الأكاديمي 2015 /2016 ويمتد هذا الاعتماد حتى نهاية العام الأكاديمي 2021 /2022.واتسمت عملية الاعتماد بالحرفية وتميزت بعدم وجود أي مخاوف أو ملاحظات أو نقاط قصور أبداها الوفد الممثل للهيئة أثناء أو بعد الزيارة، وهذا شيء نادر الحدوث على مستوى العالم عند اعتماد أي برنامج علمي للمرة الأولى، وهذا الانجاز جاء بتوفيق من الله عز وجل وجهود جميع العاملين بالقسم وبمساعدة مكتب الاعتماد الأكاديمي بعمادة كلية علوم وهندسة الحاسوب لتوفير كل المتطلبات لتحقيق شروط الاعتماد وبدعم كبير ومتواصل من قبل الإدارة الجامعية وإشرافها على كل مراحل الحصول على الاعتماد.ويفتخر القسم بما لديه من مقومات وبالبرامج الأكاديمية التي يقدمها على مستوى البكالوريوس والدراسات العليا وبجميع العاملين فيه من أعضاء هيئة التدريس والهيئة التدريسية المساندة والباحثين وجميع الموظفين فيه.ويضم القسم حالياً 24 عضو هيئة تدريس و13 من أعضاء الهيئة التدريسية المساندة، ويسعى القسم إلى زيادة هذه الأعداد بسبب الرغبة في طرح برامج أكاديمية جديدة على مستوى البكالوريوس والدراسات العليا، بالإضافة إلى اهتمام القسم بإرسال المبتعثين للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، ويوجد حالياً طالبان مبتعثان من القسم للحصول على شهادة الدكتوراه والانضمام إلى زملائهم بالقسم قريباً، كما يطمح قسم علوم الحاسوب لإرسال مبتعثين جدد في الفترة المقبلة، وقد تم أخيراً طرح إعلان بهذا الشأن على الموقع الرسمي لجامعة الكويت (http://vpaa.kuniv.edu.kw/ar/sch.php).كما يوجد بالقسم 7 موظفين يعملون في القطاع الفني والاداري لتغطية احتياجات النواحي الأكاديمية والإدارية والبرامج العلمية والموارد التي من ضمنها 10 مختبرات تدريسية مزودة بأحدث الأجهزة وأقوى المواصفات المتوافقة مع المعايير العالمية التي تم اعتماداها من قبل هيئة (ABET).كما يقدم القسم للمجتمع العديد من البرامج التثقيفية والدورات التدريبية والاستشارات ويشارك في العديد من المسابقات البرمجية مع الاهتمام بتقديم الندوات وورش العمل والمحاضرات والإعلان عنها على الموقع: (http://www.cs.ku.edu.kw/about-us/activities/seminar-colloquium ).• هل هناك صعوبات يواجهها القسم؟-لا يخلو الأمر من بعض التحديات ولكن الإدارة الجامعية جداً متعاونة معنا وداعمة لنا على كل المستويات، كما أن عمادة الكلية تمد لنا يد العون باستمرار ولجميع الأقسام الأخرى بالكلية، فنحن اليوم ننافس على الصعيدين المحلي والعالمي ونحتاج الدعم ما أمكن من ناحية ميزانية البنية التحتية والمؤتمرات والأبحاث والتعيينات والترقيات، لاسيما وأن تطور التكنولوجيا أصبح سريعاً جداً وتحديثها المستمر شيء ضروري.ويأمل القسم ويعمل جاهداً لمواكبة هذه التطورات الأكاديمية والفنية للوصول إلى المستوى العالمي الذي ينافس به الجامعات الأخرى.• هل تواجهون مشكلة فيما يتعلق بالأبحاث مع حالة التقشف التي تتعرض لها الجامعة في هذه الفترة؟- صدر أخيراً تعميم من الإدارة الجامعية بأن هذه السنة هي سنة خاصة إذ إن هناك تقشفا على مستوى الدولة وليس فقط على جامعة الكويت...نعم هذا حدث طارئ لم يسبق لنا التعامل معه من قبل، ولكن من الناحية العلمية نجد أن إدارة الجامعة تشجع على المشاركة البحثية والنشر العلمي وحضور المؤتمرات لخلق البيئة البحثية المناسبة لعضو هيئة التدريس وتشجيعه. ويتميز القسم بنشاطه في المجال البحثي والنشر العلمي، وهناك استشارات مقدمة من قبل أعضاء هيئة التدريس في مختلف قطاعات الدولة مما جعل القسم ينافس وبقوة الأقسام الأخرى بالكليات العلمية في الجامعة مثل كلية العلوم الطبية وكلية الهندسة والبترول وكلية العلوم.• هل هناك مساع لاقرار كادر للخريجين من قسم علوم الحاسوب؟