الأزمة الليبية ملف مؤجل في الأجندة الدولية

  • 4/13/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الأزمة الليبية ملف مؤجل في الأجندة الدوليةتقف الأوضاع في ليبيا عند مفترق حاد قد يهوي بالأوضاع إلى أتون الفوضى المطلقة. ويرى تقرير للمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) أن فشل حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في فرض سلطاتها يؤجج احتدام صراع الشرعية مع برلمان طبرق وحكومة الإنقاذ الموازية بالعاصمة طرابلس من ضبابية المشهد خاصة مع تصاعد المواجهات المسلحة بين الميليشيات والذي يترافق مع تقلص أدوار الفاعلين الدوليين على خط الأزمة.العرب تيم إيتون [نُشر في 2017/04/13، العدد: 10601، ص(7)]انفجار لم يحن وقت إخماد نيرانه لندن - قبل سنة دخل فايز السراج، رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا (صحبة سبعة أعضاء من المجلس الرئاسي) طرابلس على متن فرقاطة بحرية. واعتبار مجرد دخول السراج إلى المدينة التي هي المقر الرسمي لحكومته نجاحا يعطي فكرة واضحة على حجم التحديات التي واجهها. وبعد مرور اثني عشر شهرا بالكاد تغير شيء في حكومة الوفاق الوطني، إنها لا تملك إلا القليل من السلطة وشرعية محدودة في أعين الكثير من الليبيين وهي تعول على مجموعة من الميليشيات التابعة لمدينة طرابلس لحمايتها. كما أن وجود فراغ مماثل في التعهد الدولي ساهم في تصاعد الصراعات بين المجموعات المسلحة ومنح الفرصة لروسيا للتدخل وزاد في جرأة الجيش الوطني الليبي المنافس في الشرق. وفي حين أن حكومة الوفاق الوطني قد تصمد في الأثناء، فمن الواضح أنها في شكلها الحالي لا تفعل أكثر من إخفاء الصدوع. وكلما طالت مدة الفراغ الدولي زاد حجم خطر التصعيد العسكري.موسكو تساند قوات حفتر في الشرق وتسعى في الوقت نفسه إلى الحصول على فرص استثمارية مع المؤسسات في طرابلس نجاحات قليلة حققت حكومة الوفاق الوطني عددا قليلا جدا من الإنجازات التي يمكنها التباهي بها. في الأوساط الدولية لقي التخلص من داعش بالتأكيد اهتماما جيدا من الصحافة، لكن على الصعيد المحلي غلب على مثل هذه النجاحات فشل حكومة الوفاق في توفير الخدمات الأساسية لشعب ضجر ما انفكت خيبة أمله تزداد. يعود السبب الأساسي لهذا الوضع إلى تشنج العلاقة بين حكومة الوفاق الوطني وأهم مؤسسات الدولة. إذ كافحت الحكومة من أجل الحصول على الموافقة على الميزانيات وخطط الإنفاق مع البنك المركزي الليبي، في حين واصلت المؤسسة الوطنية للنفط في التعامل مع كل من حكومة الوفاق في طرابلس ومجلس النواب في المنطقة الشرقية من أجل تفادي الانحياز إلى طرف معين. كذلك تأثرت محاولات حكومة الوفاق الوطني بوضعها القانوني المشكوك فيه، فبالرغم من اعتراف المجتمع الدولي بها لم تحصل على اعتراف مجلس النواب، وهو ما يعني أن الحكومة لم تحصل على المصادقة التقنية باعتبارها الجهاز التنفيذي للدولة الليبية. وفي مثال واضح على الطعن في شرعية الحكومة رفضت محكمة في طرابلس اتفاقية أمضاها السراج مع الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا معللة ذلك بأن حكومة الوفاق ليس لها أي وضع قانوني. وحاليا تجد ليبيا نفسها دون جهاز تمثيلي يملك وضعية قانونية واضحة بما أن الفترة النيابية لمجلس