صحيفة وصف : عادت فتوى “الشيخ عبدالله المنيع” عضو هيئة كبار العلماء، بجواز عمل المرأة في مهنة “مأذون أنكحة”، لتثير الجدل من جديد بين مؤيد لها شرعًا، وبأنها ستفتح المجال لخريجات الشريعة للعمل في هذه الوظائف، ومعترض عليها اجتماعيًّا بسبب العادات والتقاليد وحضور المرأة بين الرجال. والشيخ “المنيع” يؤكد في فتواه عدم وجود أي مانع شرعي في حال قررت وزارة العدل السماح للمرأة بالعمل مأذونة أنكحة؛ الأمر الذي فتح بابًا واسعًا للجدل حول موقف الشرع، والمجتمع من تعيين امرأة كـ”مأذونة أنكحة” ومدى تقبل المجتمع للنساء لأداء تلك الوظيفة. حول ذك يقول الباحث الشرعي “أحمد بن قاسم الغامدي”: “أويد كلام الشيخ المنيع في فتواه؛ كلام الشيخ عبدالله بن منيع صحيح وليس عليه غبار؛ لأن عمل المأذونية عمل توثيقي فقط ينحصر في ضبط المعلومات والبيانات اللازمة للزوجين، والشروط التي بينهما وقدر المهر، وهذه الأمور ضبطية كتابية يقوم بها الرجل والمرأة ولا فرق”. وأضاف: “والولي هو الذي يعقد النكاح بقوله للخاطب: زوجتك فلانة، والمأذونة تضبط ذلك كتابيًّا في دفترها العدلي فقط وتضبط منه أنموذج عقد النكاح المعتمد في المحاكم الشرعية، وتصادق عليه المحاكم كالمتبع. وفِي اعتقادي أن قيام النساء بهذا العمل أفضل بكثير من قيام الرجال به؛ لأن المرأة تستطيع أن تتحقق من المخطوبة وصفتها الشخصية وتضبط بياناتها وتتحقق من رضاها بالخاطب وتضبطه بشكل فعلي لا يقبل الشك”. وبين “الغامدي”: إن هذا أيضًا يفتح مجالًا لنوع من الأعمال النسائية في المجتمع، ويحقق للعاطلات من خريجات الشريعة وظائف ودخلًا، كما أنه يفتح بابًا لتقليص العنوسة في المجتمع والتحقق من أوجه التوافق مع الخطاب لقدرة المرأة على مباشرة هذه الأعمال داخل الأسر، والمساعدة في أن يكون قرار الارتباط سليمًا، هذا إذا أضيف للمأذونات من النساء هذا الدور الاجتماعي في البحث للراغبات في الزواج عمن يناسبهن”. وختم حديثه: “فالخلاصة: أن المأذونية للمرأة لا تتعدى كونها كاتبة موثوقة لدى المحاكم؛ تقوم بضبط عقود النكاح على ضوء الدفتر المعتمد لضبطه، ونموذج العقد المعتمد، وهذا أمر إداري تستوي فيه المرأة والرجل، ولا يتعلق بالولاية في النكاح، وليس في الشرع ما يمنع قيام المراة بذلك؛ بل كما أسلفت: في قيام المرأة به مزيد من الضبط لأمور قد يتعسر على المأذون من الرجال ضبطها، فضلًا على الدور الاجتماعي الأكثر صدقًا وقوبل في تحقيق التوفيق بين الراغبات والراغبين الذي يمكن أن تساعد فيه المرأة من خلال عملها في المأذونية. أما الكاتبة “ريم سليمان” فرأت أن ذلك مناسب في حال تم تأهيلها بشكل مناسب. وتقول لـ”سبق”: “أعتقد أن المرأة السعودية مؤهلة اليوم للعمل كمأذونة أنكحة، وهي بذلك تشارك في دور لها فيه حق شرعي، فقد أجاز “أبو حنيفة” -رحمه