سجل الميزان التجاري التونسي زيادة على مستوى نسبة العجز قدرت بنحو 3.1 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وذلك خلال الثلاثة أشهر الأولى (الربع الأول) من السنة الحالية. ووفق ما قدمه البنك المركزي التونسي من معلومات حول المبادلات التجارية التونسية مع الخارج، فإن ميزان الطاقة يساهم بنحو 50 في المائة من الزيادة المسجلة على مستوى عجز الميزان التجاري، كما أن تراجع عمليات تسويق مادة «الفوسفات» بنسبة 25 في المائة مقارنة بالتوقعات التي وضعتها السلطات التونسية، ساهم في تأزم الوضع التجاري التونسي مع الأسواق الخارجية. وفسر البنك المركزي التونسي تفاقم الأزمة بعدة أسباب، من بينها الانزلاق المسجل على مستوى الميزان التجاري الذي ناهز عجز 3.9 مليار دينار تونسي (نحو 2.4 مليار دولار) مع نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، وفسر هذا الانزلاق بالزيادة الهامة المسجلة على الواردات التي ارتفعت بنسبة 20.2 في المائة خلال الثلاثة أشهر المنقضية. وخلال الفترة نفسها، لم ترتفع وتيرة التصدير إلا بنسبة 7.4 في المائة، وساهم ارتفاع العجز المتعلق بميزان الطاقة بأكثر من 50 في المائة من الزيادة التي عرفها عجز الميزان التجاري الإجمالي إثر الارتفاع المسجل في مشتريات المواد الطاقية المكررة. وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة الخبير الاقتصادي التونسي، إن توقف عجلة الإنتاج لسنوات يجعل تبعاتها متواصلة إلى غاية اليوم، ولا يمكن للاقتصاد التونسي - على حد تعبيره أن يستعيد عافيته إلا إذا عادت آلة الإنتاج وساهمت في خلق الثروات وتوفرت ظروف الاستثمار والمناخ المناسب لعودة رجال الأعمال المحليين والأجانب للمساهمة في توفير فرص العمل وتنفيذ مشاريع التنمية. وأكد بومخلة على أن تعطل أهم محاور الاقتصاد التونسي، وخصوصاً التصدير إلى الفضاء الأوروبي الذي يعاني بدوره من حالة خمول، وضعف أداء القطاع السياحي وعدم استعادته لكامل عافيته، تعد من بين أهم الأسباب التي تجعل العجز التجاري متواصلا مع عدة فضاءات اقتصادية في الخارج. وعلى مستوى الصادرات التونسية، تواصل الأداء الإيجابي لصادرات الصناعات المعملية خاصة، ومبيعات قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية وقطاع النسيج والملابس والجلود، الذي زادت صادراته بأكثر من 10 في المائة، كما شهدت مبيعات المنتجات الفلاحية والغذائية وأساسها التمور زيادة ملحوظة، إلا أن تراجع مبيعات قطاع الفوسفات ومشتقاته بنسبة نحو 25.9 في المائة، مقابل ارتفاع بنحو 97.2 في المائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، هو ما أثر على الحصيلة التجارية الإجمالية. وسجلت الواردات تزايدا على مستوى المواد الغذائية نتيجة ارتفاع المشتريات التونسية من الحبوب (قمح وشعير)، وزيادة مشتريات المواد الأولية والنصف مصنعة على مواد التجهيز المختلفة. أما المواد الاستهلاكية، فقد شملها الارتفاع المسجل خاصة بالنسبة للنسيج والملابس. وعلى وجه العموم، ساهم انتعاش المداخيل السياحية إثر تزايد عدد الوافدين حتى نهاية شهر مارس الماضي بنحو 44.2 في المائة، في المحافظة على نفس التوازنات الاقتصادية العامة، وشملت الزيادة الوافدين الأوروبيين بنسبة 22 في المائة، وسياح المغرب العربي بنحو 49.9 في المائة. على صعيد متصل، وخلال كامل سنة 2016، قدر العجز التجاري بنحو 12 مليار دينار تونسي (نحو 4.6 مليار دولار)، وسجلت نسبة تغطية الصادرات للواردات شبه استقرار مقارنة بنتائج 2015، وذلك بنحو 69.8 في المائة.
مشاركة :