عبد الحليم حافظ يصدح في لوحات 70 فناناً

  • 4/14/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت: سهيلة ناصر في محاولة للتذكير بزمن الفن الجميل، ولتأكيد أن صوت عبد الحليم حافظ لا يزال يصدح، ويشكل حالة رومانسية تعذر على أي فنان آخر سد فراغها، بعد 40 عاماً على وفاته. شارك 70 فناناً من لبنان والدول العربية بلوحات في معرض عن العندليب الأسمر وحياته وأفلامه وصوره وأغانيه ومسيرته الفنية، فيما يشبه «تظاهرة ثقافية» أقيمت في «قصر الأونيسكو» ببيروت.اللوحات تنوعت فيها التيارات الفنية المختلفة، وتميزت بألوانها النابضة بالحياة وجمالية نابعة من الأغنيات التي لا تزال قابعة في وجدان الناس. توزعت أعمال المشاركين، من مختلف الأعمار والمدارس؛ حيث صورت ريشة كل واحد منهم الفنان الراحل، كما يراه، في وجدانه وذاكرته، بين لوحات بورتريه نجح البعض في سبر أعماق الفنان وإبراز شخصيته في ملامح وجهه، إلى جانب اللوحات التعبيرية التي تميزت بألوانها وطريقة عرضها مع أشهر الأغنيات. شكّل المعرض تحدياً للرسامين في إبراز قدرات كل منهم في الإبداع بتقديم مادة تشكيلية تغني الحدث، خصوصاً أن بينهم من يملك التجربة والخبرة، في حين برز بعض الهواة بلوحات مميزة، وتفاوتت الأعمال المعروضة بين المنقولة عن صور فوتوغرافية وأخرى أظهرت الخيال المشهدي عند الرسام للتعبير عن المناسبة بالخروج من حيّزها الضيق.ضمن الأعمال المشاركة، برزت الرسامة ليديا بارود في رسم عبد الحليم الإنسان مستوحية من أغانيه ألوان لوحتها؛ حيث تقول: «اعتمدت الأحمر القاني للدلالة على العذاب والقهر في حياته، والألوان الفاتحة لأبرز الشفافية في غنائه». إبداع تشكيلي آخر بتوقيع الرسام نبيل رضوان، من خلال لوحة زيتية؛ حيث بدا العندليب وكأنه يصدح غناء وسط الحضور، وأخرى للفنان علي جباعي حين جمع 3 لوحات في لوحة واحدة «بورتريه»، أخذت إعجاب الجمهور الحاضر، مرددين عبارة «اللوحة الناطقة». بينما تجسد في لوحة الرسامة نهى شمس الدين، العندليب وهو هادئ وعلامات الحزن بادية باللون الرمادي الذي طبع اللوحة. وتؤكد قائلة: «استوحيت الفكرة من أغانيه «أي دمعة حزن»، مستخدمة مزيجاً من ألوان الإكريليك والألوان الزيتية». فيما جمعت الرسامة ماري خوري، بينها وصاحب التكريم التفاؤل في الحياة، فتخطت آلام جراح الحرب التي أقعدتها في شلل تام، وأخذت ترسم الأمل وتنشده، فقامت برسم عبد الحليم وهو يتأبط العود، في لوحة اكريليك، تقول عنها: «ركزت على العمق الفني في عمل تضمن تناقضات من الفرح والحزن يعيشها كل فنان أصيل»، واصفة مشاركتها ب «القيمة الإضافية في المسيرة التشكيلية لها». وبدورها، نجحت الرسامة منى ظريف في تجسيد تأثير الموسيقى بالمغني فرسمته مندمجاً مع آلته وهو يعزف عليها، كأنهما عبارة عن شيء واحد.