انتعشت أسواق النفط، على خلفية تصريحات حول تمديد اتفاقية خفض الإنتاج بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء بمنظمة الأوبك، إلى ما بعد الموعد النهائي المتفق عليه حالياً بنهاية يونيو 2017. وقد نتج عن تلك الأنباء حدوث إحدى أطول موجات الارتفاع التي شهدتها أسعار النفط منذ 5 سنوات، بعد أن سجلت أكبر مكاسب أسبوعية في العام 2017.وقد ارتفع متوسط سعر نفط الأوبك بما نسبته %11 منذ الأسبوع الأخير من مارس 2017، وبلغ 53.4 دولار أميركي للبرميل، نظراً لتوقع موافقة أغلبية أعضاء الأوبك على تمديد اتفاقية خفض الإنتاج خلال اجتماع أوبك القادم المزمع عقده في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2017. وقد أعربت الكويت عن دعمها لقرار تمديد الاتفاقية، فيما لم تتخذ السعودية قراراً نهائياً بعد. كما تقوم روسيا بدراسة قرار تمديد اتفاقية خفض الإنتاج، بعد تصريحات وزير الطاقة الروسي بشأن الإقدام على إجراء محادثات مع شركات النفط المحلية، بيد أنه أضاف أنه من السابق لأوانه تأكيد الموافقة على تمديد الاتفاقية، وأن هذا القرار يعتمد على مستويات المخزون خلال الشهرين المقبلين. التزام من جانب آخر، فإن التزام أعضاء الأوبك بخفض الإنتاج بمستوى أعلى من المتفق عليه خلال مارس 2017 قدم أيضاً دعماً إضافياً لأسعار النفط. فوفقاً للتقرير الشهري الصادر عن الأوبك، فقد بلغ الالتزام بخفض إنتاج النفط %104 في مارس 2017، حيث حققت فنزويلا حصتها المقررة من خفض الإنتاج، فيما اقتربت الإمارات من بلوغ حصتها. أما السعودية فقد واصلت تخفيض أكثر من حصتها خلال الشهر. وقد استهلت أسعار النفط تداولات شهر مارس 2017 بأداء ضعيف، وتراجعت إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل خلال معظم الشهر. بيد أن الأسعار بدأت في التعافي تجاه نهاية الشهر لتغلق عند 50.43 دولار أميركي للبرميل، على الرغم من تراجع متوسط الأسعار لهذا الشهر، حيث تراجع متوسط سعر نفط الأوبك للمرة الأولى منذ نوفمبر 2016 وبلغ 50.32 دولار أميركي للبرميل، متراجعاً بنسبة %5.7. في حين سجل مزيج برنت تراجعاً أكبر نسبياً بنسبة %6.3، بينما تراجع النفط الخام الكويتي بنسبة %5.6 خلال مارس 2017. وقد استمر الاتجاه الإيجابي خلال أبريل 2017، وبلغ سعر نفط أوبك 53.4 دولار أميركي للبرميل في 11 أبريل 2017. الإنتاج ووفقاً لبيانات وكالة بلومبرج، تراجع إنتاج أوبك من النفط إلى أدنى مستوياته منذ 22 شهراً، حيث بلغ 32.1 مليون برميل يومياً في مارس 2017، بعد أن تراجع بمعدل 200 ألف برميل يومياً مقارنة بمستويات شهر فبراير 2017 (بلغ 31.93 في مارس 2017 وفقاً لمصادر ثانوية عن الأوبك بعد تراجع شهري بلغ 153 ألف برميل يومياً). ويعزى هذا التراجع في الأساس إلى قلة الإنتاج من جانب ليبيا؛ نتيجة للاضطراب المستمر في الإنتاج، ونيجيريا نظراً للإصلاحات الروتينية، إذ تراجع إجمالي إنتاج كلتا الدولتين بمعدل 210 ألف برميل يومياً خلال مارس 2017 وفقاً لوكالة بلومبرج، بما ساهم في دعم جهود «أوبك» لتقليص الإنتاج، وذلك على الرغم من إعفاء كل من ليبيا ونيجيريا من اتفاقية تخفيض الإنتاج. في حين أن السعودية -التي كانت قد خفضت إنتاجها بمعدل أقل من 10 ملايين برميل يومياً في فبراير 2017- قد قامت بزيادة إنتاجها هامشياً بواقع 70 ألف برميل يومياً، ليصل إلى 10.01 مليون برميل يومياً في مارس 2017. وأشارت «أوبك» إلى تراجع مخزون النفط نتيجة لخفض الإنتاج. ووفقاً للتقرير، تشير البيانات الأولية لشهر فبراير 2017 إلى تراجع مخزون النفط التجاري للدول المتقدمة (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) بواقع 28.3 مليون برميل، ليصل إلى 2.987 مليون برميل. بيد أنه على الرغم من ذلك يظل المخزون أعلى من مستوى متوسط الخمس سنوات بحوالي 268 مليون برميل. كما ساهمت بيانات المخزون الخاص بالولايات المتحدة في رفع أسعار النفط على مدى الأسبوعين الماضيين. وأشار معهد البترول الأميركي في تقريره الأسبوعي إلى هبوط مخزونات النفط الأميركية للأسبوع الثاني على التوالي. بيد أن وكالة أميركية أخرى -وهي إدارة معلومات الطاقة الأميركية- توقعت ارتفاع إنتاج النفط الخام الأميركي خلال