كثر الجدل والنقاش في الأسابيع القليلة الماضية عن موضوع الجنسية وتعديل قانون المحكمة الإدارية لبسط سلطة القضاء على حالات سحب الجنسية أو إسقاطها. وكالعادة انقسم الشارع إلى فريقين، أحدهما مؤيد والآخر معارض للتعديلات. ورغم أهمية هذا القانون أو التعديل على القانون من أجل حماية المواطنة وتحصينها من العبث والانتقائية في سحب الجناسي وإسقاطها، إلا أن مقدمي الاقتراح ومؤيديهم عجزوا عجزاً تاماً عن التسويق لمقترحهم الذي وئد في مهده ولم يكن متوقعاً نجاحه، فجاءت نتيجة التصويت عليه بالرفض طبيعية وغير صادمة.وفي المقابل، نجحت مجموعة الـ 80 المعارضة للمقترح، بالتسويق لفكرتها واستطاعت أن تشعل الشارع بتلك التصريحات المثيرة للجدل. وبالرغم من صغر حجم تلك المجموعة وعدم وجود صفة رسمية لها أو سلطة دستورية بيدها، إلا أنها مع ذلك تمكنت من تحقيق هدفها الواضح، وهو تشكيل رأي عام ضاغط يرفض ذلك المقترح.لم يتمكن النواب مقدمو المقترح بأدواتهم الدستورية وحصانتهم وأعداد مؤيديهم المهولة من إقناع الشارع بأهمية ذلك المقترح، لأنهم وبكل بساطة بدلاً من الظهور على وسائل الإعلام وشرح أسباب تقديمهم للمقترح وإيجابيات إقراره، استخدموا أسلوب التصريحات الرنانة والتهديدات المعتادة باستجواب رئيس الوزراء في حال لم يتم حل تلك المشاكل وإقرار تلك القوانين، ففشلوا في كسب الرأي العام لأنهم بدلاً من التوجه للمعارضين لمقترحهم والحوار معهم ومعرفة أسباب رفضهم وتخوفهم من التعديلات المقترحة، استخدموا أسلوب الطعن والتخوين فوصموهم بالعنصرية وغيرها.وللأسف، لم يتعلم نوابنا الأفاضل من أخطائهم السابقة، وبالتأكيد لم يستفد أحد منهم مما حدث في انتخابات الرئاسة الأميركية، فالرئيس ترامب رغم تصريحاته المثيرة للجدل والحملات الإعلامية الضخمة التي وجهت لضربه، إلا أنه استطاع الفوز وبأريحية في تلك الانتخابات، فضرب خصمك لا يعني أنك أفضل منه!ومن هنا، فعلى النواب - خصوصاً العائدين من المقاطعة - استيعاب التغيرات على الساحة السياسية، فالناس لم تعد تستسيغ أسلوب التهديد والوعيد، فالحوار والإقناع هما مفتاح الوصول لعقول الناس ثم قلوبهم، كما أن ضرب الخصم وتخوينه وتجريحه لم يعد ذا فائدة، بل على العكس تماماً هو استفزاز صريح لن يكسبوا منه سوى تحشيد القوى ضدهم.لذلك، ولضمان نجاح أي اقتراح قانون في المستقبل، على النواب التفكير جدياً بالعودة للناس ومحاورة المعارض قبل المؤيد وتشكيل رأي عام يدعمهم من خارج قبة عبدالله السالم، وبغير ذلك فلن يكون هناك أي إنجاز، وما طبنا ولا غدا الشر!dr.hamad.alansari@gmail.comtwitter: @h_alansari
مشاركة :