يفوح من «منطقة أم القيوين القديمة» عبق تراث الأجداد التليد، وكل حبة رمل فيها تتحدث عن آلاف الذكريات وتحكي أمواجها قصص الغواصين الذين استقروا بها، وتحفل بمساكن الصيادين الذين مخروا عباب بحرها الغني لتوفير قوت يومهم، وفي كل ركن من أركانها يشدك الحنين إلى حقبة البناء ب «الطين». وتعتبر «منطقة أم القيوين القديمة» من أقدم المناطق المأهولة بالسكان، وذلك لما حباها الله من نعمة الأمن والاستقرار، حيث كانت ملاذاً آمناً للصيادين والبحارة والتجار الذين يركبون البحر بحثاً عن الرزق في أنحاء المعمورة، كما أن وجود مغاصات اللؤلؤ الكثيرة والمشهورة حولها جعلها قلباً نابضاً ومركزاً لانطلاق كل سفن الغوص بحثاً عن اللؤلؤ.ويجد المولعون بالمباني القديمة ضالتهم في «منطقة أم القيوين القديمة»، والتي مازالت شوارعها الضيقة تحتضن مئات المنازل القديمة التي يصل عمر بعضها إلى 200 عام أطلق عليها اسم «مخازن»، كما يسميها مشيدوها من أبناء المنطقة ومؤسسي المدينة. ومازالت أغلب هذه «المخازن» تحمل أسماء أصحابها الذين شيدوها في الماضي. والدالف إلى موقع «منطقة أم القيوين القديمة» لا يرى حدوداً معينة لعبق الماضي، فمنازلها الطينية العتيقة لملمت أسرار العصور الغابرة وتشكل تناغماً ودفئاً لعلاقة مازال التاريخ يسردها على الأجيال المتعاقبة، وحصنها وأبراجها باقية شاهدة على صيرورة أحداث المنطقة، وسورها يقف شامخاً وسطه بوابة تاريخية كبيرة كانت ممراً لأناس استوطنوا فيها وعبروا تاركين الكثير من الذكريات والآثار.وتعد «منطقة أم القيوين القديمة» واحدة من أهم المناطق الأثرية حيث تجمع بين روح المكان وذكريات زمن الطين، وتعتبر شاهد عيان على حقبة مهمة من تاريخ المكان، كما أنها الوصي على تراث المدينة وتقاليدها وتتميز بمجموعة من السمات الفريدة، حيث تحتضنها الخيران البحرية والجزر وتطل على السهل الرملي الداخلي.وتضم «أم القيوين القديمة» العديد من المعالم والأماكن الأثرية كالسور القديم والعديد من القلاع والحصون التي تعكس تاريخ المنطقة وحضارتها مثل قلعة أم القيوين.ويؤكد المواطن سعيد خليفة آل علي أن «منطقة أم القيوين القديمة» هي إحدى مناطق إمارة أم القيوين وكانت مسكونة من قبيلة آل علي، وهي اليوم عبارة عن مكان أثري وتحتوي المنطقة على الكثير من المساكن المهجورة والبيوت التي ما زالت تحمل أسماء ساكنيها من كبار التجار وغيرهم.ويقول المواطن حميد بن بشر الذي يزيد عمره على 70 عاماً وأحد الذين ولدوا وتربوا في «منطقة أم القيوين القديمة» إنه لا ينسى لهوه ومرحه في فريج اللبنة.لافتاً إلى أن الحياة بصفة عامة كانت تقوم على الغوص وما كان يجود به البحر على الناس.ويضيف: لقد تأثر سكان «منطقة أم القيوين القديمة» في فترة ما قبل عصر النفط بعنصرين أساسيين من البيئة هما البحر والصحراء، حيث كان لهما الأثر الكبير في تكوين العادات والتقاليد ، إضافة إلى التركيبة الاجتماعية والبنية الاقتصادية للمدينة. (وام)
مشاركة :