الإرهاب باق في العراق بعد داعش وواشنطن عائدة بذريعة محاربتهفي ظلّ توقّعات قوية بأنّ الحرب الدائرة حاليا في العراق ضدّ تنظيم داعش، رغم تقدّمها الكبير لن تنهي الإرهاب في البلد، ولن تعيد إليه الاستقرار بشكل كامل، فإن المجال سيكون مفتوحا أمام الولايات المتحدة لـ”شُـغل” طويل الأمد على الأراضي العراقية، تحتاج إليه لتبرير وجودها في إطار صراع أوسع على النفوذ بالمنطقة.العرب [نُشر في 2017/04/19، العدد: 10607، ص(3)]المجال مفتوح لأكثر من لاعب بغداد - تواصل الولايات المتّحدة في هدوء وتدرّج إعادة تركيز وجودها العسكري في العراق الذي انسحبت منه سنة 2011 في خطوة تعتبرها إدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب خطأ استراتيجيا أحدث فراغا وأفسح المجال أمام قوى منافسة لتوطيد نفوذها في البلد. وكشف ضابط بالجيش العراقي، الثلاثاء، وصول قوات خاصة أميركية إلى قاعدة عين الأسد بغرب العراق، استعدادا للمشاركة في استعادة ما بقي من مناطق محافظة الأنبار تحت سيطرة تنظيم داعش. وتستمد واشنطن من محاربة الإرهاب حجّة تبرّر لرأيها العام الداخلي وللرأي العام الدولي، تلك العودة العسكرية إلى البلد الذي تعتبر مسؤولة بشكل مباشر عن أوضاعه الحالية بما في ذلك وضعه الأمني، بفعل غزوها له سنة 2003 وتغييرها نظامه بالقوة وحلّ مؤسّسته العسكرية، وهي الأعرق في العالم العربي. وسبق أن استخدمت إيران الحجّة ذاتها لتحويل نفوذها السياسي في العراق إلى وجود عسكري بالوكالة عبر جيش من الميليشيات الشيعية الموالية لها والمشكّلة للحشد الشعبي المشارك حاليا في الحرب ضدّ داعش. وفي ظلّ توقّعات قوية بأنّ الحرب الدائرة في العراق ضدّ التنظيم المتشدّد، رغم تقدّمها الكبير لن تنهي الإرهاب في البلد، ولن تعيد إليه الاستقرار بشكل كامل، فإن المجال سيكون مفتوحا أمام الولايات المتحدة لـ”شُـغل” طويل الأمد على الأراضي العراقية. وتوقّع إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي السابق أن يلجأ تنظيم داعش الذي تجري محاصرته الآن في مدينة الموصل آخر معاقله الكبيرة بالعراق إلى التحالف مع تنظيم القاعدة لتتجمّع بذلك مقدّرات التنظيمين ويتشكّل جسم إرهابي جديد يواصل منع عودة الاستقرار إلى العراق، وتواصل الولايات المتحدة الإشراف على محاربته بقواتها التي شرعت فعلا في إعادتها إلى البلد، فضلا عن تمركزها بشرق سوريا المجاورة. وإلى حدّ الآن تشارك الولايات المتحدة في الحرب على التنظيم -وفق ما هو معلن بشكل رسمي- بتوفير الغطاء الجوّي للقوات العراقية على الأرض. وستكون المشاركة في عمليات برية منعطفا مهما في الانخراط الأميركي بتلك الحرب. وأكّدت لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، الثلاثاء، وجود رغبة أميركية في المشاركة بعمليات برية لاستعادة مدن عانة وراوة والقائم، بغرب العراق. ونسبت وكالة الأناضول لضابط عراقي برتبة عميد، دون ذكر اسمه القول إنّ “قوة كبيرة من القوات الخاصة الأميركية وصلت قاعدة عين الأسد بناحية البغدادي” على بعد تسعين كيلومترا غرب مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار.