بدء فعاليات منتدى «الجزيرة» الحادي عشر

  • 4/16/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

افتتح سعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس مجلس إدارة شبكة /الجزيرة/ الإعلامية اليوم، منتدى /الجزيرة/ الحادي عشر تحت عنوان "أزمة الدولة ومستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط". ورحب سعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني بالمشاركين في المنتدى وخص في هذا الصدد من لبى الدعوة للمشاركة في الفعاليات من خارج قطر، متمنيا لهم مشاركة مثمرة في أعمال هذه النسخة من منتدى الجزيرة. ونوه سعادته في الكلمة التي افتتح بها المنتدى بأن شبكة الجزيرة الإعلامية دأبت على أن توفر لهذا المنتدى كل الأسباب التي تجعل منه منصة للحوار الجاد، يتبادل من خلاله المفكرون والباحثون والسياسيون من مختلف دول العالم الرؤى والأفكار في شتى الموضوعات التي تهم المنطقة والعالم. وأوضح سعادته أن القضية المطروحة أمام المنتدى اليوم، وإن بدت تخص منطقة الشرق الأوسط، إلا أن أبعادها العالمية لا تخفى على أحد، لافتا إلى أنه مثلما كانت الجزيرة سباقة في تناول قضايا الإصلاح في مجتمعاتنا عبر ما تقدمه من مضمون إعلامي منذ أكثر من عقدين من الزمن، ستظل كذلك من خلال منصاتها المتعددة، ومن بينها هذا المنتدى. من جهته، قال سعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، في الكلمة الرئيسية الأولى في منتدى الجزيرة ، إن المنطقة العربية تشهد سيلاً من الصراعات التي صارت تتوسع بوتيرة أسرع، لافتا إلى أنه في ظل هذه الصراعات، تظهر المأساة الإنسانية، من قتلى وجرحى ونازحين ولاجئين ومدن مدمرة ومجتمعات مفككة وضائعة في متاهات الظلم والإجرام القائم كما يحدث في بلدنا سوريا، بسبب تعنت النظام وجرائمه المروعة التي أدت للكثير من المآسي وآخرها الهجوم الكيمائي على شعب أعزل نبيل كريم. وأشار سعادته، في كلمته حول الدور العربي في معالجة أزمات الإقليم، بالتركيز على حالة دارفور، إلى الوضع المأساوي الحالي للأهل في سوريا، نتيجة تعنّت النظام وجرائمه المروّعه في حق الشعب السوري، مؤكدا أن دراسة النزاعات وتحليلها وطرق إدارتها، أصبحت الطريق الوحيد للتعامل معها بطريقة سليمة، لمحاوله إيجاد حلول عادلة ودائمة لها، سيما وأن النزاعات، ليست مجموعة أحداث منعزلة، بل هي تركيب معقّد متشابك، يضم أبعادا متعددة، كما أنها لا تحدث من فراغ. وقدم سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء في كلمته ، عرضا شاملا ومفصلا حول دور دولة قطر في حل أزمة دارفور منذ دخولها على خط الأزمة عام 2008، وحتى التوصل لوثيقة الدوحة للسلام في دارفور عام 2011 كأساس متين للسلام في دارفور بمباركة دولية وإقليمية واسعة وغير مسبوقة. واستعرض سعادته المناهج المستحدثة في الدور القطري لحل النزاعات ومدى الاستفادة العربية منه، لا سيما على طريق الوساطة القطرية في دارفور وثقة أطراف النزاع والمجتمع الدولي في قطر والآليات المبتكرة في عملية الوساطة، والتحديات الكثيرة التي واجهتها الوساطة القطرية وتغلبت عليها بكل نجاح، حتى تم التوصل لوثيقة السلام التي باركها جميع أهل دارفور باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقية في ذلك، ولأن هدف