تاريخ حافل سطرته الفنانة الكبيرة سهير المرشدى عبر رحلة فنية استمرت على مدار عقود، قدمت خلالها عشرات الأعمال الفنية ما بين «سينما ومسرح وتليفزيون»، وحفر الكثير منها لنفسه علامات داخل المشاهدين.
عبدالناصر منح كرم مطاوع أعلى وسام للفنون.. وبعدها لم يتذكره أحد ابتعدت عن الساحة؛ بسبب زوجى قسوت على ابنتى قبل دخولها الوسط الفنى لأعلمها أن النجاح لا يأتى من فراغ.
«البوابة» التقت الفنانة الكبيرة سهير المرشدى، وكان لها معها هذا الحوار، الذى ألقت الضوء من خلاله على مشوارها الفنى الحافل.. وإلى نص الحوار..
■ البداية.. بتكريم زوجك المخرج الراحل كرم مطاوع خلال مهرجان شرم الشيخ المسرحى.. كيف ترينه؟
- كرم مطاوع.. كُرِّم فى عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى منحه أعلى وسام للفنون، ومع ذلك فلم يتذكره أحد بعدها، لذلك سعدت بتكريم المهرجان له، لأن ذاكرتنا لم تعد سمكية، ولم نعد نغفل التاريخ، لأنه بذكرنا للرواد الذين هم حراس الحركة الثقافية، وتكريمهم بعد رحيلهم، أمر مهم لنا وليس لهم، لأنه عندما نكرم اسمًا كبيرًا نكبر أنفسنا معه، ورغم أن أحدًا من مؤسسى المهرجان ربما لم يعاصر كرم مطاوع، ولكن الكثير منهم تتلمذ على يديه، وذلك يثبت أنه كان فنانًا مثقفًا أحب عمله وبلده، لذلك عاش اسمه حتى الآن، رغم وفاته من سنوات طويلة.
- بالطبع حضورها تكريم والدها أشعرها بالفرحة، بعد أن كانت تتساءل لسنوات طويلة: لماذا لا يُكرم والدها فى الاحتفالات الفنية سواء فى السينما أو المسرح!
- لا أستطيع قول ذلك، فقد كرمته الدولة فى عصر عبدالناصر، وفى افتتاح عرض مسرحية «إيزيس» حضر الرئيس وحرمه لمشاهدة العرض، لكنه كان صاحب فكر وفلسفة مختلفة، وكان دائمًا على يسار النظم، وعانينا من ذلك لفترات طويلة، فهو كان غارقًا فى مصريته بشكل كبير، وأكبر دليل على ذلك، أنه عندما سافر إلى إيطاليا وتزوج هناك من إيطالية وأنجب منها، لم يتحمل الحياة هناك وعاد الى مصر، ليعيش وسط تلاميذه وفى بلده عشقه الأكبر، ثم تزوج منى.
- بداية هو لم يستمرفي زواجه بها فترة طويلة، لأنه أراد التزوج من مصرية، كما أنى لم أعلم بذلك إلا بعد فترة من زواجنا، ولا أعرف إن كنت علمت ذلك فى البداية هل كنت سأتقبل أم أرفض هذا، فأنا عرفته أستاذ جامعة وتتلمذت على يده، وأحببته حينها وتزوجنا.
- كانت كالنار.. فأنا انفعالية بطبعى لأن الانفعال أهم صفة فى عملى كفنانة، وهو أيضًا كذلك، لذا عندما كنا ندخل فى صدام كنا نصبح كالنار التى لا يطفئها إلا أن يحتوى أحدنا الآخر ويعمل عقله لإنهاء الموقف، وهو كان نموذجًا للفنان المثقف، وعقلية جبارة، ومع ذلك فأنا لم أشاهد الطفل الذى بداخله إلا عند استشهاد شقيقى فى حرب أكتوبر عام ١٩٧٣، ونظرته لى عند معرفته الخبر لا أستطيع نسيانها حتى الآن.
- حفظت له فى عقلى وقلبى موقفه هذا، وبدأت أتعامل مع هذا الشخص الذى كان يراه الناس كالطاووس، من نظرة الإنسان الذى بداخله، ووقفت بجانبه عندما أصابته وعكة صحية فى باريس، وكنا معًا هناك.
- بالعكس، فأنا ابتعدت عن الساحة الفنية فى وجود كرم مطاوع، لأنه كان يشغلنى، فأنا تم اكتشافى فى الثانوية العامة وكنت نجمة من خلال المسرح المدرسى، والتحقت بعدها بمعهد الفنون المسرحية، وتعرفت عليه هناك، فكان يقال عنى دائما إنى لا أسير على الأرض بل أقفز لأطير.
- قلت لها أنت لست قادمة من فراغ، بل نتاج لحظة حب بين عملاقين اسمهما كرم مطاوع وسهير المرشدى، فأنت موهوبة بالوراثة مثل ما أنا ورثت الفن عن أمى.
- لم أحذرها بالمعنى المعروف، بل حاولت أنقل خبرتى إليها، احتضنتها نعم، لكنى قسوت عليها أيضا لأرسخ بداخلها أن النجاح لا يأتى من فراغ، بل لا بد أن يكون نابعًا من موهبة وتدريب، وأقدم لها آرائى فى عملها، ولكن دون أن أفرضه عليها.
- ابتعدت لأن الفن أصبح لديه حسابات، وإذا استمر ذلك الشكل سينهار، لأن الفن مع الحسابات يخيب.
- لا بد من وجود منتج مثقف ليرتقى بالمهنة، فمعظم الفنانين الذين يحترمون فنهم وتاريخهم يعتذرون عن تقديم أعمال فنية حفاظًا على صورتهم أمام الجمهور.
مشاركة :