أخيرا.. وبعد مرور عشر سنوات على إجازة مشروع لتأسيس صندوق عالمي لتمويل الزراعة، احتفلت الخرطوم أمس بتدشين الصندوق، الذي يعتبر أساس البرنامج الخماسي للاقتصاد السوداني خاصة الزراعة، ويأتي ضمن الثمرات الأولى التي حققها رفع الحصار الأميركي، حيث كان الحظر يمنع قيام مثل هذه الصناديق، خاصة أنه آلية مالية دولية لتداول السلع للصادر. ويشرف على الصندوق وبمباركة وزارة الزراعة والري السودانية، شركة عالمية ستطرح أسهمها للجمهور خلال عامها الأول، الذي ستعمل فيه على تمويل زراعة الأعلاف والحبوب الزيتية والمنتجات البستانية وتسمين الماشية واللحوم بغرض الصادر. وأوضح الدكتور هزبر غلام الله رئيس مجلس إدارة شركة نماء للصناديق التنموية (نادقكو)، لـ«الشرق الأوسط»، أن الشركة أكملت كل دراسات الجدوى الاقتصادية والنظم الإدارية لقيام صناديق استثمارية، يستقطب لها رأس مال من شركات وبيوت تمويل عالمية وإقليمية ومحلية في المرحلة الأولى، والعمل على أن تكون الشركة شركة مساهمة عامة تطرح أسهمها للجمهور في سوق الأوراق المالية بالخرطوم. وأشار إلى أن الصندوق الاستثماري الذي تطرحه الشركة سيعمل على ترقية الصادر من خلال الاهتمام بالنوعية والتنوع وتوفير المدخلات، وأن الصندوق الاستثماري هو آلية مالية لتداول السلع للصادر، وفي المرحلة الأولي سيتم تمويل قطاعات زراعية محددة كالأعلاف والحبوب الزيتية والمنتجات البستانية وتسمين الماشية واللحوم بغرض الصادر. من جهته، أوضح البروفسور إبراهيم الدخيري وزير الزراعة، لـ«الشرق الأوسط» أن قيام شركة وطنية بتبني صندوق تمويل دولي للزراعة يجد الدعم والتأييد وتشجيع الدولة للقطاع الخاص للعمل في مجالات التنمية الزراعية، باعتبار القطاع الخاص يستحوذ على 68.4 في المائة من الأنشطة الاقتصادية بالبلاد. وقال الوزير، الذي عاد من الولايات المتحدة باتفاق كبير يفتح الباب أمام التقنيات الأميركية لدخول السودان وتصدير منتجات يحتاجها السوق الأميركي، إن الدولة وضعت في البرنامج الخماسي إنشاء صناديق ومحافظ لتمويل مدخلات الأنشطة الزراعية، لكنه لم ينفذ، رغم اهتمام كل وزراء المالية والزراعة، بسبب المصاعب الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد، والأثر الكبير في الذي أحدثه قرار العقوبات الاقتصادية المفروضة علي البلاد، والتي حالت دون تنفيذ تلك الصناديق والمحافظ. ودعا الوزير شركة نماء إلى التركيز في دراسة الجدوى الاقتصادية على نقاط التسويق والنقل والتخزين والإنتاج والأنظمة المالية، مشيرا إلى أن هناك فجوة غذائية في قطاع الحبوب والحبوب الزيتية والسكريات واللحوم في المنطقة العربية تقدر بـ41.5 مليار دولار، وأن السودان يستطيع أن يسهم في سد هذه الفجوة بنسبة كبيرة. من جهة ثانية، وفي إطار التحرك الدولي للتعريف والتنوير بالآثار المترتبة على رفع الحصار الاقتصادي الأميركي، استضافت الخرطوم أول من أمس وفدا من البنك الأفريقي للتنمية في إطار متابعة المصفوفة التي تم الاتفاق عليها في المشروعات إبان زيارة رئيس البنك مؤخراً للسودان. وأوضح رئيس الوفد الدكتور ألبر كاكو، نائب رئيس البنك، في تصريح صحافي عقب لقائه الدكتور بدر محمود وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، أن البنك وافق على تخصيص خمسة ملايين دولار لتمويل الدراسة الشاملة لمشروع السكة حديد بين السودان وإثيوبيا، ووافق كذلك على تمويل مشروع الخط الناقل للكهرباء من إثيوبيا. وأطلع نائب رئيس البنك الأفريقي وزير المالية على موقف المشروعات القائمة والمشروعات التي اكتمل تنفيذها، مبيناً أن المشروعات التي تم تنفيذها تشمل مشروع مياه دارفور وتحسين سلالات الثروة الحيوانية بجامعة نيالا، ودراسات الطاقة بالسودان، ومشروع مكافحة الفقر بجانب المشروعات الجاري تنفيذها، ومنها برنامج تمكين الشباب بتمويل يبلغ 30 مليون دولار، والذي ينفذ عبر وحدة منفصلة بوزارة الزراعة، ومشروع دعم الآلية القانونية بمبلغ مليون دولار من أجل الدفاع عن السودان في المحاكم العالمية والدفاع عن القروض التجارية. كما تضمنت مشاريع الصندوق للسودان، مقاومة الجفاف في منطقة القرن الأفريقي بمبلغ 45 مليون دولار، ومشروع بناء القدرات في الخدمات الشاملة بمبلغ 43 مليون دولار، ومشروع بناء القدرات في مجال المالية العامة والاقتصاد الكلي بمبلغ 35 مليون دولار، بجانب مشروع بناء القدرات في مجال تحسين مخرجات التعليم بمبلغ 23 مليون دولار، إضافة إلى مشروع القدرات المؤسسية وإصلاح قطاع المياه بمبلغ مليوني دولار ومشروع بناء القدرات في مجال مشاركة النوع في السلام والأنشطة الاقتصادية بمبلغ 4.4 مليون دولار. ودعا وزير المالية السوداني وفد البنك الزائر إلى تسريع إجراءات واعتمادات المشروعات الجاري تنفيذها عبر البنوك التجارية ومراسليها، مشيرا إلى أهمية إيفاد البنك لخبير اقتصادي من البنك لتصميم خطة إعمار السودان على نسق خطة مارشال، مبينا أن مبادرة الأمن الغذائي العربي لتحقيق تأمين الغذاء للدول العربية.
مشاركة :