زياد الشيخلي في عالمنا اليوم بات الإعلام وبمختلف وسائله السمعية والمرئية إحدى بل أهم الروافد الثقافية التي أصبحت عامل مهم في خلق الروابط بين المجتمعات المختلفةوقناة مهمة للتواصل الاجتماعي مابين الأمم. لم يعد يختلف اثنان بالقول بأن العالم قد دخل مرحلة جديدة من التفاعلات نتيجة لثورة الاتصالات التي خلقت حالة من التداخل بين الأمم والشعوب ونوع من ثقافة الاندماج..لقد أصبح الواقع الإعلامي قضية زعامات تجاوزت كل الخطوط الحمراء كي تخلق المواقف الخيالية والروايات الكاذبة من أجل الوصول إلى غايتها المطلوبة. اليوم نحن أمام حقيقة مهمة جدا..هي حقيقة سطوت المال وتحكمه بكل خيوط اللعبة الإعلامية..بحيث نكون أمام حقائق صعبة وصادمة عندما نضع أيدينا على الأسرار والخفايا والمنهجية التي يستخدمها صناع هذا المجال، عندما استطاعت الكثير من المؤسسات التجارية العالمية ودوائر صنع القرار السياسى في العالم أن تفرض سطوتها على قواعد اللعبة الإعلامية وبشكل خاص جدا. لقد تمكنت مخابرات بعض الدول العظمى من تحويل قضية احتلالها للبلدان بقوة السلاح إلى احتلال الشعوب عبر الوسائل الإعلامية(media)!! _خير دليل على أن الإعلام أصبح يدور في فلك الأجهزة المخابراتية..إشارة إلى التقرير الخاص بالحرب على العراق عام 2003 والذي بثته قناة الميادين الفضائية.. يتحدث الإعلامي (مارتن ويلر) الذي يعمل في شركة بيل بوتينغر البريطانية..وهي الشركة الاستشارية الرائدة في شؤون التواصل والإعلام في منطقة الشرق الأوسط وتمتلك مكاتب في أبو ظبي، البحرين، الدوحة، دبي بيروت..يقول الإعلامي مارتن ويلر في معرض حديثه أن وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) بعد غزو العراق عام 2003 دفعت لشركة بوتينغر مبلغ قدره 450 مليون دولار لصناعة أخبار كاذبة والترويج للاحتلال الامريكي في العراق. وقد قام ويلر بنفسه بالعمل على هذا الموضوع والذي كان مخطط له عمل ثلاثة أنواع من الإنتاج! 1. النوع الابيض .. أعلانات تلفزيونية تظهر تنظيم القاعدة بشكل سلبي! 2. النوع الرمادي _ نشر تقارير إخبارية وغير متحيزة مشابهة للنتاجات العربية..بحيث ترسل الشركة فريق لتصوير القصف والتفجيرات(بجودة متدنية) ثم مونتاج وإضافة صوت عربي ثم التوزيع على التلفزيونات في أنحاء مختلفة من العالم. 3. النوع الاسود_ وهو الأكثر حساسية..في صناعة فيديوهات تخص تنظيم القاعدة يمكن تعقبها..وتستنسخ على أقراص (CD) تنشرها الدوريات الأمريكية أثناء المداهمات..حيث أن القوات الأمريكية تقوم بنشر هذه الأقراص بصورة عشوائية. الملاحظة المهمة والدقيقة التي يجب أن نقف عندها كثيرا..هي أن هذه النتاجات يجب أن يوافق عليها(ديفيد بترايوس) قائد قوات التحالف في العراق وأحيانا يتم إرسالها إلى البيت الأبيض لأخذ الموافقة..ويقول الصحفي ويلر لقد عملت أكثر من 500 شريط تحتوي على فضائع لايمكن أن نتخيل أن يقوم بارتكابها أحدا بحق أية انسان..كان هذا التقرير قد صدر عام 2006 إلى عام 2008. وهذا خير دليل على استخدام الإعلام شتى الوسائل من أجل تضليل المواطن والتلاعب بالعقول بغية فرض واقع فكري كامل على المتلقي. وفيما يخص واقع الإعلام في العراق..وبسبب كثرة انتشار الفضائيات التي يتحكم بها رجال الأعمال من جهة وسطوة الأحزاب والكتل السياسية من جهة اخرى..بات الإعلام العراقي يتعبد في رحاب أموال السحت الحرام لرجال السياسة والبزنس. في الحقيقة لقد خسر الإعلام العراقي أهم أركانه وهي الاحترام والمصداقية بعد أن شهدت الساحة الإعلامية وبالتحديد على شاشات التلفزة معارك بين السياسين اتسمت بالتراشق والسب والشتيمة الذي دمر سمعة العراق الإعلامية. وعلى الرغم من وجود بعض المساحة لإبداء الرأي والرأي الآخر لكنه في النهاية تكون المادة الاعلامية في اتجاه الحكومات وتدور في فلك الحاكم.
مشاركة :