بين الغنى الفني والوعي الأكاديمي.. تنبت أعمالها الإبداعية، فلوحاتها التشكيلية هي مزيج بين التبسيط والفضاءات الملونة الزاهية، لتؤكد حضورها بأسلوبها الفني المتميز رغم تعدد الأسماء والأساليب، إنها الفنانة التشكيلية المبدعة «ريهام ماهر»، التقتها «فن اليمامة»، وكان لنا هذا الحوار: * كيف بدأت رحلتك مع فن الرسم؟، وما الذي استهواك في هذا الفن العظيم؟ - رحلتي مع الرسم بدأت منذ الطفولة، حيث إنني نشأت في حي الجمالية بمدينة القاهرة، حيث المباني العتيقة والجوامع الإسلامية الأثرية، طفولتي كانت زاخرة بسماع الحكايات والأساطير الخيالية من جدتي..وكان لهذا أثر كبير في تكوين شخصيتي الفنية، وتأثرت كثيراً بالخطابات الشعبية المرتبطة بالرموز السحرية، من كل هذه الأشياء صنعت عالماً خاصاً بي، وتلك الذكريات أصبحت الآن مصدراً لأعمالي التي تحاكي تلك الذكريات. * ألا ترين أن فن الرسم يستحوذ عليه غالباً الرسامون الذكور أكثر، خاصة في وطننا العربي؟ - كلامك صحيح.. لكن في الفترة الماضية فقط، حيث كانت الأسباب عديدة، منها: قيود المجتمعات الشرقية التي تفرضها على الإناث، والمسؤوليات المتعددة للمرأة من رعاية للأطفال وغيرها، أما الآن.. فالوضع تغير تماماً، فالفنانات التشكيليات قد أثبتوا وجودهن في الحركة الفنية المعاصرة، وأصبحن أكثر تميزاً وابتكاراً وتحرراً في الإبداع الفني. * كيف تبحثين عن موضوعات رسوماتك، أم أنها تلقائية؟ - عندما تأتيني الفكرة.. أمارس نوعاً من البحث المكثف حولها، وأستلهم معظم أفكاري من دراستي للتراث الفني والتاريخ، بدءاً من العصور البدائية وصولاً إلى الحقبة الفرعونية ثم القبطية والإسلامية.. وصولاً إلى مراح الفن المعاصر. * حصلتِ على عديد من الجوائز، لعل أبرزها جائزة المركز الأول في صالون مبدعي الفن العربي 2014، وملتقى بصمات الفنانين العرب 2015، برأيك.. إلى أي مدى تعتبر الجوائز مهمة للفنان، وهل تؤثر على إبداعه؟ - الجوائز مهمة جداً للفنان، فبالنسبة لي أعتبر من بين الجوائز التي أعتز بها: جائزة صالون الجنوب الدولي الثاني بالأقصر، وملتقى بصمات الفنانين العرب، وأرى أن تلك الجوائز تمثل دفعة قوية للفنان كي يكمل مسيرته، ومصدراً تشجيعياً، وتقديراً للفنان ولإبداعه. * على ذكر الجوائز والمسابقات، نشاهد كل يوم مسابقة جديدة للغناء أو الشعر أو الرواية، بينما تندر مسابقات وجوائز الفنون التشكيلية، فهل هذا ظلم بحق الفنون أم تقصير من منظمي المسابقات؟ - أرى أن وزارات الثقافة في مختلف الدول العربية لا تقوم بالدور الكافي تجاه الفنون، خاصة الفن التشكيلي، ربما يرجع الأمر إلى أسباب مادية أو سياسية، لكن حتى الأمر لا يقتصر على التقصير في المسابقات.. بل يمتد ليصل تنظيم المعارض والملتقيات والصالونات، كما أن وسائل الإعلام لا تضع الفن التشكيلي على أولوياتها، فالغناء والرقص يحظيان باهتمام الإعلام مقارنةً بالفن التشكيلي والأدب. * عملتِ بتدريس الرسم بقسم التربية الفنية بجامعة عين شمس، كيف تقيمين تجربتك مع تدريس الرسم؟، وهل الفن موهبة فحسب أم لا بد من دراسته؟ - عملية تدريس الفن هي عملية تبادل للخبرات بين الأستاذ وطلابه، فكل منهما يضيف للآخر، ومن خلال التجريب والممارسة يتم اكتساب الخبرات وتبادل الأفكار الجديدة والأساليب المبتكرة. الفن موهبة.. لكنها موهبة ناقصة بدون الدراسة، أما دراسة الفن بدون موهبة.. فهي أشبه بتعلم السباحة نظرياً.. بعيداً عن المياه! * هل تحرصين على نهج مدرسة معينة في فنك، أم لا تتقيدين بنهج المدارس الفنية؟ - لا أتقيد بالمدارس دوماً، لكن تستهويني المدرسة السريالية التي تقوم على دمج الخيال الفكري بالواقع الاجتماعي. * من يعجبك من الفنانات التشكيليات الحاليات؟ - الحركة التشكيلية المعاصرة شهدت تطوراً كبيراً، وأنجبت فنانات كثيرات أثبتن وجودهن بجدارة، أذكر منهن: الفنانة جيهان فايز، التي تعتمد في أعمالها على المذهب التجريبي باستخدامها لعجينة الورق وكيفية دمجها على سطح اللوحة الفنية، وكذلك الفنانة جيهان سعودي. * «الفن التشكيلي هو أعظم الفنون لأنه لا يحتاج إلى ترجمة»، تتفقين أم تختلفين مع تلك المقولة؟ - أتفق بشدة، فالفن التشكيلي له لغته الخاصة بين الفنان والمتلقي، ولا يحتاج الأمر إلى كلمات أو ترجمة أو شرح، فقط..اللوحة تكون هي لغة التواصل بينهما. أشكرك على هذا الحوار.. ونتمى أن نلتقي ثانية على صفحات اليمامة.. شكراً لك، وتحياتي لكل قراء مجلتكم الجميلة.
مشاركة :