أبدت دول كثيرة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أو حتى كبار المنتجين المستقلين خارجها، دعمها لتمديد اتفاق تخفيض الإنتاج العالمي الذي تم تطبيقه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، ومن المفترض أن ينتهي العمل به في شهر يونيو (حزيران) المقبل، الذي يستهدف تقليص المعروض العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يومياً. وأبدت دول مثل الكويت وقطر والعراق والجزائر وفنزويلا وأنغولا تأييدها للتمديد، وأبدت عمان من خارج «أوبك» تأييدها للفكرة. وانضمت نيجيريا يوم الخميس الماضي إلى قائمة الدول المؤيدة للاتفاق. وشاعت أنباء غير مؤكدة عن دعم السعودية للتمديد؛ ولكن لا يوجد تأكيد نهائي حتى الآن من كل هذه الدول بأن التمديد أصبح أمراً نهائياً. وبدأت تتردد فكرة حالياً حيال مدة هذا التمديد، ففي حين تتكلم الغالبية عن تمديد الاتفاق لمدة 6 أشهر، قال «بنك أوف أميركا - ميريل لينش» الأسبوع الماضي في مذكرة، إن من بين المقترحات التي تتم دراستها هو تمديد الاتفاق لمدة 3 أشهر، إلى جانب أفكار تمديده لمدة 6 أشهر. وتوصل البنك إلى هذا الاستنتاج بعد جولة قام بها محللو البنك في دول الخليج الأسبوع ما قبل الماضي. ولكن ما الذي يجعل «أوبك» أو حتى المنتجين خارجها يفكرون في تمديده لمدة 3 أشهر بدلاً من 6 أشهر؟ لقد كان وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة هو أول من اقترح فكرة تمديده لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر الشهر الماضي، خلال وجوده في الكويت لحضور اجتماع لجنة مراقبة الإنتاج. ويرى بعض المطلعين على المحادثات، الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تمديد اتفاق لمدة 3 أشهر سيعتمد على مدى استجابة المخزونات العالمية لاتفاقية تخفيض الإنتاج التي يتم تطبيقها حالياً. فإذا ما كانت المخزونات النفطية بدأت في التراجع بشكل سريع، فقد لا تكون هناك حاجة لتمديد الاتفاق لأكثر من ثلاثة أشهر، خصوصاً أن أشهر الصيف على مقربة وسيزيد الطلب في الولايات المتحدة على البنزين؛ مما يعني زيادة طلب المصافي على النفط، وهو بالتالي معناه سحوبات أكثر من المخزونات. ويتجه تركيز السوق حالياً بشدة تجاه المخزونات. وتختلف قراءات المخزونات بحسب الجهة التي تقوم بتقييمها، وتتفاوت التقديرات في السوق بين جميع البنوك ومراكز الأبحاث أو حتى بين الجهات الرسمية مثل وكالة الطاقة الدولية و«أوبك». هذا الأمر هو ما جعل وزير الطاقة السعودي خالد الفالح يقول في لقاء مع «بلومبرغ» الشهر الماضي إن شفافية بيانات المخزونات عالمياً ليست كافية. * حجم المخزونات العالمية قالت وكالة الطاقة الدولية يوم الخميس الماضي إن الطلب العالمي على النفط يقترب أخيراً من تجاوز المعروض بعد نحو 3 سنوات من فائض الإنتاج، رغم نمو فائض الخام غير المستخدم. وقالت الوكالة إن مخزونات النفط بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هبطت 17.2 مليون برميل في مارس (آذار) الماضي. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الأولى من العام ارتفعت المخزونات 38.5 مليون برميل، أو 425 ألف برميل يومياًَ بعد زيادة كبيرة في يناير الماضي. وأضافت الوكالة التي تتخذ من باريس مقراً لها أن إجمالي مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفض 8.1 مليون برميل في فبراير (شباط) الماضي إلى 3.055 مليار برميل، في الوقت الذي تجاوز فيه الطلب المعروض بنحو 200 ألف برميل يومياً في الفترة بين يناير ومارس الماضيين. لكن المخزونات تظل أعلى من متوسط 5 سنوات بواقع 330 مليون برميل، وهو مؤشر مهم. وقالت وكالة الطاقة إن «هناك عدة تفسيرات محتملة لهذا التفاوت، من بينها على سبيل المثال المبالغة في الطلب، أو التقليل من شأن المعروض في تقديراتنا». أما «أوبك»، فقد أشارت في تقريرها الشهري الأربعاء الماضي إلى زيادة التزام أعضائها بالاتفاق، وقالت إن مخزونات الخام في الدول الصناعية تراجعت في فبراير، لكنها ما زالت تتجاوز متوسط الـ5 سنوات؛ إذ تبلغ 268 مليون برميل. وقالت في التقرير الذي أجرت فيه تعديلاً صعودياً طفيفاً لتوقعاتها للطلب العالمي: «رغم بعض المخاطر النزولية، فإن التوقعات العامة لنمو الطلب على المنتجات النفطية في الأشهر المقبلة تظل صعودية». وأضافت أن «عودة المصافي من الصيانة الدورية والطلب الجيد بجانب الالتزام المرتفع الملحوظ في تعديلات إنتاج (أوبك) والمنتجين غير الأعضاء، ستحسن استقرار السوق وتقلص تقلبات الأسابيع الأخيرة». * قرار فيينا ورغم كل جهود الدول من أجل تخفيض الإنتاج، فلا تزال المخزونات النفطية تنخفض ببطء ولم يتبق على الاجتماع المقبل سوى 40 يوماً، وهي قد لا تكون مدة كافية لتهبط المخزونات بصورة أسرع، مما يجعل قرار التمديد حقيقة لا مفر منها، أما المدة فهي ما سيحدده الربع الثاني مع زيادة الطلب فيه. وقال وزير النفط النيجيري إيمانويل إيبي كاتشيكو إن «أوبك» تدرس تمديد خفض الإنتاج لدعم الأسعار فوق مستوى 50 دولاراً، لكنها تسعى إلى التعاون مع قطاع النفط الأميركي لدعم الأسواق التي تعاني من ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي. وقال كاتشيكو لتلفزيون «بلومبرغ» يوم الخميس إن هناك «كثيراً من الجهد المبذول بشأن تمديد مدته ستة أشهر إذا كنا بحاجة لأن نفعل ذلك»، لكنه قال إنه لم يكن هناك «حديث كثير» بشأن الموضوع. وأضاف الوزير، الذي تم إعفاء بلاده من اتفاق خفض الإنتاج حتى تستعيد توازنها السياسي ويستقر الإنتاج من حقولها المتوقفة: «ليس هناك ثمة سبيل أمام (أوبك) لأن تتمكن وحدها من أن تحمل على عاتقها مسؤولية هذا الأمر وبشكل مستمر... في نهاية المطاف سيتعاون العالم في هذا الشأن وليس فقط الدول الأعضاء في (أوبك) وغير الأعضاء بها، ولكن أيضاً الولايات المتحدة نفسها».
مشاركة :