- بالتأكيد، فقد وجدنا من خلال التحدث مع المسؤولين بالدولة أن خريج قسم هندسة الكمبيوتر يؤدي نفس المهام التي يقوم بها خريج علوم الحاسوب، ولكن يتميز عن الأخير بحصوله على كادر هندسي وهو الأمر الذي يشجع الكثير من الطلبة على الانتقال من قسمنا إلى قسم هندسة الكمبيوتر أو اختيار تخصص هندسة الكمبيوتر منذ البداية. ونحن في كلية علوم وهندسة الحاسوب نرجو من الإدارة الجامعية العمل والتنسيق مع الجهات المعنية مثل ديوان الخدمة المدنية وبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للكويت لتوفير كادر خاص لخريجي تخصص علوم الحاسوب وذلك لجذب الطلبة للتخصصات التقنية، فنجد في السعودية على سبيل المثال يخصص لخريج علوم الحاسوب كادر أقوى من كادر خريج هندسة الكمبيوتر وهذا النمط أيضاً موجود في الولايات المتحدة الأميركية، لأن المهام التي يقوم بها تنافس بل تضاهي المهام التي يقوم بها خريج هندسة الكمبيوتر، ولكن في مجتمعنا المحلي - للأسف - يرى صناع القرار بأن مهندس الكمبيوتر يقوم بمهام تفوق صياغة البرامج وتطوير وصيانة الأنظمة، لكن في الواقع العملي لو دققنا فعلياً لوجدنا أنهم يقومون بنفس المهام.ونأمل من الجهات المعنية أن تحذو حذو نظرائها في المنطقة وتعمل على استحداث كادر خاص للخريجين من تخصص علوم الحاسوب لأنهم فعلاً نقطة ارتكاز تعتمد عليها مؤسسات الدولة في أعمالها اليومية.• ماذا عن مشاريع التخرج التي يقدمها الطلبة في القسم؟-مشاريع التخرج التي يقدمها طلبة القسم شيء يبعث على الفخر، ففي البرنامج يوجد مقرر يسمى «مشروع» (Capstone Project) والذي يمثل عمل الطلبة في مشاريع تخرجهم خلال السنة الأخيرة من الدراسة، وفي كل فصل يبدع طلبة القسم في تقديم مشاريع لا تقل أهميتها وجودتها عن مشاريع أي برنامج ذي أهمية في حياتنا اليومية، وخصوصاً مع قدرتهم في إدخال خوارزميات الذكاء الاصطناعي ضمن هذه المشاريع.ويتمتع خريج برنامج الدراسات العليا في القسم بسهولة الحصول على القبول للدكتوراه من أرقى الجامعات الأميركية والكندية، فنجد على سبيل المثال إحدى خريجات القسم تعمل الآن كعضو هيئة تدريس في جامعة واشنطن (تكوما) بالولايات المتحدة الأميركية، فخريجونا اليوم يعملون على تأسيس أجيال المستقبل في الميدان الأكاديمي.وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأذكر أولياء الأمور وأبناءنا الطلبة للبحث في مجال دراسة علوم الحاسوب ولتغيير فكرتهم عن هذا التخصص لأن فنون التعامل مع الحاسوب أصبحت جزءا أساسيا من جميع التخصصات العلمية والأدبية.-يعاني بعض الطلبة من صعوبة في التخصص...ماتعليقك؟-التخصص ليس صعباً على الإطلاق ولكن يتطلب جهداً ومثابرة وللأسف لم يأخذ الكثير من الطلبة الذين انسحبوا من البرنامج أي من مقررات علوم الحاسوب ولكنهم عادة ما يقدمون على هذه الخطوة بسبب صعوبة اجتياز المتطلبات العلمية لهذا التخصص مثل مقررات الرياضيات والفيزياء والكيمياء، ونحن على ثقة بأن الطالب الذي يحب هذا التخصص سيبدع فيه من السنة الأولى، فهو تخصص يعتمد على عنصر التشويق كما يعتمد على مهارات حل المشاكل والتعامل مع المسائل الرياضية والمنطقية وبالتالي فهو بحاجة إلى بذل الجهد والمثابرة، علماً بأن القسم يوفر كل الإمكانيات لمساعدة أبنائنا الطلبة من أعضاء هيئة تدريس ومدرسين مساعدين مع توفير الجو الاجتماعي والبيئة التعليمية المناسبة في القسم.• هل المواد التي تطرحها وزارة التربية في علم الحاسوب -تتلاءم مع التطورات التي يشهدها هذا الحقل العلمي المهم؟-يعتمد منهج مادة المعلوماتية في المرحلة المتوسطة والثانوية على مهارات التعامل مع الكمبيوتر ومبادئ البرمجة، كما أدخلت الوزارة مادة الوسائط المتعددة (Multi Media) ومهارة البرمجة الشيئية (Object-oriented Programming) وبرمجة الروبوت ضمن منهج المعلوماتية وهو تقدم مهم وملموس في محتوى مادة المعلوماتية، وتعد هذه جهود كبيرة بذلتها الوزارة في هذا الاتجاه، إلا أننا نتمنى أن يكون هناك تنسيق ومتابعة بين قسم علوم الحاسوب بجامعة الكويت وبين المسؤولين في الوزارة حول محتوى مادة المعلوماتية التي تدرس للطلبة في المدارس.
مشاركة :