إردوغان يتعهد «تلقين الأوروبيين درساً قاسياً» في استفتاء الأحد

  • 4/12/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قبل 5 أيام فقط من موعد الاستفتاء على تعديلات دستورية لتغيير نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى الرئاسي، الذي يوسع من صلاحيات رئيس الجمهورية، واصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حملته على أوروبا التي وصفها من قبل بالنازية والفاشية وبالرجل المريض، قائلا إن الأوروبيين ينزعجون من الإصلاحات الدستورية في تركيا مع أن بلادهم تحكم بأنظمة ملكية. وأضاف إردوغان في كلمة أمام حشد من أنصاره في مدينة شانلي أورفا جنوب تركيا أمس أنه «ربما يشعر الأوروبيون بعسر هضم تجاه الإصلاحات التي تشهدها تركيا، لكننا نعرف أن ذلك يرجع إلى أسباب تاريخية وأن توصيتنا بـ(نعم) لصالح التعديلات الدستورية في الاستفتاء الذي سيجرى الأحد المقبل سيلقن هؤلاء درسا قاسيا لن ينسوه». وعاد إردوغان ليؤكد أنه سيصادق على العودة للعمل بعقوبة الإعدام في تركيا إذا أقرها البرلمان بعد الاستفتاء على تعديل الدستور، وأنه لن يهتم بما يقوله «هانس» أو «جورج» في إشارة إلى الأوروبيين، وإنما سيهتم فقط بما يقوله أحمد ومحمد وخديجة (في إشارة إلى الأتراك). ولوح الرئيس التركي مرارا بعودة عقوبة الإعدام منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي للتخلص من المشاركين في محاولة الانقلاب أو المشتبه في تورطهم فيها والذين تكتظ السجون التركية بالآلاف منهم الآن، قائلا إن الأحزاب المعارضة التركية سبق وأن وافقت على العودة للعمل هذه العقوبة. لكن من شأن العودة للعمل بعقوبة الإعدام التي ألغيت في تركيا عام 2004 في إطار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي أن توقف هذه المفاوضات، لا سيما بعد التوتر الشديد ف العلاقات بين أنقرة وعدد من دول الاتحاد في مقدمتها ألمانيا وهولندا والسويد وسويسرا بسبب منع تجمعات للمواطنين الأتراك بمشاركة وزراء ومسؤولين أتراك، ما جعل إردوغان يتهم هذه الدول بممارسة الفاشية والنازية. وواصل إردوغان أيضا حملته على رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة لرفضه التعديلات الدستورية، قائلا إنه يدعي أن رئيس الجمهورية في ظل النظام الرئاسي لن يكون محايدا بسبب عودة علاقته بحزبه بموجب التعديلات الدستورية، متسائلا ألم يكن مؤسس حزبكم (الشعب الجمهوري) مصطفى كمال أتاتورك رئيسا للجمهورية ورئيسا للحزب في الوقت نفسه فهل فقد حياديته؟، وقال إن من يعارضون النظام الرئاسي هم المنظمات الإرهابية ومن يدعمونها. في السياق نفسه، اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن ثمة من يهاجمون بلاده ورئيسها، لأنها «تكافح كي لا تكون تابعة لأحد»، ولأن رئيسها رجب طيب إردوغان «يقول ما ينبغي قوله». وقال يلدريم في كلمة أمس خلال «ملتقى التجار» الذي نظمه فرع حزب العدالة والتنمية الحاكم، بولاية إزمير غربي البلاد إن إردوغان يقول للقوى الخارجية لا يمكنكم تنفيذ عملية في المنطقة رغما عن تركيا وإن هذا الموقف «الممانع» لم يكن ممكنا في الماضي، بسبب عدم امتلاك تركيا القوة الكافية آنذاك، معتبرا أن تركيا «تخوض نضالا مشرفا كي لا تكون تابعة لأحد»، وأنها ضمانة للاستقرار في المنطقة. ولفت إلى تطوير تركيا قدراتها العسكرية محلياً، وأنه بات بوسعها صناعة مختلف التجهيزات والعتاد اللازمة للدفاع عن أمنها، وأنها قلصت الاعتماد على الخارج في كثير من المجالات. وكشف أن نسبة الاعتماد على الإمكانات المحلية في الصناعات العسكرية، ارتفعت من 24 في المائة إلى 65 في المائة في عهد العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ عام 2002. وأشار إلى أن أنصار المنظمات الإرهابية في أوروبا، يروجون للتصويت ضد التعديلات الدستورية التي تشمل الانتقال إلى النظام الرئاسي، بدعم من قبل بعض دول «القارة العجوز» لكنهم مهما استماتوا من أجل الترويج للتصويت بــ«لا» في الاستفتاء فإن الشعب التركي سيلقنهم الدرس اللازم في صناديق الاقتراع يوم 16 أبريل (نيسان) الجاري. في المقابل، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن العلاقات مع أوروبا يمكن أن تتحسن في حال عدم توددها لليمين