تبذل الفصائل الفلسطينية في لبنان جهودا كبيرة للملمة آثار وتداعيات المعركة العنيفة التي شهدها مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب البلاد في وقت سابق هذا الشهر بين القوة الأمنية المشتركة و«مجموعة بلال بدر» المتشددة، باعتبار أن فشل حركة «فتح» التي كانت تقود المواجهات في الحسم العسكري وبقاء بدر طليقا ومتواريا عن الأنظار، جعل مهمة إعادة المياه إلى مجاريها وضبط الوضع بشكل كامل، مهمة صعبة للغاية. وتتركز حاليا الإشكالية الأساسية التي تحول دون استقرار الوضع الأمني في المخيم، في حي الطيري الذي كان بمثابة مربع أمني يتحصن فيه بدر ومجموعته. فرغم انتشار القوة الأمنية المشتركة التي تضم عناصر يمثلون معظم الفصائل الفلسطينية، داخل هذا الحي الأسبوع الماضي، فإن هناك مآخذ حول عدم إتمام هذه القوة مهمتها بشكل كامل في المنطقة. وهو ما عبّر عنه القيادي في حركة «فتح» اللواء منير المقدح مؤكدا انتشار القوة في الشارع الفوقاني وفي الطيري، لافتا في الوقت عينه إلى خلل في عملية الانتشار تتم حاليا معالجته. وقال المقدح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عناصر القوة يتحركون في الطيري ولكن ليس بالشكل المطلوب. هم يسيرون دوريات وهناك مراكز لهم موجودة بشكل دائم، إلا أن الأمر يتطلب مزيدا من الوقت وجدية أكثر من قبل الفصائل بالتعاطي مع الموضوع». وإذ حثّ هذه الفصائل الـ16 المتمثلة في القوة الأمنية بتحمل مسؤولياتها بمواصلة العمل على تفكيك مجموعة بلال بدر وتوقيفه، رد الفشل بالحسم العسكري لـ«أداء بعض القوى والضباط». وتم التداول أخيرا بمعلومات عن إيفاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجنة تحقيق عسكرية لدراسة سبب إخفاق حركة «فتح» في المعركة بوجه بدر، وانتهت اللجنة إلى تحميل الضباط الذين قادوا المواجهات المسؤولية. إلا أن المقدح نفى هذه المعلومات لافتا إلى أن مهمة هذه اللجنة مستمرة منذ أكثر من 5 أشهر وهي محصورة بتدريب عناصر من «فتح» مؤكدا أنه لم يتم تكليفها بأي مهمة أخرى. وأضاف: «أعضاء هذه اللجنة من الضباط والعسكريين وهم مستمرون بمهمتهم التدريبية». ويبدو أن الخلافات بين الفصائل التي أدّت لانفراط عقد القوة الأمنية السابقة مستمرة، باعتبار أن كل فصيل يرمي مسؤولية استمرار الوضع الأمني في «عين الحلوة» غير المستقر تماما في ملعب الفصائل الأخرى. وفي هذا المجال، ردّت مصادر «القوى الإسلامية» في المخيم سبب «هشاشة» الوضع لتواجد مسلحين من قوات الأمن الوطني التابعين لحركة «فتح» في حي الصحون المشرف على حي الطيري بحجة أنهم ما زالوا يعتقدون أن عناصر من مجموعة بلال بدر ما زالوا في الطيري. وقالت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر ليس طبيعيا باعتبار أن المتواجدين في الطيري من عناصر منتمية لفصائل أخرى باتت تشعر أنّها مكشوفة أمنيا». وإذ شددت المصادر على «عدم إمكانية الحسم بخروج بدر من الطيري، نظرا إلى أن القوة المشتركة لم تقم بعمليات دهم في الحي بل تنفذ انتشارا واسعا فقط»، أكّدت أنه «متوار تماما عن الأنظار وهو سيبقى مطلوبا ومطاردا». وتسعى القيادة السياسية الفلسطينية المشتركة في لبنان إلى توسيع القوة المشتركة التي لا تضم إلا 100 عنصر، جُرح 19 منهم في المعارك الأخيرة التي شهدها المخيم وقتل عنصر واحد. وفي هذا السياق قالت مصادر القوى الإسلامية إنه يتم العمل على زيادة عددها 50 عنصرا خاصة أن القوة السابقة كانت تضم 281. ولا تقتصر التحديات التي يواجهها سكان «عين الحلوة» الذين يقال إن عددهم يتخطى الـ100 ألف نسمة على الشق الأمني، بل يعانون الأمرين على الصعيد الإنساني خاصة أن مسحا أجرته «أونروا» أخيرا أظهر أن المعارك الأخيرة أدّت لتضرر 577 وحدة سكنية بشكل كامل أو جزئي بالإضافة إلى 141 متجرا وإلى تهجير 57 عائلة من منازلها. ووفق المعلومات المتوافرة، فإن الوكالة الدولية تعد خطة طوارئ ستقدمها للدول المانحة لتوفير التمويل اللازم لتعويض المتضررين، ما سيعني أشهرا طويلة من الانتظار لعائلات وجدت معظمها أمكنة مؤقتة لتبيت فيها.
مشاركة :