عرقلت روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس (الأربعاء) جهوداً غربية لإدانة هجوم مميت بالغاز السام في سورية، فيما اتفقت مع الولايات المتحدة على مواصلة التعاون لمحاولة إيجاد حل سياسي في سورية، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثات مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون. واعترضت روسيا على مشروع قرار أيدته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا يندد بالهجوم الذي وقع في بلدة خان شيخون ويطالب حكومة الأسد بالسماح بدخول محققين وتقديم معلومات عن خطط الطيران. وهذه هي المرة الثامنة التي تستخدم فيها موسكو حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن لحماية النظام السوري خلال النزاع المستمر منذ ستة أعوام في سورية. وقال نائب المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف إن مشروع القرار أنحى باللائمة على الحكومة السورية قبل إجراء تحقيق مستقل. وأضاف: «أنا مندهش من الوصول لهذه النتيجة. موقع الجريمة لم يزره أحد حتى الآن. كيف عرفتم ذلك؟»، معتبراً أن «الهجوم الأميركي على القاعدة الجوية السورية انتهك المعايير الدولية». واعتبرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أن روسيا تعزل نفسها بدعمها للرئيس السوري بشار الأسد وأنه كان يتعين على موسكو «منذ وقت طويل مضى أن تكف عن توفير غطاء للأسد». وقالت للبعثة الروسية إلى مجلس الأمن «إنكم تعزلون أنفسكم عن المجتمع الدولي في كل مرة تلقي فيها إحدى طائرات الأسد برميلاً متفجراً على المدنيين وفي كل مرة يحاول فيها الأسد تجويع جماعة أخرى من السكان حتى الموت». وامتنعت الصين عن التصويت اليوم إلى جانب إثيوبيا وكازاخستان. وكانت الصين استخدمت حق النقض من قبل على ستة قرارات في شأن سورية منذ بدء النزاع. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لم يفاجأ بامتناع الصين عن التصويت. وأيدت عشر دول مشروع القرار في حين انضمت بوليفيا إلى روسيا في التصويت بالرفض. وأبلغ ماثيو رايكروفت سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن أن علماء بريطانيين أجروا اختبارات على عينات أخذت من موقع الهجوم وتبين وجود غاز السارين. وحمل حكومة الأسد المسؤولية. وذكر سفير سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن سورية أرسلت عشرات الرسائل إلى مجلس الأمن يتضمن بعضها تفاصيل عن «تهريب السارين من ليبيا عبر تركيا على متن طائرة مدنية بواسطة مواطن سوري». وقال ديبلوماسيون إن روسيا قدمت مشروع قرار منافساً يعبر عن القلق من الهجوم بالغاز الذي وقع الأسبوع الماضي ويندد بالضربة الأميركية على سورية. ولم يتضح إن كانت موسكو تنوي طرح مشروع القرار للتصويت. وتقول القوى الغربية إن الهجوم بالغاز نفذ من الجو وإن المعارضة السورية المسلحة لا تملك أي طائرات. ودفع الهجوم بالغاز السام الذي وقع في الرابع من نيسان (أبريل) الولايات المتحدة إلى شن ضربات صاروخية على قاعدة جوية سورية وتوسيع هوة الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا. وقال لافروف في مؤتمر صحافي بعد إن بعض التقدم تحقق في شأن سورية وإنه سيجري تشكيل مجموعة عمل لدرس تحسن العلاقات المتردية بين الولايات المتحدة وروسيا، موضحاً أن الرئيس فلاديمير بوتين قال إن موسكو على استعداد لاستئناف الاتفاق الأميركي الروسي للسلامة الجوية فوق سورية بعد أن جرى تعليقه في أعقاب الهجوم الصاروخي الأميركي على سورية الأسبوع الماضي. وأوضح وزير الخارجية الروسي أن بلاده لا تعلق آمالها «على الأسد أو أي شخص آخر في سورية»، مؤكداً أن روسيا تريد عملية سياسية سلمية. وحذر من أن «أي محاولة للإطاحة بالحكومة السورية لن تسهم إلا في مساعدة متشددي الدولة الإسلامية (داعش)». وشدد لافروف في وقت سابق على أهمية عدم السماح بتكرار الضربات الأميركية في سورية. وأضاف أن الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة على قاعدة جوية سورية الأسبوع الماضي غير قانونية. من جهته، أوضح تيلرسون أن العلاقات «وصلت إلى مستوى متدن مع تراجع في الثقة». ودعا إلى رحيل الأسد عن السلطة. وتابع «ليس لدينا معلومات مؤكدة تشير إلى ضلوع القوات الروسية في الهجوم الكيماوي»، مشدداً على أن «الهجوم جرى بتخطيط وتوجيه وتنفيذ قوات الحكومة السورية». وكان الناطق باسم «الكرملين» ديمتري بيسكوف قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استغل اجتماعاً مع وزير الخارجية الأميركي في موسكو أمس، ليطرح وجهات نظره في شأن أسباب وصول العلاقات الأميركية - الروسية إلى هذا المستوى من التدني. وأضاف أن نبرة الاجتماع كانت «بناءة إلى حد ما». من جهته، قال ترامب خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الوقت حان لإنهاء الحرب الأهلية في سورية. وتراجع ترمب عن قوله السابق إن «(حلف الأطلسي) عفا عليه الزمن»، موضحاً أننه «لم يعد كذلك»، مضيفاً أن الحلف يتكيف مع المهمة الأوسع نطاقاً ضد «داعش». وتحقق بعثة لتقصي الحقائق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية في الهجوم الذي تنفي الحكومة السورية المسؤولية عنه والذي نفذ في منطقة تسيطر عليها المعارضة في إدلب شمال سورية وأودى بحياة ما لا يقل عن 87 شخصاَ كثير منهم أطفال. وفي حال تأكيد استخدام السلاح الكيماوي سيتكفل فريق تحقيق مشترك من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بفحص الواقعة لتحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم. وتوصل هذا الفريق بالفعل إلى أن قوات الحكومة السورية مسؤولة عن ثلاث هجمات بغاز الكلور في الأعوام 2014 و2015 وأن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) استخدم غاز الخردل.
مشاركة :