العامين المقبلين، مع عودة تزايد إنتاج النفط الصخري والحقول البحرية، حيث توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يصل معدل الإنتاج إلى 9.9 مليون برميل يومياً في العام 2018، مرتفعاً بنسبة %1.8 عن توقعات الإنتاج الواردة في التقرير السابق بمتوسط يصل إلى 9.73 مليون برميل يومياً. أما بالنسبة للعام الحالي، فيتوقع أن يصل متوسط الإنتاج الأميركي إلى 9.22 مليون برميل يومياً بزيادة قدرها 0.01 مليون برميل يومياً مقارنة بالتوقعات السابقة. وأشارت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أيضاً إلى تعافي النفقات الرأسمالية في الولايات المتحدة الأميركية، كما يتضح من ارتفاع الإنفاق بواقع 4.9 مليار دولار أميركي على أساس سنوي خلال الربع الرابع من العام 2016 من قبل 44 شركة تنقيب نفطي. كما نوهت شركة بيكر هيوز بارتفاع منصات الحفر بمعدل 10 منصات خلال الأسبوع الأول من أبريل 2017، ليرتفع بذلك إجمالي عدد منصات الحفر إلى أعلى مستوى على مدى 19 شهراً. من جهة أخرى، لم تتغير توقعات الطلب العالمي على النفط للعام 2016 وفقاً لتقديرات الأوبك، إذ يتوقع أن الطلب قد ارتفع في العام السابق ليصل إلى 1.38 مليون برميل يومياً، بمتوسط يومي يصل إلى 95.05 مليون برميل يومياً. توقعات وبالنسبة لتوقعات الطلب للعام 2017، فقد تمت مراجعتها إذ يتوقع أن ترتفع بمعدل 10 آلاف برميل يومياً، ليصل متوسط الطلب إلى 96.32 مليون برميل يومياً، مرتفعاً بواقع 1.27 مليون برميل يومياً مقارنة بمعدل الطلب للعام 2016، وذلك نتيجة لارتفاع الطلب أكثر مما كان متوقعاً من قبل الصين خلال الربع الأول من العام 2017. أما بالنسبة للطلب من قبل الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فلم يطرأ عليه تغير يذكر، مقارنة بمستويات الشهر السابق مع ارتفاع الطلب من جهة الدول الأوروبية خلال الشهرين الأولين من العام 2017، نظراً لزيادة الطلب على زيوت التدفئة بسبب برودة الطقس. ويتوقع أن يظل الطلب قوياً في أوروبا أيضاً؛ بسبب تحسن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع مبيعات السيارات. وفيما يتعلق بتوقعات المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة الأوبك للعام 2016، فقد تم تخفيضها بمعدل 26 ألف برميل يومياً، نتيجة لمراجعة البيانات التاريخية لإنتاج تايلاند والأرجنتين وكولومبيا، بالإضافة إلى حدوث نمو أقل من المتوقع لكندا والكونغو خلال الربع الأخير من العام 2016، إذ يتوقع أن يبلغ المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة الأوبك للعام 2016 في المتوسط 57.32 مليون برميل يومياً، متراجعاً بمعدل 0.69 مليون برميل يومياً مقارنة بالعام السابق. أما بالنسبة لتوقعات العام 2017، فيتوقع أن يرتفع المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة الأوبك بمعدل 0.58 مليون برميل يومياً ليصل إلى 57.89 مليون برميل يومياً، نظراً لرفع التوقعات بمعدل 0.18 مليون برميل يومياً. وقد تم التوصل لهذا التعديل نظراً لارتفاع النمو من جانب الولايات المتحدة مع انخفاض معدل تراجع كل من كولومبيا والصين. معروض ويتوقع أن يسجل المعروض الأميركي أعلى معدلات النمو في العام 2017 نتيجة لزيادة عدد منصات الحفر وإنجاز عدد أكبر من الآبار النفطية، وتوافر فرص الحصول على رأس المال. وترى بحوث كامكو أن الارتفاع الحالي لأسعار النفط سيكون مؤقتاً، ولن يتخطى 55 دولاراً أميركياً للبرميل على المدى القريب، إذ إن ارتفاع الأسعار يحفز الاستثمار في البنية التحتية للنفط الأميركي بما قد يؤدي إلى إحداث أثر عكسي على الأسعار. إلى جانب ذلك، نعتقد أن المرحلة الثانية لخفض الإنتاج فيما بعد 17 يونيو ستكون أقل من الحصص المفروضة وفقاً للاتفاقية الحالية، نظراً لأن صغار المنتجين من الأعضاء وغير الأعضاء بمنظمة الأوبك قد لا يكون بمقدورهم الاستمرار في مساندة القيود المفروضة على العائدات النفطية. هذا بالإضافة إلى أن عودة كل من ليبيا ونيجيريا بإنتاج إضافي قد يخفض من حصة الأوبك في تخفيض الإنتاج. لذا نحتفظ بنظرتنا طويلة الأجل لسعر يتراوح ما بين 55 و60 دولاراً أميركياً للبرميل على المديين القريب والمتوسط.;
مشاركة :