قطر هو مصلحة أهل دارفور ليعيشوا في أمن وسلام وكرامة. وشدد سعادته أمام المنتدى على أنه لولا فضل الله، ودعم وثقة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني "حفظهما الله" لما تحقق هذا الإنجاز بالتوصل لوثيقة الدوحة للسلام في دارفور. كما تطرق سعادته للدروس المستفادة من حل أي نزاع وإلى وجود العديد من المنظمات الإقليمية بالمنطقة العربية التي بإمكانها الإسهام في حل النزاعات، مؤكدا على أنه من بين كل تلك المنظمات، فإن مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو الأكثر فاعلية ونجاحا بما يتوفر له من إمكانات ووسائل التحرك لحل المشاكل. وتناول سعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود، طبيعة النزاعات في المنطقة، وأهمية دراستها وإبعاد التدخلات الدولية منها، وقال إن هذه النزاعات تحتاج لدراسة وتحليل ومعرفة الجذور والأسباب وطرق الحل وطرق إدارة هذه الأزمات باعتبار ذلك الطريق الصحيح للوصول لحل لهذه الأزمات. وأوضح في هذا الخصوص إن النزاعات كما يقول المختصون ليست مجموعة أحداث متفرقة وإنما هي شكل معقد متشابك ومتعدد المسارات، ولا يأتي من فراغ. ولدى تناوله للآليات المتوفرة في الدور العربي، أشار سعادته إلى وجود طريقين في الدور العربي، أحدهما هو الطريق المؤسسي والآخر طريق الدول المنفردة أو مجموعة الدول. وعن الطريق المؤسسي، قال سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء إن الجامعة العربية أنشأت مجلس السلم والأمن العربي، لحل النزاعات والوساطة في حل النزاعات، لكنه أوضح أن هذا الجهاز لم يتحرك، في وقت توجد فيه صعوبات أمام الجامعة العربية سواء من حيث ضرورة هيكلتها من الداخل، بالإضافة إلى الاختلاف في الرؤى بين الدول العربية. وأضاف أنه عندما نعرف هذه الحقيقة لا نقول إن الجامعة لم تؤد دورا كاملا، منوها إلى أنها بدأت في متابعة حل مشكلة دارفور منذ عام 2004، حيث أصدرت بيانا وطلبت إنشاء لجنة للتحقق في بعض الأوضاع في دارفور، وبدأت تتابعها حتى عام 2008، حيث دخلت دولة قطر في هذا التاريخ من خلال الجامعة العربية في حل أزمة دارفور. ونوه إلى أن جهود ومساعي جامعة الدول العربية استمرت لحل مشكلة دارفور، حيث شكلت في أكتوبر 2008، لجنة وزارية سداسية تضم دولة قطر والسعودية وسوريا والجزائر ومصر وليبيا ولإحياء المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور، وطلبت الجامعة من دولة قطر قيادة واستضافة تلك المفاوضات. وقال سعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء في كلمته الرئيسية الأولى في افتتاح منتدى الجزيرة الحادي عشر، إن دولة قطر، وفي إطار الجامعة العربية، حرصت من أول يوم أن تتوسع دائرة الوساطة للنزاع في دارفور لتشمل المكون الأفريقي لأهميته في الحل السلمي، خصوصا أن الجهود السابقة كانت تتم كلها في الإطار الأفريقي، مبينا أنه على ضوء ذلك اقترحت دولة قطر تشكيل لجنة وزارية عربية أفريقية حول السلام في دارفور من 12 دولة، 6 عربية والأخرى أفريقية، وتم اختيار دولة قطر لرئاستها. ونوه بأن اللجنة ناشدت منذ اجتماعها الأول في نيويورك في سبتمبر 2009، وبالتنسيق مع الوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، الأطراف السودانية التجاوب مع الجهود المبذولة