الصحبة «المحببة»، ترجمة الدكتور محمد نور النعيمي لعنوان كتاب لـ(وين بوث)، لكن كتابتي ليست عن زميلي سابقا د. النعيمي أستاذ الأدب الانجليزي في جامعة الملك فيصل، ولا عن (وين بوث). ولكن عن صحبتي المحببة التي قضيت معها، وقضينا معا حتى الآن ستة أسابيع جميلة. وهي صحبة تنقسم إلى صحبتين: صحبة قريبة، وصحبة بعيدة. الصحبة القريبة هم الأصدقاء الذين أشاركهم أوقاتا ماتعة، مُنَمِيّة للاحساس بالجمال، ومُنَشِطّة للذهن والتفكير النقدي، قضيناها في قراءة ومناقشة روايات القائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربية 2017. أما الصحبة البعيدة فهم مؤلفو الروايات: إلياس خوري، ونجوى بن شتوان، ومحمد عبدالنبي، واسماعيل فهد اسماعيل، ومحمد حسن علوان، وسعد محمد رحيم. الحقيقة أنه لولا هذه الصحبة المحببة البعيدة ما كان سيتحقق التقاء وتواصل الصحبة المحببة القريبة بهذا الشكل المنظم والمستمر خلال الأسابيع الستة الماضية. من أجل الدقة من ناحية، واقتداء بـ(بوث) من ناحية أخرى، أقول إن الصحبة البعيدة ليست بعيدة في الحقيقة، أو بتعبير آخر بعيدة وقريبة معا في نفس الوقت؛ قريبة حيث ناب عن الروائيين ومَثَّلَهُم أثناء قراءة الروايات أنفسهم وذواتهم حين تأليف رواياتهم، أنفسهم التي تختلف عن أنفسهم قبل وبعد تأليفها، أو لِأَقل مَثّلهم صورهم التي تشكلت أثناء القراءة في ذهن كل فردٍ من الصحبة المحببة القريبة؛ فكان لكل مؤلف صور ذهنية (المؤلف الضمني) بعدد المشاركين في الورشة. وما لا يحتاج الى تأكيد أن صورة كل مؤلف اختلفت من مشارك في الورشة الى آخر. فصورة محمد علوان الضمني التي تشكلت، على سبيل المثال، في مخيلة القاص والروائي جبير المليحان كانت مختلفة عن صورته عند الناقد والروائي عيد الناصر. كان تأثير الاختلاف في صورة المؤلف الضمني لكل رواية واضحا أثناء مناقشتها، في التحليل والتأويل، وكوضوح اختلاف العلاقات أو المواقف من المؤلف الضمني نفسه. كان طبيعيا أن تختلف صورة المؤلفين الضمنيين، لأن قراءاتنا الفردية كانت تقع داخل سياقات مرجعيات ذاتية أدبية وثقافية متباينة، لا يمكن تصور عدم تأثيرها على عملية التلقي. لقد أضفى عنصر الاختلاف على النقاشات إثراء وبهاء يصعب وصفهما!
مشاركة :