النواب قد انقضت. كان لهذه الإخفاقات إلى جانب الصراع المتواصل في عدة أنحاء من البلاد آثارا عميقة على الاقتصاد الليبي. حيث تفشى التضخم ويقدر بين 30 و40 بالمئة، وفي الوقت نفسه انهارت منظومة الدعم الحكومي للبضائع الأساسية مثل الخبز والأرز والسكر والدقيق. وفي خضم أزمة سيولة متفاقمة تجد الكثير من الليبيين يكافحون بطريقة لم يتعودوا عليها في هذا البلد الغني بالنفط. وزادت المعارك بين الميليشيات في تعقيد الوضع حيث حدث في يناير الماضي انقطاع للتيار الكهربائي نتيجة للخلافات بين بعض الميليشيات وامتد على طول 900 كلم من الحدود التونسية غربا إلى أجدابيا شرقا.ميليشيات تتصارع التصعيد العسكري في سنة 2017 حدث تصعيد في الصراعات بين المجموعات المسلحة. في الشرق يواصل خليفة حفتر والجيش الليبي المضي قدما على إثر إعادة الاستيلاء على ميناءي السدر ورأس لانوف بعد افتكاك الميليشيا الإسلامية لهما لمدة قصيرة. ويعدّ هذان الميناءان مكسبا مهما حيث يتم نقل ستين بالمئة من النفط والغاز في ليبيا عبرهما. وفي مارس وعلى إثر عدة أيام من القتال العنيف تمكنت ميليشيات محلية من طرابلس من طرد ميليشيات مصراتية متحالفة مع خليفة الغويل. وساهم ذلك في صراع على السلطة داخل مصراتة نفسها بين المتشددين الذين يدعون من بين ما يدعون إلى العودة إلى طرابلس بالقوة لإعادة تنصيب غويل رئيسا للحكومة وآخرين يساندون حكومة الوفاق الوطني بشكل كبير. إذا شنت الميليشيات المصراتية هجوما على طرابلس فذلك قد يجعل الحياة على حكومة الوفاق مستحيلة. تحدث هذه التطورات المقلقة مع ظهور فراغ داخل المجتمع الدولي خاصة في ظل اقتراب نهاية التفويض الممنوح للممثل الأممي الخاص إلى ليبيا مارتين كوبلر وإلى الآن لم يظهر إعلان رسمي يتعلق بتعويضه، وهناك إشاعات تقول إن روسيا عارضت آخر مترشح وهو ريشارد ويلكوكس مما يترك كوبلر دون خلف له في هذه المهمة. وتم تسجيل تراجع اهتمام السياسة الأميركية بليبيا منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب الذي لم توضح إدارته وجهة نظرها حول ما يجري في هذا البلد الشمال أفريقي. وتجدر الإشارة إلى أن المبعوث الخاص لإدارة أوباما لم يتم تعويضه وكذلك الشأن بالنسبة إلى الكثير من الوظائف الكبرى داخل وزارة الخارجية. وأدى غياب قيادة واضحة من واشنطن إلى تخليها عن دورها كمنسق لردات الفعل الدولية في ليبيا. ويبدو أن الدول الأوروبية ليست لها رغبة في تسلم المشعل إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة بعد تخليهما عن المسؤولية. وفي الوقت نفسه أدى الفشل الواضح في تقديم الدول المجاورة (مصر والجزائر وتونس) لمبادرة جدية إلى غياب حوار رسمي مفتوح حاليا بين شرق ليبيا وغربها. وأتاح هذا الفراغ الفرصة لروسيا لزيادة تدخلها، وهكذا تبدو موسكو أكثر حضورا في البلاد فهي تعد بمساندة سياسية وعسكرية لقوات حفتر في الشرق بينما تسعى في الوقت نفسه إلى الحصول على فرص استثمارية مع المؤسسات الحكومية في طرابلس. ودون تعهد ومشاركة قويين من قبل المجتمع الدولي قد يستخلص الفاعلون الأقوياء أيضا بأنه من الأفضل محاولة تحسين موقعهم على الأرض بالتوصل إلى اتفاق من أجل خدمة مصالحهم، وهذا طريق يؤدي إلى المزيد من العنف وعدم الاستقرار. باحث بتشاتام هاوس

مشاركة :