لعقد محادثات سلام في أقرب وقت ممكن وتحمل مسئولياتها من أجل تعزيز فرص تحقيق السلام، وتحديد جدول زمني للتفاوض، موضحا أن انخراط الجانب الأفريقي مع الجهود العربية، مثل نقطة تحول كبيرة في مسار الجهود العربية لحل النزاعات بإشراك الجهود الإقليمية الأخرى. ولدى تناوله للمناهج المستحدثة في الدور القطري لحل النزاعات، لا سيما على صعيد الوساطة، لفت سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء إلى أن أهم ما يميز مبادرة الدوحة للسلام في دارفور هي مشاركة المجتمع المدني الأهلي في المفاوضات بين الأطراف بصورة غير مباشرة ، منوها بأن مبادرة الدوحة، وجدت أن أزمة دارفور لا يمكن أن تحل في إطار التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة، وإنما كذلك في إطار أشمل بإشراك أهل دارفور في حل قضاياهم. وقال إنه إدراكا للحتمية المطلقة بأن تكون عملية سلام الدوحة شاملة بهدف الوصول إلى سلام شامل، وتعلما من تجارب الماضي، تم لأول مرة اعتماد منهج متعدد المسارات، وتم تصميم أحد هذه المسارات لمساعدة مجموعات المجتمع المدني في دارفور للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بشأن القضايا المختلفة المتعلقة بأسباب النزاع والآثار المترتبة عليه، وأنه تحقيقا لهذه الغاية عقد بالدوحة المنتدى التشاوري الأول والثاني للمجتمع المدني والنازحين واللاجئين، حتى أن بعضهم جاء للدوحة بدون جوازات ووثائق سفر رسمية وبلا هوية، وهذا محل فخر لقطر. وأوضح سعادته أن هذه المنتديات أتاحت الفرصة للنازحين واللاجئين الذين زارهم في أماكن لجوئهم ونزوحهم وفي دولة تشاد وجلس معهم واستمع لآرائهم ومطالبهم، وكذا المجتمع المدني وأبناء المهجر وزعماء القبائل، الفرصة للإعراب عن آرائهم ومواقفهم بشأن النزاع وكيفية معالجة أسبابه الجذرية. وذكر أنه على أساس مخرجات كل المشاورات التي جرت بين الحكومة والحركات المسلحة، تم إعداد مشروع اتفاق سلام بشأن كافة القضايا التي تعتبر الأسباب الجذرية للنزاع، وما ترتبت عليه من نتائج، تبع ذلك عقد المؤتمر الموسع لأصحاب المصلحة في دارفور وتمثلت أهميته كونه وفر فرصة لأطراف النزاع وأصحاب المصلحة للنظر في كافة النقاط، فضلا عن أن هذا المؤتمر ساعد كذلك في الخروج بأفضل الحلول التوفيقية التي تم تقديمها للأطراف للنظر فيها. ونوه سعادته بأن المؤتمر واللجان المنبثقة ناقشوا، مضامين وثيقة السلام التي أعدتها الوساطة، والتي تم عرضها على المشاركين في جلسة عامة ومناقشتها من قبل بالتفصيل في جلسات العمل الأخرى، وعلى ضوء الروح الإيجابية التي سادت المؤتمر أعلنت الأطراف (الحكومة والحركات) قبولهم الوثيقة كأساس متين للسلام مع الالتزام بالعمل على هذا الأساس لتوقيع اتفاقيات سلام شامل. وشدد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء على أن وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، شكلت الإطار العام لحل النزاع في دارفور وهي تمثل الأساس لأي اتفاقات يوقعها الأطراف ، وقال إنها مفتوحة كإطار عام للحل يجد الجميع فيه رؤيته للتسوية. وأوضح أن الوثيقة تشتمل على عدة محاور هي اقتسام السلطة والوضع الإداري لدارفور واقتسام الثروة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والعدالة والمصالحات والوقف