فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها !

  • 4/15/2017
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

الإسلام لم يبتدع التعدد، ولم يأمر به على سبيل الوجوب خاصة وأن تعدد الزوجات كان أحد الأعراف المجتمعية التي واجهها الإسلام بتشريع متدرج تحوطه مجموعة من الشروط تجعل إباحته في النهاية حالة استثنائية … (أ) ‏عندما تعلن إحدى المحاضرات بجامعة الملك عبدالعزيز أنها ستُهدي امرأة رابعة لكل شاب يتزوج – من خلال أكاديميتها التي تنوي إنشاءها – بثلاث زوجات خلال شهر واحد، فلا بد أن نظام اختيار المحاضرين والأكاديميين يحتاج إلى مراجعة جادة من أصحاب القرار، وآليات استقصائية دورية عن الحالة العقلية والمعرفية لديهم. (ب) ذلك بدوره يقودنا إلى (إشكالية) تعدد الزوجات، خاصة وأن الإسلام لم يبتدع التعدد، ولم يأمر به على سبيل الوجوب خاصة وأن تعدد الزوجات كان أحد الأعراف المجتمعية التي واجهها الإسلام بتشريع متدرج تحوطه مجموعة من الشروط تجعل إباحته في النهاية حالة استثنائية وربما مستحيلة أو ضرورة لها مبرراتها وضماناتها، في الوقت الذي يدعونا الله للاقتصار على زوجة واحدة كونه الأفضل عدلاً وقسطاً، بل إن بعض علماء الأمة ومنهم أبو جرير الطبري ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا وغيرهم اتجهوا نحو التحريم وذلك من خلال تفسيرهم للآية الثالثة من سورة النساء وهو ما يتوافق مع حديث يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن عليه، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: كان الناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه، قال: فذكروا اليتامى، فنزلت: «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع»، قال: فكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في النساء. (ت) عندما يقول الله في أول سورة النساء: «الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا»، فلا يمكن فهم الآية إلا أن الله خلقنا من نفس واحدة (آدم) وخلق منها زوجها (حواء) وليس أزواجها، فلو كان التعدد جائزاً بعمومه لكان أبونا آدم أحق بذلك كونه من سيؤسس الجنس البشري الحديث. كما أن الآية التي يستدل بها بعموم إباحة التعدد: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا» (النساء:3)، فقد كانت حلاً لكفالة اليتامى (الذكور والإناث)، لذلك جاء أمره تعالى ضمن هذا الإطار مشترطاً عدم جوازها إلا في حالة الخوف من أن يلحق ظلم باليتامى، ثم عاد مرة أخرى إلى التنبيه من الوقوع في العجز والعول لذلك فإنه لا توجد آيات فى القرآن تبيح تعدد الزوجات ولكن التعدد المذكور فى بعض الآيات للضرورة في ذلك العصر بعد استشهاد عديد من المسلمين وتحديداً من أمهات اليتامى فقط وليس تعدداً مطلقاً تشجع عليه بل تؤكد على عدالة الأخذ بزوجة واحدة وذلك لانتفاء القدرة على تحقيق العدل. إن التدرج الذي تطرق له كلام الله في تعدد الزوجات – كما يقول بعض العلماء – يفيد التحريم منه إلى الإباحة، إذ يقول تعالى في آية: «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ»، ثم يقول «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً» (النساء:3)، فالجزء الأول من الآية ربطت النكاح بالبر باليتيم (فقط)، في حين أن الجزء الثاني، ينفي إمكانية العدل، وتأتي الآية التي تقر بعدم القدرة على العدل إطلاقاً: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ» (النساء:129). كما يرى الباحث الإسلامي وشيخ القضاة في الثلث الأول من القرن العشرين عبدالعزيز فهمي أن هذه الآية وسابقتها من السورة مسوق لتحقيق فضيلة العدل في المعاملة، وتثبيتًا لها أشار في الآية الثالثة إلى هذا المنكر، فكأنه يقول لهم: إذا فهمتم قولي في الآية السابقة، وعلمتم أن أكل مال اليتامى مطلقًا – من ذكور وإناث – إثم كبير فلا تتذرعوا إلى هذا العبث بنكاح اليتيمات اللاتي في حجوركم، بل تعففوا عن نكاحهن المفضي بكم إلى أكل أموالهن. خاتمة إذا كان الله قد عرّف الزواج بقوله في سورة (الروم:21): «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً». فيمكن القول إن تعدد الزوجات ينافي ما جاء في الآية من المودة والرحمة الناشئة بين الزوجين، إضافة إلى الفطرة السوية، وهو ما أكد رسول الهدى عليه في رواية البخاري (3110) ، ومسلم (2449) حينما علم بخطبة الإمام عليّ بن أبي طالب وغضب ابنته فاطمة فقال: فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَن يَسُوءَهَا، وفي رواية: إِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا.فجعل الزواج من الأخرى أذية تحصل على الزوجة الأولى فمن المروءة أن يتحمل الرجل ما قد تُصاب به المرأة من العلل، كما تتحمل هي ما عساه أن يصيبه من العلل.

مشاركة :