الله- عملَ المرأة قاضيةً في غير الحدود، كما أجاز الإمامان “الطبري، وابن حزم” لها العمل في القضاء مطلقًا، وفقه ابن حزم -كما تعلمون- يعتمد على الأدلة النصية فقط. وأضافت: “وفي الحقيقة لا يوجد نص صريح يحرم عمل المرأة في القضاء، بينما اعتمد المانعون على الاستنباط، كما أن الكثير من الشواهد المعاصرة يؤكد صلاحية عمل المرأة في القضاء، وبما أن الأمر فيه خلاف وآراء متعددة كان ذلك دليلَ سعةٍ ،كما أعتقد أن أهم ما تحتاجه المرأة اليوم هو بيئة عمل مناسبة تمكنها من أداء دورها على أكمل وجه، وفي ذات الوقت تكون مهيأة ومناسبة تحميها مثلًا من التحرش وتحفظ لها علاقتها ببيتها وأولادها. أما الكاتبة “خلود ناصر” فأيدت الفكرة بشروط؛ حيث قالت لـ”سبق”: “بالنسبة لي أويد عمل المرأة كمأذونة أنكحة إذا توفرت لديها الشروط الواجب توفرها في مأذون الأنكحة؛ حيث إن المرأة أثبتت قدرتها في عدد من الوظائف فقط تحتاج إلى الدعم والمؤازرة، كما أنها قد تكون عونًا للمرأة في تقديم المشورة والنصح في بداية الحياة الزوجية”. وأظهر استفتاء قام به المذيع والإعلامي “علي الغفيلي” في “تويتر” رفض “74 %” من المغردين عمل المرأة كمأذونة أنكحة، فيما وافق “26 %” فقط. وعارض المواطن “ياسر القوسي” قائلًا: هل انتهت الوظائف لكي تعمل مأذونة أنكحة؟ أم انقرضوا الرجال، أم إن الرجال قد قصروا في العمل؟ لا أجد أي سبب لكي تعمل المرأة مأذونة أنكحة، وظيفة مأذون أنكحة تحتاج إلى رجل صالح، ولا أظن أن المرأة تخالط الرجال. وترفض “فوزية الغامدي” وهي مدربة معتمدة في التنمية البشرية، الفكرة، وكتبت: ماذا بقي لها من مهن أيضًا؟، وتتساءل: كيف تعقد عند الرجال؟ وكيف تجلس بينهم تسأل وتأخذ وتعطي؟ ووافقها الرأي المواطن “محمد العتيبي”، قائلًا: “ كيف يجوز لها تكون مأذونة أنكحة وفي الأصل محرم شرعاً مقابلة المرأة؟”. وتساءل الكاتب “يوسف أبا الخيل”: إذا كان يجوز للمرأة العمل كـمأذون أنكحة، كما هي فتوى الشيخ ابن منيع، فكيف يجتمع مع هذه الفتوى الحكم بعدم جواز أن تعقد لنفسها؟ هي أفكار تتطور مع الزمن، ولا علاقة لها بجوهر الدين. وقال أستاذ العلوم الشرعية “الشيخ سعود المليحان” : “فتوى الشيخ المنيع لا تخالف نصوصًا شرعية لا في الكتاب والسنة، ولا يوجد مانع شرعي يحرم ذلك”. وأضاف: بما أن عمل المأذون مجرد توثيق عقود النكاح التي اتفق عليها أطراف العقد من قبل؛ فلا حرج، شريطة أن تلتزم بالضوابط الشرعية في لباسها وحديثها بحضرة الرجال، وبين عملها يكون توثيق عقد النكاح الذي تكون أطرافه: ولي الزوجة، والزوج، والزوجة، والشاهدين، وتقيد الشروط والصداق؛ فلا مانع شرعيًّا يمنع عملها إذا كانت مؤهلة علميًّا وشرعيًّا؛ لذلك وكذلك اطلاع المرأة على الزوجة وموافقتها يكون أسهل عندما تكون المرأة مأذونة. (1)
مشاركة :