الدائم لإطلاق النار والترتيبات الأمنية النهائية وآلية التشاور والحوار الداخلي وآليات التنفيذ، مشيرا إلى أنه قد ترتب على اعتبار الوثيقة إطارا عاما عدة نتائج حيث أصبحت وثيقة مفتوحة للجميع لا تستثني أحدا من التسوية، ويمكن للأطراف أن يضيفوا لها ما يثري محتواها وبالأخص ما يحسن وسائل تنفيذها والإسراع في ذلك، وأنها غير قابلة لإعادة التفاوض لأسباب منطقية وعملية وقانونية معروفة ولا يمكن لاتفاقيات لاحقة أن تتعارض معها أو تلغي نصوصها وأنها قد أصبحت ملكا لأهل دارفور ولا تملك الوساطة ولا أي طرف تعديلها. ولفت إلى أنه تم اعتماد الوثيقة، كوثيقة رسمية من قبل الاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والأمم المتحدة، ودعمها مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاتحاد الأوروبي، وتم تضمينها في دستور جمهورية السودان وأصبحت جزءا منه. واستعرض سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء أمام المنتدى، عددا من الآليات التي استحدثتها الوساطة لأول مرة في تاريخ اتفاقيات السلام ومن ذلك، آلية لمتابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، مبينا أن جميع اتفاقيات السلام السابقة كان يترك أمر التنفيذ لأطراف الاتفاقية. وقال في هذا السياق إن الوثيقة نصت على إنشاء لجنة برئاسة دولة قطر، تختص برصد ومتابعة دورية للتقدم الذي يتم إحرازه في سبيل تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، وبحث المشاكل التي تعترض التنفيذ ووضع الخطط اللازمة لعلاجها، منوها بأن اللجنة عقدت حتى الآن (12) اجتماعا في دارفور والدوحة والخرطوم، وأنها أظهرت فاعلية واضحة في دفع عملية التنفيذ وتسريعها، وشكلت منبرا لأطراف التسوية وشركاء السلام للنقاش والتحاور من أجل إكمال تنفيذ بنود الاتفاقية. وأضاف سعادته أن من الآليات المبتكرة التي أنشأتها الوساطة في سياق عملية السلام في دارفور، أيضا آلية الحوار الداخلي - الداخلي في دارفور، وهو كيان قصد منه أن يكون منبرا للتشاور والتحاور بين أبناء دارفور حول مختلف القضايا وإشاعة الثقة وتشجيع المصالحة والوحدة بين سكان دارفور خصوصا والسودان عموما. ونبه إلى أن الوساطة القطرية جابهت جملة من التحديات، لكنه أكد أنه بالصبر والمثابرة والمصداقية من جميع الأطراف في دارفور ومن المجتمع الدولي والإقليمي، استطاعت الوساطة تجاوز تلك التحديات وتفادي الآثار السالبة لها ومن أولها النظر في تحديد طبيعة النزاع هل هو سياسي ؟ أم إقليمي ؟ أم إثني ؟ أم طائفي ؟ أم نزاع يقوم على الصراع حول الموارد والثروات..وقال إن الأمر استغرق وقتا لتحديد هذه الطبيعية حتى استطعنا أن نبلور أجندة التفاوض على أساسه، وهذا استوجب أن نقف على تاريخ النزاع، كيف بدأ، وكيف تطور مع مر السنين، وكذلك مدى قبول الحركات المسلحة لعملية الوساطة، ومستوى الثقة المتوفر بين أطراف النزاع. ومن تلك التحديات أيضا، نوه سعادته إلى أنها التدخلات الإقليمية الضارة في مسار العملية السلمية ، لافتا في هذا السياق إلى أن الدور العربي في حل قضية دارفور، لم يكن دائما موقفا موحدا وداعما "فقد واجهت الوساطة تدخلات من قبل كثير من الجهات العربية، وصلت في بعض الأحيان إلى حد وضع المعوقات أمام الوساطة". وأعرب سعادته عن أسفه لأنه في