مصطفى عبد العظيم (دبي) منذ فترة غير بعيدة، سطرت أميركا اللاتينية قصة نجاح استثنائية في تحقيق النمو الاقتصادي، ففي الوقت الذي كانت فيه الاقتصادات المتقدمة تعاني ركوداً حاداً أثناء الأزمة المالية التي وقعت في الفترة 2008-2009 في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، تبعه تعاف ضعيف، كان يُنظر إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة باعتبارها الوعد المأمول لتجديد النمو الاقتصادي العالمي، وكان يُنظر إلى أميركا اللاتينية باعتبارها جزءا من ذلك الوعد. ومن وجوه كثيرة، كان العقد 2004-2014 عقدا استثنائيا من حيث النمو الاقتصادي، وبدرجة أكبر من حيث التقدم الاجتماعي، في أميركا اللاتينية، بل إن بعض المحللين أطلقوا على هذه الفترة تسمية «العقد الذهبي لأميركا اللاتينية»، وهي تسمية أريد منها بيان التعارض مع عبارة «العقد المفقود» التي أطلقت في الثمانينات، حين دخلت المنطقة في ركود حاد نتيجة لأزمة ديون ضخمة. إلا أن هذه الصورة الإيجابية تغيرت بصورة هائلة، فقد تباطأ نصيب الفرد من النمو حتى توقف في عام 2014 وأصبح ينظر مرة أخرى إلى جزء كبير من المنطقة بشعور الوعد الذي ضاع، ويدل التدهور المفاجئ في آفاق المنطقة أيضاً على التغيرات الكبيرة التي حدثت في العوامل الدولية التي تؤثر على أداء المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك حدوث تراجع كبير في أسعار السلع الأولية، التي لا تزال الدعامة الأساسية لصادرات المنطقة «وخصوصا صادرات أميركا الجنوبية» وتراجع كلي في التجارة العالمية. وحتى يتسنى لأميركا اللاتينية أن تستعيد عقدها الذهبي، لم يكن أمام اقتصاداتها المتنوعة مفر من أن تضطلع بإصلاحات لتنويع الاقتصادات ورفع الكفاءة التكنولوجية لهيكلها الإنتاجي حتى يقل اعتمادها على سلوك السلع الأولية. واليوم وبشهادة خبراء الاقتصاد من مختلف أنحاء العالم وخلال انعقاد أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» في العاصمة الأرجنتينية «بوينس أيرس» الأسبوع الماضي، بدت هناك ملامح إيجابية ومؤشرات قوية على عودة محركات النمو الاقتصادي للعديد من بلدان المنطقة التي أخذت في نفض غبار موجة الركود والانكماش التي طالتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والعودة للانطلاق مجدداً نحو دورة انتعاش جديدة ترتكز في محاورها على استراتيجيات للتكامل التجاري فيما بينها والانفتاح بشكل أوسع على الأسواق العالمية، وخاصة الأسواق الناشئة وسريعة النمو. ... المزيد
مشاركة :