حاكم الزاملي: القوات الأميركية تحاول بكل الطرق المشاركة في العمليات البرية ويسمح التواجد بتلك المحافظة الواقعة بغرب العراق للقوات الأميركية بمراقبة الحدود مع الأردن، وخصوصا مع سوريا، حيث يبدو من المهم للولايات المتحدة قطع حبل التواصل البرّي بين الحليفتين طهران ودمشق عبر الأراضي العراقية. وأضاف الضابط أنّ “تلك القوات كانت متواجدة في العراق بقاعدة البكر الجوية شمال العاصمة بغداد، وجاءت برتل عسكري كبير إلى قاعدة عين الأسد”، وأنّها “وصلت بكامل معداتها وآلياتها العسكرية، استعدادا للمشاركة في عمليات تحرير مدن عانة وراوة والقائم من تنظيم داعش”. ويعرف الساسة العراقيون الشيعة الموالون لإيران، أنّ تحجيم نفوذ الأخيرة ببلادهم على رأس أهداف النشاط السياسي والعسكري الأميركي بالعراق، ويرفضون بناء على ذلك زيادة الدور الأميركي في الحرب ضدّ داعش على الأراضي العراقية. وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، الثلاثاء، لموقع السومرية الإخباري إن “القوات الأميركية تحاول بكل الطرق المشاركة في العمليات البرية، حيث حاولت سابقا المشاركة في معارك تحرير نينوى وحين يئست من الحصول على الغطاء القانوني لمشاركتها، تتوجه تلك القوات اليوم للمشاركة في معارك تحرير عانة وراوة والقائم”. واعتبر أن “مشاركة أي قوات أجنبية برية في معارك التحرير ستمثل إساءة للحكومة والسيادة العراقية”، ومؤكدا أنّ “البرلمان والحكومة لن يسمحا بأي مشاركة برية للقوات الأميركية في معارك تحرير الأنبار”. وقدّر النائب الذي ينتمي إلى التيار الصدري تعداد القوات الأميركية الموجودة حاليا في العراق بـ”ما يقرب من السبعة آلاف مقاتل منتشرين في قواعد مختلفة في بلد والقيارة وعين الأسد التي وصل عدد القوات الأميركية فيها إلى ألف مقاتل”. ويصف خبراء الشؤون العسكرية عودة القوات الأميركية إلى العراق بالمدروسة والمركّزة والهادفة إلى ضمان النجاعة في مراقبة الوضع العسكري بالبلد دون التورّط كثيرا هناك لتجنّب تعرّض تلك القوات لمخاطر سبق أن جرّبتها بعد غزو سنة 2003. وحسب هؤلاء فإنّ النجاعة متحقّقة فعلا من خلال المشاركة الأميركية الكبيرة في معركة الموصل الدائرة حاليا، قيادة وتخطيطا وتوجيها. وحقّقت تلك المعركة تقّدما كبيرا في إنهاء وجود داعش على أرض العراق ككيان كبير مسيطر على الأراضي بشكل واسع، دون أن يعني ذلك القضاء بشكل جذري على التنظيم الذي سيلجأ إلى أساليب وتكتيكات جديدة في الحرب. وأثار إياد علاوي سيناريو التحالف بين القاعدة وداعش بما يضمن لهما قدرة أكبر على المواجهة والحفاظ على الوجود. وقال في مقابلة صحافية إن تنظيم داعش بدأ محادثات مع تنظيم القاعدة بشأن تحالف محتمل مع تضييق القوات العراقية الخناق على داعش في الموصل. وكشف السياسي العراقي الذي يشغل حاليا منصب نائب لرئيس الجمهورية العراقية عن حصوله على معلومات من مصادر عراقية وأخرى إقليمية تبيّن أن المناقشات بين التنظيمين بدأت بالفعل حيث يدور حوار بين ممثلين لأبي بكر البغدادي زعيم داعش وممثلين لأيمن الظواهري زعيم القاعدة.
مشاركة :