أوج المفاوضات، كانت هناك تدخلات مدمرة، حيث أعلنت دولة عربية عن منبر آخر جديد، تم إلغاؤه لاحقا، إضافة إلى أنه وأثناء المفاوضات يتم الاتفاق على أمور بالليل وتلغى نهارا، لكنه أكد في المقابل أن هناك دولا عربية صادقة وأمينة. وقال " إنه بالصبر والأناة استطعنا التغلب على هذه التدخلات السلبية بمساعدة بعض الشركاء الدوليين، وتمكنا من امتصاص كل الضغوط ومنع تأثيرها على العملية السلمية، ما وفر للوساطة ثقة دولية وإقليمية مكنتها من تحمل مخاطر التزام الحياد في حل النزاع، لا سيما وأن هناك دولا إقليمية كانت تسعى إلى إيجاد حل وفقا لمصالحها". واستطرد سعادته قائلا "لقد واجهنا كذلك تحديا آخر لا يقل تأثيرا وهو تشظي الحركات المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة وانقسامها على نفسها، وقد جعل هذا من الصعوبة بمكان أن تكون هناك مواقف تفاوضية محددة للحركات. وقد كان هذا من شأنه أن يبطئ كثيرا من سرعة التوصل إلى حل شامل". وأوضح أن مقررات الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية الأفريقية المشتركة، كانت تركز على استضافة دولة قطر للمفاوضات التي ستجري بين الأطراف المعنية، في حين لم يكن أمر توحيد الحركات المسلحة واردا ضمن دور دولة قطر التي قامت بمجهود كبير رغم صعوبة المهمة لتوحيد الحركات المنقسمة على نفسها إلى عدد أقل وتشجيعها على تبني مواقف متقاربة أو موحدة حيال حل النزاع. ولفت سعادته إلى أن بعض الصراعات العربية الحادة، كما هو معلوم، تشمل مطالبة أطراف الصراع الداخلي بحكم ذاتي محلي بعيدا عن سيطرة الحكومة المركزية، وقال "لقد واجهنا هذه المشكلة وساعدنا الأطراف من أول يوم على استبعاد طرح مسألة حق تقرير المصير لدارفور، لأن تجربة السودان بإعطاء الحكم الذاتي للجنوب كانت ماثلة أمام الأطراف.. وبدلا عن ذلك استخدمنا مع الأطراف حل المشاكل الإدارية الناشئة من العلاقة بالمركز بطرح فكرة استفتاء يجري في دارفور ليس على حق تقرير المصير، أو منح دارفور حكما ذاتيا في إطار السودان، ولكن استفتاء إداريا يقرر فيه أهل دارفور إما أن تدار دارفور كما هي الآن في الوضع الراهن كولايات شأنها شأن بقية ولايات السودان دونما تمييز أو أن تدار كوحدة واحدة في شكل تجمع يجمع ولايات دارفور الخمس ويسمى إقليم دارفور. وجرى الاستفتاء وغلب أهل دارفور الخيار الأول وتم التخلي عن فكرة الإقليم وتفادى السودان تكرار أي تجربة لتطبيق نظام الحكم الذاتي الذي كان من الممكن أن يكرس ولو نظريا لحق تقرير المصير الذي لا تتوفر شرائطه ومقوماته أصلا في حالة دارفور". وشدد في هذه الناحية على أن قطر أوضحت منذ البداية وانطلاقا من موقفها المبدئي، أنها لا تسمح بأي وساطة تؤدي لانقسام دولة عربية أو أي دولة من الدول التي تريدها أن تكون موحدة.   وأوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء أن من التحديات أيضا، محاولة ظهور بعض الوساطات المنافسة، وما إذا كانت المبادرات الأخرى تشكل مصدر دعم أو إعاقة للعملية السلمية. وقال في هذا السياق "لقد تم تكليف جهات أخرى للمساعدة في حل النزاع في سياق تفويض أكبر يحل النزاعات في السودان بصورة عامة، وقد أوجد هذا التفويض نوعا من التداخل وسوء الفهم للأدوار، ونعني هنا الآلية الأفريقية لحل النزاعات