موسكو - يلتقي وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الأربعاء في موسكو نظيره الروسي سيرغي لافروف لإجراء محادثات يتوقع أن تكون صعبة بعد احتدام السجال في الساعات الأخيرة بين الدولتين بشأن الهجوم الكيميائي على خان شيخون في سوريا. ويجتمع تيلرسون الذي وصل بعد ظهر الثلاثاء إلى العاصمة الروسية، مع لافروف اعتبارا من الساعة الثامنة ت غ. في المقابل، لم يعلن في الوقت الحاضر عن أي لقاء مرتقب مع الرئيس فلاديمير بوتين. وكان الهدف أساسا من هذه الزيارة الأولى لمسؤول كبير في الإدارة الأميركية الجديدة إلى روسيا، أن ترسي الأسس لـ"تطبيع" العلاقات بين البلدين، وفق ما تعهد به الرئيس دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية. غير أن الهجوم الكيميائي على خان شيخون أعاد خلط أوراق النزاع في سوريا ولا سيما بعدما حمل ترامب على إصدار أمر بتنفيذ ضربة صاروخية ضد القوات السورية التي تتهمها واشنطن بتنفيذ الهجوم، ما شكل تحولا في موقف الرئيس الأميركي من النزاع في سوريا. وأثارت هذه المسألة تصعيدا جديدا في التوتر بين واشنطن وموسكو، زاد من أجواء الحرب الباردة المخيمة بين القوتين. في واشنطن، صرح وزير الدفاع جيم ماتيس الأربعاء أن الولايات المتحدة ليس لديها "أي شك" في أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد هو المسؤول عن الهجوم الكيميائي الذي استهدف خان شيخون في ريف ادلب (شمال غرب) في الرابع من نيسان/ابريل الجاري موقعا 87 قتيلا بينهم عشرات الأطفال. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر حتى إن بشار الأسد أسوأ من أدولف هيتلر، في تصريح اضطر إلى التراجع عنه على وجه السرعة وتقديم اعتذار إزاء سيل الانتقادات الذي واجهه لما فيه من مغالطة تاريخية. وكان مسؤول أميركي كبير طلب عدم كشف هويته، اتهم في وقت سابق روسيا "بإشاعة الإرباك في العالم" بشأن دور النظام السوري في الهجوم، مشيرا إلى أن موسكو تحاول بشكل منهجي إبعاد التهمة عن النظام وإلصاقها بالمعارضة وتنظيم الدولة الإسلامية. ودعا مسؤول كبير آخر إلى طرح السؤال على الروس عن احتمال تواطئهم في الهجوم. تصويت في مجلس الأمن في مجلس الأمن، عرضت الولايات المتحدة مشروع قرار جديدا يطالب النظام السوري بالتعاون مع تحقيق دولي في الهجوم الكيميائي. ومن المقرر أن تجري عملية التصويت في الساعة 19.00 ت غ لكن دبلوماسيين توقعوا أن تستخدم روسيا حق النقض ضد النص. وستكون هذه المرة الثامنة التي تفرض فيها موسكو الفيتو على تحرك للأمم المتحدة ضد حليفها السوري. وناقش مجلس الأمن الأسبوع الماضي ثلاثة مشاريع قرارات منفصلة ردا على الهجوم الكيميائي، لكنه فشل في التوافق عليها ولم يطرح أي منها على التصويت. وتتمسك روسيا من جهتها بخط واضح، إذ تشير بالاتهام إلى الفصائل المقاتلة، مؤكدة أن الجيش السوري لم يعد يملك أسلحة كيميائية منذ تفكيك ترسانته تحت إشراف دولي بموجب اتفاق روسي أميركي. وسخر بوتين حتى من الولايات المتحدة، معتبرا أنها تسعى لتكرار سيناريو الأدلة الكاذبة عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، والتي شكلت ذريعة عام 2003 لاجتياح البلاد وإطاحة صدام حسين. وحذر بوتين من "استفزازات" اتهم الفصائل المقاتلة بالتحضير لها بالأسلحة الكيميائية لتوجيه التهمة لاحقا إلى الأسد. مواجهة وبمعزل عن مسألة الهجوم الكيميائي في خان شيخون، يحمل تيلرسون لروسيا رسالة حازمة من دول مجموعة السبع التي ترى أن "لا مستقبل ممكنا لسوريا مع بشار الأسد". وتساءل تيلرسون "هل يخدم هذا التحالف مصالح روسيا على المدى الطويل؟ ألا تفضل روسيا أن تكون إلى جانب الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى ودول الشرق الأوسط التي تسعى إلى حل الأزمة السورية؟" وفي ظل تصعيد اللهجة بين البلدين إلى مستوى التوتر الذي كان مخيما في الأشهر الأخيرة من رئاسة باراك أوباما، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أنه يجب عدم فهم تصريحات تيلرسون على أنها "إنذار"، بل مجرد "إعلان سياسي" يعكس "عرض قوة قبل إجراء مفاوضات". وعرضت موسكو بوضوح أهدافها من خلال اللقاء، معربة عن أملها في إجراء "مفاوضات مثمرة" من أجل إحلال أجواء من "التعاون البناء" وليس قيام "مواجهة" مع الولايات المتحدة. كما يشمل جدول أعمال المحادثات التي سيجريها تيلرسون مكافحة الإرهاب واليمن وليبيا وأفغانستان والنزاع في أوكرانيا. وتسبق هذه الزيارة لقاء يعقده لافروف مع وزيري الخارجية السوري وليد المعلم والإيراني محمد جواد ظريف نهاية الأسبوع في موسكو.
مشاركة :