أهمية التدرج في تحول التعليم من المقررات الورقية إلى الإلكترونية

  • 4/20/2017
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

إن قرار تحويل جميع المقررات إلى مقررات إلكترونية دفعة واحدة غير مناسب البتة، لأنه لو فشل فإن العودة إلى الكتب الورقية سوف تكون أصعب.. ناهيك عن التحول الشامل إلى المقررات الإلكترونية لم تأخذ به دولة من دول العالم بما في ذلك الدول المتقدمة.. مما لا شك فيه أن المملكة قطعت شوطا متقدما في مجال نشر التعليم، حيث حققت نقلة نوعية وكمية في كافة المجالات التعليمية من الروضة وحتى الجامعات، حيث تحولت من دولة أمية إلى دولة تزخر بمراكز التعليم ومؤسساته ومعاهده وكلياته حيث بلغ عدد الجامعات والكليات الحكومية ما يربو على 30 جامعة، بالإضافة إلى عدد مماثل للتعليم الخاص.. وأصبح عدد الطلاب والطالبات يناهز (6) ملايين طالب وطالبة، وهذا يشكل ما يصل إلى 25% من عدد سكان المملكة، بالإضافة إلى من تخرج سابقا ممن ارتكزت وترتكز على أدائهم الدولة بقطاعاتها المختلفة والقطاع الخاص وذلك بعد أن كانت المملكة في بداياتها لا تجد من يجيد القراءة والكتابة. اليوم لم نعد نواجه مشكلة الأمية؛ فهذه أصبحت محدودة، ولكن المشكلة تكمن في الموازنة بين الكيف والكم، حيث إن كل فعاليات التنمية والأمن والدفاع والصحة وقبل ذلك وبعده التعليم تحتاج إلى كوادر على قدر متقدم من المعرفة يعكس مخرجات مؤسسات التعليم العام والعالي لدينا، خصوصا في عصر أصبح كل شيء رهن التعليم المتميز.. وهذا كله يحتاج إلى توازن فريد بين متطلبات الكيف والكم بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر لأن الكيف وحده لا يستطيع الوفاء بكل متطلبات الأعداد المتزايدة من السكان.. والكم وحده يخرج أشباه متعلمين، وعليه فإن تطوير كفاءة كل من المعلم والمقرر والمدرسة وإحياء دور الأسرة واعتباره جزءا لا يتجزأ من العلمية التعليمية أساس لإصلاح التعليم، وإذا أخذنا مقولة أن المقررات الالكترونية سوف تمكن من حل المشكلات المتعلقة بالتعليم فإن هذا يمكن أن يجرب بصورة تدريجية بحيث يتم تحويل مقرر أو مقررين إلى الصيغة الالكترونية، فإذا أثبت التطبيق الميداني نجاح تلك الفكرة تتم إضافة مقرر أو مقررين الكترونيين أخرين وهكذا دواليك بحيث يتم التحول إلى التعليم الالكتروني في خلال مدة لا تقل عن خمس إلى عشر سنوات، هذا مع العلم أن هذا الأسلوب قد يكون ناجحا إلى حد ما في المدن الكبيرة والحواضر، ولكن ماذا عن الوضع في القرى والمراكز والهجر بالإضافة إلى من هم خارج نطاق تلك المناطق. ناهيك عن أهمية إعداد المعلم بصورة تدريجية لمواكبة تلك التحولات. إن قرار تحويل جميع المقررات إلى مقررات إلكترونية دفعة واحدة غير مناسب البتة لأنه لو فشل فإن العودة إلى الكتب الورقية سوف تكون أصعب. ناهيك عن التحول الشامل إلى المقررات الإلكترونية لم تأخذ به دولة من دول العالم بما في ذلك الدول المتقدمة. وإذا كان مقرر الحاسب الآلي لم يلق النجاح المؤمل منه فكيف بتحويل جميع المقررات إلى مقررات الكترونية؟ إن المشكلة التي يواجهها التعليم لدينا تكمن في أن عملية الإصلاح والتطوير لا تتم بصورة تراكمية ناتجة عن دراسات ميدانية بل هي عبارة عن مبادرات فردية كل منها يجب ما قبله بحيث أصبحت المقررات الورقية الحالية أضعف بكثير من المقررات السابقة لها، وأصبح التعليم نتيجة لذلك يتقهقر ولا يتقدم وهذا مقرون بنجاح جميع الطلاب، مع العلم أن بعضهم لا يستحق النجاح، والدليل أن كثيرا منهم يحصل على درجات متميزة تؤهله للالتحاق بالتعليم العالي، ولكن عند المحك يفشل خصوصا أن بعضا منهم لا يجيد الكتابة والقراءة بصورة تعكس مستواه التعليمي. إن التعليم العام والعالي حلقة يؤدي بعضها إلى بعض، فالتعليم العام المتميز يؤدي إلى تعليم عال متميز، وهذا بدوره يؤدي إلى تعليم عام متميز لأن خريجيه هم من سوف يحملون على كواهلهم التعليم العام، ناهيك عن انعكاس ذلك على كافة حراك الدولة في الأمور العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية، بالإضافة إلى من يتفرغ منهم للعمل بالقطاع الخاص. نعم التعليم ليس حقل تجارب كل يوم له وجهة وكل يوم له مسار؛ بل هو أساس الأساس في كل حراك مميز تنشده الأمة لصنع مستقبلها، وهذا يتطلب أن يكون إصلاح التعليم عملية تراكمية بحيث كل إصلاح يرمم الخلل المستجد أو الخلل الذي لم يستطع الإصلاح السابق الإلمام به. ناهيك عن تطويره بحيث يواكب الحراك العالمي ويستفيد من تجاربه بصورة تدريجية مدروسة. والسؤال الأخير: هل يوجد من بين دول العالم المتقدم من ألغى كافة كتب المقررات الورقية وحل محلها الكتب الالكترونية بصورة كاملة كما تنوي وزارة التعليم القيام به.. والله المستعان.

مشاركة :