برئاسة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو أمبيكي. ولكن استطاعت الأطراف أن تنتبه لهذا المؤشر، واستطاعت أن تحدد بصيغة قاطعة الدور المساعد الذي يمكن أن يلعبه كل طرف سواء فريق الرئيس أمبيكي أو نحن نسبة للفوضى العارمة التي يمكن أن تحدث نتيجة لوجود وساطتين في آن واحد تختلف في مرجعياتها وتفويضاتها".. مضيفا أن مفاوضات السلام في الدوحة استغرقت وقتا، لأنه كان من المهم لقطر أن تعقد المفاوضات وليس من مهمتها توحيد الحركات. ولفت إلى المشقة التي واجهتها الوساطة القطرية في عملية بناء الثقة بين أطراف النزاع والاتصالات التي أجريت بصورة ثنائية مع الأطراف في سرية تامة، مع الاستعانة بالخبرات الدولية اللازمة لتأهيل الأطراف لعملية التفاوض وخصوصا مفاوضي الحركات المسلحة، وكذا العمل على بناء الثقة بتوقيع اتفاقيات حسن نوايا ووقف للعدائيات للتمهيد للعملية. وبين سعادته أن التحديات شملت أيضا مسألة وضع جدول زمني لمرحلة التفاوض، وقال إنها أداة مهمة لإدارة عملية التفاوض، لافتا إلى أنه بينما يمكن أن تكون هذه القيود الزمنية مهمة لتسريع العملية، لكن يمكن أيضا أن تؤثر سلبا على جودة المفاوضات والاتفاقية التي يمكن التوصل إليها، "وقد راعينا في سعينا لوضع جداول زمنية بصورة مرنة حتى نتفادى ما حدث في أبوجا، فنتيجة للضغوط التي وضعت على الوساطة فقد كانت عملية السلام في أبوجا تركز أكثر على صياغة الاتفاق بدلا من أن تتوسط فعلا بين الأطراف، وهذا ربما يفسر طول المدة النسبي الذي استغرقته العملية السلمية في الدوحة". وحول الدروس المستفادة، أكد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء أنها تتمثل في ضرورة التحليل السليم لمصالح أطراف النزاع ومواقفهم قبل البدء في أي عملية سلام وأن لا تكون لدى الوساطة والوسيط مصالح شخصية أو سياسية يريد تحقيقها.. منوها بأن مصلحة قطر انحصرت في إنجاح العملية السلمية ذاتها وليست هناك أي أجندة أخرى معلنة أو خفية، فضلا عن أهمية منح الثقة والدعم والتفويض الكامل لمسؤول الوساطة ،وذلك ما حصل بالفعل لنا إذ أنه لولا فضل الله ودعم وثقة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني "حفظهما الله" لما تحقق هذا الإنجاز. ومن الدروس المستفادة أيضا شدد سعادته على أهمية الحياد والأمانة لأي عمليات بناء ثقة تتم قبل التفاوض بين الأطراف والوساطة، فقد وقفت دولة قطر على مسافة واحدة من مختلف الفرقاء واحتفظت بعلاقات جيدة مع اللاعبين الفاعلين داخل الدولة أو خارجها، وضرورة ضمان الدعم اللازم من المجتمع الدولي والإقليمي والدور العربي قبل الدخول في عملية الوساطة وأهمية أن تكون أطراف النزاع منفتحة على الوساطة ولديهم الرغبة الجادة في المشاركة فيها، وكذا أهمية التنقل بين العواصم والمنظمات من أجل الحصول على الدعم الدولي اللازم. وقال إنه لحسن الطالع، توافقت الإرادات الإقليمية والدولية، خاصة الأمريكية على القضية التي تقوم دولة قطر بالتوسط فيها، مع أهمية إشراك المجتمع المدني جنبا إلى جنب مع الأطراف في العملية السلمية في وضع التسوية النهائية، واختيار المنهج المناسب للوصول إلى اتفاق السلام، مشيرا إلى أن هناك منهجين الأول يتمثل في أنه لن يكون هناك ثمة اتفاق حتى يتم الاتفاق على كل شيء، وأن الاتفاق لن يوقع