المتطرف، وتخليها عن إيواء الإرهابيين والمواقف العدوانية تجاه تركيا ومواطنيها المغتربين. ونفى كالين الادعاءات التي ترددها دول غربية فضلا عن بعض أحزاب المعارضة التركية، القائلة بأن الانتقال إلى النظام الرئاسي إنما هو سعي من قبل الرئيس رجب طيب إردوغان لتأسيس «نظام سلطة الفرد الواحد». ونوه في مقابلة تلفزيونية إلى أنه في حال إقرار التعديلات الدستورية سيتعزز فصل السلطات، وسيكون البرلمان مخولا للمرة الأولى بفتح تحقيق حول ممارسات رئيس الجمهورية، فضلا عن إمكانية التوجه إلى انتخابات رئاسية مبكرة إن تطلب الأمر. وأوضح أن الرئيس يتمتع بحصانة شبه مطلقة في النظام الحالي، ما دام لم يُتهم بـ«الخيانة الوطنية». وأوضح كالين أن تحميل مسؤولية التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي لكلا الطرفين بشكل متساو لا يعكس الحقيقة، متهما الكثير من الدول الأوروبية باحتضان منظمات إرهابية تورطت في سفك دماء الأبرياء في تركيا. وبدوره، انتقد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولمش مواقف بعض الدول الأوروبية تجاه تركيا قائلاً: «أوروبا أقدمت على خطوات لم تقدم عليها في تاريخها، فبعض الدول الأوروبية تدخلت بشكل مباشر في شؤون تركيا الداخلية وأصبحت طرفاً في الاستفتاء على التعديلات الدستورية». وأضاف في مقابلة تلفزيونية أمس أنّ التيارات العرقية والحركات النازية الآخذة بالتصاعد في عموم القارة الأوروبية، تؤثّر بشكل كبير في سياسات الاتحاد الأوروبي. وفي السياق ذاته، أعلنت وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية التركية، فاطمة بتول صيان كايا عزمها رفع دعوى قضائية ضد هولندا، على خلفية منعها من التوجه لمقر قنصلية بلادها في مدنية روتردام، لعقد لقاءات مع الجالية ودبلوماسيين أتراك هناك، في مارس (آذار) الماضي. وأضافت أن ما عاشته في هولندا لا يتماشى أبدا مع الأعراف الدبلوماسية وأن ما تعرضت له من معاملة في هولندا وأزمة اللاجئين أظهرت أن الاتحاد الأوروبي بات بعيداً عن قيمه. من جانبه، استبعد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن يؤدي الاستفتاء إلى تخفيف حدة التوتر في علاقات تركيا مع الاتحاد، كما أنه يمثل مجازفة بالقضاء على سعي أنقرة للانضمام إلى عضويته. وقال المسؤولون إنه حتى إذا لم يوافق الناخبون على منح إردوغان الرئاسة التنفيذية التي يريدها في استفتاء يوم الأحد فسيلحق ضررا بالديمقراطية والنظام القضائي في تركيا ومن المرجح أن يمارس الرئيس ضغطا أكبر على منتقديه. بدوره، قال مارك بيريني سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى تركيا، والذي يعمل الآن بمركز كارنيغي أوروبا: «ما من نتيجة طيبة». وأضاف: «ثمة فجوة واسعة بين القادة الأوروبيين وإردوغان، ولا أرى أن من الممكن إصلاحها بسهولة». وتوقع أن يحدث «صمت مهذب» من جانب الاتحاد الأوروبي في حالة فوزه في الاستفتاء، حسب ما نقلت عنه وكالة رويترز للأنباء. ويقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن التصورات الأخرى قاتمة أيضا. وإذا ما كانت نتيجة الاستفتاء موضع نزاع فمن المرجح أن تنذر بفترة من عدم الاستقرار وربما بالمزيد من العنف. أما الخسارة بفارق بسيط فستبقي على إردوغان في منصبه، إذ لا خلاف على مكانته كسياسي صاحب أكبر شعبية في تركيا. وقال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه قد يقدم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر حاليا أن تجري في 2019 سواء كانت نتيجة الاستفتاء فوزا أم هزيمة. إلا أن التصور المثالي من وجهة نظر بروكسل هو حدوث فترة من الهدوء في أعقاب الاستفتاء تتيح للاتحاد الأوروبي وتركيا إعادة ضبط العلاقات وتحديث الاتحاد الجمركي الذي يربط الطرفين، بل وربما تخفيف قواعد التأشيرات لسفر الأتراك إلى دول الاتحاد. وقال المسؤول أوروبي إن من الشروط الواجب تحققها لكي يحدث ذلك انفراج محادثات إعادة توحيد شطري قبرص، حيث تواجه تركيا كلا من نيقوسيا وأثينا. وأضاف: «لا توجد نتيجة طيبة بالكامل لنا في أي حال من الأحوال. لكن بعض السيناريوهات ستكون أسوأ من غيرها»، وتوقع أن يعمد إردوغان إلى مراجعة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أيا كانت النتيجة.

مشاركة :