الفنان سعد خضر سعدون: مارد شهد الزور ولم يشهد به!!

  • 4/15/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ولد منتصف 1946م في مكة المكرمة، حيث كان الفن هو عصب كل شيء حي فيها، بدءاً بالأذان على مختلف المقامات تستلمه الجبال من المؤذنين جواباً، وترده قراراً يملأ الإنسان والمكان والسماء هيبة وجلالاً وخشوعاً، وانتهاءً بطقوس الختان والزفاف ومسرحية القيس النسائية الخالصة أيام الحج. وفي كل تلك الطقوس كانت تتضافر جميع الفنون، كما تضافرت لتشكل شخصية سعد خضر الفنية والعقلية؛ ففي المدرسة الخالدية الابتدائية بالرياض في أواخر الخمسينات الميلادية صقل أساتذته موهبة التمثيل المسرحي كما صرح في برنامج (الثامنة مع داود) في 9 مايو 2016م، ثم بدأ حياته العملية عازفاً على آلة الكمان في فرقة الجيش السعودي التي أسسها الموسيقار العميد طارق عبد الحكيم (1918- 2012) م، فلما افتتحت إذاعة الرياض والتلفزيون السعودي 1964م كان من الرعيل الأول فيهما معداً وممثلاً وكاتباً للسيناريو، ولم يكن محترفاً أكاديمياً، لكن البيئة كانت احترافية حقيقية؛ إذ ابتعثت وزارة الإعلام آنذاك نحو مئتي شاب سعودي لدراسة مختلف التخصصات في أمريكا قبل أن يبدأ البث الفعلي بعامين، وظل التلفزيون ينتج المواد الدرامية وغيرها بذاته، ولم يتركه مديره معالي الدكتور عبد الرحمن الشبيلي سنة 1977م إلا وقد تشرب سعد خضر الفكر الاحترافي بوعي متقدم؛ فما إن اعتمدت سياسة المنتج المنفذ بعد ذلك حتى كانت الخطوة الأولى التي اتخذها سعد - بوصفه منتجاً منفذاً - هي تأسيس البنية التحتية اللازمة لاستوديو احترافي مجهز بالكامل. وقد كانت تلك الخطوة مثار سخرية من كثير من زملائه؛ إذ لم يكن الربح المالي هو هدفه الأول والأخير؛ كما كان للشركة العربية المتحدة للإنتاج التلفزيوني التي أسست 1977م خصيصاً للاستفادة من تعميدات التلفزيون السخية، واستأثرت بالكعكة طيلة ثماني سنوات، حتى زاحمتها شركة (آرا) الدولية بدءاً من منتصف الثمانينات الميلادية وبدل أن تشترط عليهما الوزارة توفير البنية التحتية للإنتاج - وهو أضعف الإيمان - تركتهما لشهوة الربح السريع في استوديوهات مجهزة في مصر بالنسبة للشركة العربية، وفي الأردن والشام بالنسبة لآرا . ورغم أن سعد خضر غامر بإنتاج أول فيلم سينمائي سعودي 1980م من تأليفه وبطولته بعنوان: (موعد مع المجهول)، إلا أن المجهول لم يفِ بوعده؛ ليجد سعد نفسه عاجزاً عن منافسة الشركتين العملاقتين في التلفزيون الذي بني بين يديه وكان النوم يصرعه في ردهاته! ولم يقبل أن ينفذ أعمالاً ويكون مصيرها العلب كما فعل معظم زملائه، وإنما كان يشترط أن تعرض قبل أن يتفاوض على المقابل المادي! ولم يستطع التنازل عن وعيه الاحترافي وضميره المهني في السينما بالانصياع لما عرف بأفلام المقاولات، وكان معظم المقاولين سعوديين لا علاقة لهم بالفن ولا الثقافة وهمهم الأول والأخير تحقيق أعلى الإيرادات على حساب القيمة الفنية والنوعية التقنية. أما في المسرح فقد أتاحت أمانة الرياض في فترة الأمير عبد العزيز بن محمد العياف (1997- 2014) م فرصة لم يفوتها أبناء جيله من السعوديين وغيرهم، ولم يتهافت عليها سعد خضر معهم لأنه لم يخلق تاجراً، وإن اضطر لتأجير بعض أدواته ليؤمن إيجار مكتبه ورواتب موظفيه الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. أما معنوياً فقد كرمه التلفزيون في يوبيله الذهبي 2015م تكريماً لا يليق به ولا بزملائه! كما لم تخجل جمعية الثقافة والفنون من انتهاز ما يسمى بمهرجان الفيلم السعودي الذي عقد في مارس الماضي بجهود شباب هواة لم تقدم لهم الجمعية أي دعم؛ لتستعرض أمام الفلاشات تكريمها لسعد خضر وهي إنما توثق خذلانها للفن وأهله بعد أن أعلنت سياسة التقشف وكأنها تقول للشباب: هذا مصير كل فنان يرفض أن يتنازل عن مبادئه!!

مشاركة :