«كارنيجى»: الذئب المنفرد «جامد العقل» لا يستطيع استيعاب المواقف المعقدة
«الكمون» ثم «الانتشار» و«التوغل»، وأخيرًا «الضربة الشاملة»، هى الاستراتيجية التى ينفذها داعش الآن، وهو التنظيم الذى اختلف عن كل سابقيه، باستطاعته خلق مجموعات كامنة.
فى داعش يوجد ما يسمى «فريق التوجيه للجهاد الفردى الكامن»، هو فريق متخصص فى تقديم إرشادات للذئاب الفردية، وقد أصدر دراسة تعمق فيها فى كيفية صناعة الجنود الكامنين.
مما جاء فى الدراسة: إن العمليات الفردية لم تعد ظاهرة طارئة، بل نهج لكل من القاعدة وداعش، والأرجح أن ما يسمى الجهاد الفردي، هو الوريث الشرعى لـ«داعش» بعد سقوطها فى مركزها، بعد تلك العمليات التى أصابت أوروبا والعالم، نتيجة اعتماد التنظيمات الإرهابية ومنها داعش على (الذئب المنفرد)، والسؤال (من هو الذئب وكيف يكون منفردًا؟) بكثير من الأجوبة، التى أفرد لها كثير من المتخصصين دراساتهم.
فى البداية، كان التعريف الأشمل للذئب، هو أنه الشخص الذى يميل إلى العنف، عبر مجموعة من الدوافع، سواء نفسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية.
معهد الاتحاد الأوروبى للدراسات الأمنية، سلط الضوء على عدة مبادئ أساسية فى تعريف ظاهرة «الذئب المنفرد»، وهى أنه لا يتلقى دعمًا ماديًا مباشرًا من أى تنظيم، ويعمل وحيدًا، وأن من ينفذ العملية الإرهابية يجب أن يكون شخصًا منفردًا، وليس اثنين أو شبكة صغيرة، وأنه يمكن أن يكون متعاطفًا مع جماعة إرهابية ما، أو ينتمى إلى نفس أيديولوجية هذه الجماعة، لكن يجب ألا يكون جزءًا من هيكلها التنظيمي.
فى كتاب، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة ليزلى واستشارى علم النفس فى مركز بوسطن الطبي، أليس لوسوسير، (لماذا يتحول الأطفال الطيبون إلى إرهابيين؟)، ذكرت أن الذئب يكون إرهابيًا منفردًا، بسبب غياب الدعم الأسرى.
أما عالم النفس لورانس شتاينبرج، فرأى فى دراسة له، أن أغلب حالات الذئاب المنفردة، بسبب أن الأبوين دائمي الانشغال، أو يميلان إلى ترك أولادهما لتحمل المسئولية كاملة حتى النهاية.
أما عالم النفس الإيرانى «فضل الله المقدم» فأشار إلى مجموعة من الخطوات يعتمد عليها الشخص من أجل الإرهاب؛ ففى البداية يكون الشخص مدركًا خطورةَ ما يفعله، ويزداد الضغط النفسى عليه، وعندها يبدأ بتحويل المسئولية إلى كيان خارجي، ثم يبرر لنفسه بأن الوسيلة للوصول إلى المجتمع الأمثل هو استخدام العنف والأساليب الراديكالية، وأنه مضطر لهذه الأساليب وليس باختياره.
معهد «كارنيجى» فى دراسة أخرى أشار إلى أن الذئب المنفرد أحادى الرؤية، حيث يميل الأشخاص فى سن المراهقة أو بداية الشباب إلى تصنيف الأفعال على أنها خطأ أو صواب، أو أن الشخص طيب أو شرير، ولا يستطيع استيعاب المواقف المعقدة، على غرار أن الشخص قد يرتكب خطأ ضخما، وفى الوقت نفسه يقوم بأفعال جيدة، وأن الفرد عندما يمر بتغيير مفاجئ تحدث فجوة ما بين حياته قبل التغيير وحياته بعد التغيير، ويحاول العقل سد هذه الفجوة بكل السبل، وقد يبدو الشخص طبيعيا ويتفاعل مع مجتمعه وأصدقائه، بيد أنه تظل بداخله حالة من عدم التأقلم والرفض والسخط، وفجأة يتحول لذئب إرهابي.
وضرب «كارنيجى» المثل لخطورة الذئب المنفرد وأنهم ليسوا كلهم مسلمين، بـ«تيد كاتشينسكي»: هو أحد أكثر الذئاب المنفردة موهبة على الإطلاق؛ حيث خطط ونفذ خريج جامعة هارفارد وعالم الرياضيات السابق، ١٦ تفجيرًا منفصلًا على مدار ١٧ عامًا، مما أسفر عن مقتل ٣ أشخاص، وإصابة ٢٣ آخرين ليحصل مكتب التحقيق الفيدرالى الأمريكى على أطول وأغلى تحقيق فى تاريخه، و«تيموثى ماكفي»، وهو شخص يمينى متطرف، وجندى سابق فى الجيش الأمريكي، كان العقل المدبر وراء تفجير مدينة أوكلاهوما، فى ١٩ إبريل ١٩٩٥، والذى أسفر عن مقتل ١٦٨ شخصا، وإصابة أكثر من ٥٠٠ آخرين، و«نضال مالك حسن»، وهو ضابط عمل فى الفيلق الطبى بالجيش الأمريكي، وتمت إدانته فى حادث إطلاق نار على زملائه فى مركز «فورت هود» بولاية تكساس، فى ٥ نوفمبر ٢٠٠٩، حيث قتل ١٣ شخصًا، وأصاب ٣٢ آخرين.
مشاركة :