بعيداً عن «البورتريه»، اختارت الرسامة فريال الصايغ، رسم لوحة تعبيرية تجمع بين العود وطائر العندليب، مستخدمة فن الأرابيسك والحرف العربي لتنشر بعض كلمات أغاني الراحل مبعثرة في أرجاء اللوحة وتمنحها حضوراً ورونقاً. وعن مشاركتها علقت الصايغ: «إحياء ذكرى العمالقة هي مادة جديدة فيها إثراء وغنى لخيال الرسام، ومعها نتذكر فن الزمن الجميل». بينما شاركت الرسامة جومانة بو مطر، بلوحة جسدت النوتة الموسيقية وهي ترقص على وقع كلمات أغنية العندليب «وحياة قلبي وأفراحو»، «وسط شلال من الألوان التي تعكس النور، وتجسّد الراحل بروحه وفنه» وفق ما تشرح. التشكيلية غنوى رضوان، في لوحتها المسماة «ضحك ولعب»، مزجت بين البورتريه والطابع التجريدي في إبراز الفرح في تعابير العندليب. وتعلق على ذلك قائلة: «اعتمدت أسلوب الحداثة التجريدية وركزت على ثقل اللون باللوحة دون الحركة»، كاشفة أن بناء اللوحة المعروضة ووصولها إلى صيغتها النهائية للعرض، استلزم منها العمل على تجارب عديدة لما يمثله رسم الراحل من صعوبة في ترجمة انفعالاته بالألوان والخطوط». وعلى عكس الكثير من الفنانين الذين رسموا ملامح عبد الحليم، لم تركز الرسامة ديما حمادة، على وجه «العندليب»؛ إذ أرادت أن تجعل المتلقي يعيش حفلاته على المسرح بطريقتها التشكيلية، وسط جمهور ضبابي بألوان الفرح السماوي.احتلت أغنية «قارئة الفنجان» الصدارة وحظيت بالنصيب الوافر من المعرض؛ حيث برع الفنان العراقي كريم الدوسري في لوحته الثلاثية أن ينجز قصيدة الشاعر نزار قباني بعمل «فيديو كليب» على شكل تشكيلي، يجسد «صورة العاشق الذي يهوى السراب مثلما رأته المخيلة البصرية»، كما قال، مع اعتماد طريقة المربعات المتناسقة والمتجانسة في ألوانها. ومن الجانب العراقي أيضاً، شارك الفنان حسين البلداوي، بلوحة تعبيرية عن المناسبة، وهي بألوان الأكليريك. قال عنها: «شاركت من باب تأكيد أهمية وجود الفنان العراقي في المحافل العربية لعكس صورة الفن العراقي ووسائله في التعبير». واعتبر التشكيلي سامي مشاري أن تكريم الرموز الإبداعية تعد جزءاً من التراث الإنساني العربي وتاريخها الإبداعي والحضاري. ومن الجزائر، شاركت الفنانة نجوى صراع، بلوحة تجريدية بعنوان «همسة حب»، تعبر عن أحاسيس عبد الحليم وهي عبارة عن زهرة ونوتات موسيقية خارجة منها، بألوان تجمع بين الأحمر والأبيض، «برسالة سلام ومحبة لمد همزة وصل بين لبنان والجزائر في الثقافة العربية»، وفق قولها.عن تقييمه للرسومات، علق الفنان التشكيلي عماد أبو عجرم، قائلاً: «تأتي أهمية المعرض في الربط بين الفنانين التشكيليين وأحد رموز الغناء العربي، مما كان حافزاً لهم على الإبداع الفني»، مضيفاً: «المعرض تضمن تجارب متفاوتة تتنوع بين الجيدة والرديئة. وما يشفع للبعض أن الفنان الراحل يمثل الماضي القديم لكنه موجود في أذهان عشاقه بهذا الوقت»، معرباً عن امتعاضه لفكرة لجوء البعض إلى اعتماد تقنية «الفوتوشوب»، معتمداً «أسلوب الغباء وخطف عين المتلقي». وبالرغم من التحفظ الكبير الذي سجله، إلا أن «التظاهرة التشكيلية»، أشاعت أجواء الفرح وسط الحضور، كما عبّر، وختم كلامه قائلاً: «في ظل الإشكالية والاختلاف في تحديد معايير الفنون على أنواعها، باعتبارها اليوم وسيلة تعبير، هذا الأمر دفع إلى إسقاط بعض المقاييس المتعارف عليها، أولها حصول الرسام على مهارة يدوية وبصرية».

مشاركة :