حتى يشمل جميع المسائل المتصلة بالنزاع. والثاني هو الاتفاق على المكونات الصغيرة للنزاع خطوة بخطوة بدلا من توقيع اتفاق شامل وكامل.. منوها بأن وثيقة الدوحة قد جاءت بحل وسط تفادى سلبيات المنهجين وركز على إيجابياتهما. وأضاف سعادته أن من الدروس المستفادة أيضا أن أسباب النزاع الجوهرية يجب أن يتم مخاطبتها وهذا أهم شيء.. موضحا أنه بمجرد أن يتم علاج هذه الأسباب، يمكن إلحاق الآخرين ممن لهم مشاغل لم يغطيها الاتفاق، وهو منهج مرن لا يستبعد من لم يوقعوا على أي اتفاقات سلام على أساس الوثيقة، ويمكن الراغبين في الانضمام فورا إذا كانوا مستعدين لذلك. ومضى إلى القول في سياق حديثه عن الدروس المستفادة "صحيح من الأهمية بمكان الوصول إلى اتفاق ، ولكن الاتفاق الذي يتم توقيعه لا قيمة له إذا لم ينفذ"، مؤكدا أهمية أن تبقى الوساطة منخرطة في مرحلة التنفيذ طالما كانت تلك رغبة الأطراف مع أهمية أن تصحب عملية السلام كذلك عملية إنسانية وتنموية تتمثل في مشاريع الإنعاش وإعادة الإعمار والتنمية وأن يبدأ ذلك حتى قبل مرحلة التنفيذ ودون الانتظار إلى الوصول إلى تسوية سياسية شاملة حتى يستشعر الناس ثمرة السلام، وقال إن هذا ما حدث باستضافة دولة قطر للمؤتمر الدولي للمانحين لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور في أبريل 2013. وخلص سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء إلى القول إن تعدد النزاعات وتنوعها يستدعي عمليات سلام متنوعة، وقال إنه لا يوجد هناك نموذج سلام يمكن تطبيقه على جميع النزاعات، وأنه مع أن لكل نزاع خصوصيته، إلا أن هناك دروسا يمكن تعلمها من كل نزاع، تمثل إشارات ذات قيمة، موضحا أنه من خلال تشارك هذه الإشارات والدروس المستفادة، فإن الدور العربي يمكن أن يكون مستعدا بصورة أفضل لتقييم الحاجة إلى التدخل لحل النزاعات، وتحسين قدرات هذا الدور للقيام بالتدخلات اللازمة. كما تحدث السيد رياض حجاب المنسق العام للهيئة العامة للمفاوضات السورية، أمام منتدى الجزيرة ، عن الأوضاع المأساوية التي تمر بها سوريا وسعي النظام لتدمير الدولة ومؤسساتها المدنية وفق أسلوب وسلوك ممنهج ووأد التطلعات الوطنية، فضلا عن الزج بحركات التطرف العالمي للساحة السورية. وقال إن الأزمة السورية أصبحت الآن مصدر قلق عالمي تتداخل فيها خيوط الصراع وتتشابك بعد تجاوزها الحدود المعقولة للتنافس الدولي غير المنضبط. ورأى أن التحدي الأكبر الذي يواجه قوى الثورة والمعارضة السورية يكمن في عزل المؤثرات الخارجية عن المشهد الداخلي، معربا عن تطلعه لمساعدة الأشقاء والأصدقاء لصياغة أسس الانتقال السلمي في البلاد. وتعقد هذه الدورة من منتدى الجزيرة ، وعدد من الدول العربية تعيش أزمات حادة تهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية..ويناقش المنتدى على مدى يومي انعقاده الكثير من المحاور حول الدولة العربية من حيث سباقات النشأة ومظاهر الأزمة الراهنة وغياب العدالة وفشل الاندماج الاجتماعي ودورهما في تفجر الصراعات وبروز نزعات التطرف والعنف وغير ذلك من المحاور ذات الصلة. يشارك في المنتدى قادة سياسيون ومثقفون وإعلاميون من مختلف أنحاء العالم للحوار وتبادل وجهات النظر حول التطورات الجارية في العالم العربي ومنطقة المشرق. م . م;

مشاركة :