كيف يمكن للمكياج وتسريحة الشعر أن يحكيا قصة التبدلات التي عاشتها المرأة العربية خلال 100 عام؟ وما الذي يمكن لأحمر الشفاه أن يقوله أو أن يشي به كحل العين؟ هذا ما قامت به الشهر الماضي نورة، الشابة السعودية صاحبة قناة يوتيوب،Noras Balcony أو شُرفة نورة، "المعنيّة بالثقافة والمجتمع والفن"، بحسب وصف الصفحة. البداية كانت لشركة كَت Cut، لمتخصصة في صناعة المحتوى الخلاق والسريع الانتشار على الانترنت، من خلال سلسلة أفلام فيديو على يوتيوب اسمها 100 عام من الجمال أطلقتها عام 2014، ورصدت فيها تغيير مظهر النساء حول العالم منذ 1910 حتى نهاية العقد الأول للألفية. لم تتوقف هذه المقاطع عن إلهام الكثيرين للتعبير عن روايتهم الخاصّة لتاريخ الجمال ورفع المزيد من المقاطع التي تقدم وجهة نظر تتخطى فكرة شركة كَت. فقدمت نورة، والتي لا تستخدم سوى اسمها الأول للتعريف عن نفسها في وسائل التواصل الاجتماعي، نسختها المبتكرة عن 100 عام من الجمال العربي، وحاولت موازاة المظهر الخارجي للمرأة العربية وتاريخها النضالي. فاختارت صور لسيدات بين عام 1910 و2010، وأعادت إحياءها لتظهر وجه القوة لديهن.افتح يا سمسم اختارت نورة القطعة الموسيقية لمسلسل الأطفال الأكثر شهرة افتح يا سمسم، الذي أنتجته مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي في أواخر السبعينات، والمصور في عدة دول عربية. اختيارها للموسيقى يشعر المشاهد بالحاضنة الثقافية لعرضها، إذ يحمل اللحن عبء حقبة تاريخية قديمة، في إشارة إلى أكثر المشتركات العربية براءةً من الاختلافات.رحلة في الصحراء العربية تبدأ نورة سردها الجمالي للمرأة العربية بأوّل إطلالة ملونة من فلسطين في 1910. ثم تُبرز الجمال في صحراء المغرب العربي عام 1920 من خلال اختيار فتيات قبيلة أولاد نايل، وهي القبيلة الأكبر في الجزائر والتي شاركت في جميع مراحل نشأتها وقدمت الكثير من شهدائها لرد الاحتلال الفرنسي. تنتقل بعد ذلك إلى المظهر الذي يتصل بصحراء أقصى المشرق العربي حيث الخليج، وحيث تزدهي نساء الصحراء بالحلى على الرأس، مع ترك الشعر مسدلاً. مرحلة النضال العربي تظهر بزي المناضلة السورية ضد الاحتلال الفرنسي، نازك العابد، لتعبر عن الحقبة في 1940، والتي اتسمت بنضال معظم البلدان العربية ضد الاستعمار. تنتقل لنضال آخر، وهو العلم. فترتدي زي طالبة سعودية من مدرسة دار الحنان في مدينة جدة لتعبر عن عام 1960. وتعتبر دار الحنان، التي أسستها الملكة عفت الثنيان زوجة الملك فيصل عام 1955، أول مدرسة للبنات في المملكة، قبل إقرار التعليم للبنات حكومياً. وقد تأسست المدرسة للفتيات اليتيمات في نظام تعليم داخلي، ثم فتحت نظاماً خارجياً لجميع الطالبات. سعت حينها الملكة عفت لإقناع الأهالي بضم بناتهن إليها كي تصبح المدرسة تجربة تاريخية في تعليم المرأة االسعودية.فيروز ثم النقاب والجوال تستهل نورة فترة السبعينات بصورة تظهر فيها المطربة اللبنانية فيروز وهي تحتضن الجيتار. ثم فجأة، تتوقف موسيقى افتح يا سمسم لتبدأ المرحلة التي سمتها بالصحوة الإسلامية في الثمانينات.أقوال جاهزة شاركغردما الذي يجمع بين فيروز والصحوة الدينية والمناضلة السورية نازك العابد؟ الجواب عند نورة، الشابة السعودية تظهر على الشاشة ثلاث كتب دينية، وتبدأ الأناشيد الجهادية، لتظهر إمرأة بنقاب أسود في السعودية عام 1990 وهي تمسك بالهاتف الجوال الذي دخل العالم العربي في تلك الفترة. ثم ينتقل النقاب في هذه الألفية إلى اليمن لكنه يظهر مع حجاب مزركش بالألوان.الحجاب ومدوّنات الموضة تعود الموسيقى لتعزف، ويذهب النقاب مع انتهاء العقد الأول من الألفية. فتظهر في العام 2010 مدوِّنات الموضة والجمال، بعضهن محجبات. وتختار نورة شخصية المدونة آسية من الكويت التي اختارت التوربان، أو غطاء الرأس الذي يظهر الرقبة، لتقود خطاً جديداً في الموضة العربية انطلق مؤخراً من الخليج. تليها صورة تعبر عن عودة المرأة العربية للمطالبة بحقوقها حيث يُختتم العرض بهاشتاغ #قدها_وقدود.لبنان في السبعينات قبل نورة برزت تجاربُ عربية مشابهة لفكرة شركة كت. فقد قدمت شبكة لوليا المختصة بصناعة محتوى موجه للمرأة العربية، نسختها القصيرة في 2015، بالتعاون مع المدونة مايا أحمد من لبنان. ولم تتناول هذه النسخة إلا السنوات السبعين الأخيرة بتكوين إطلالة واحدة لكل عقد. وقد ركزت النسخة نفسها على مظهر نجمات السينما والتلفزيون ولم تغطِ الجوانب الثقافية في الوطن العربي.المرأة العربية في الثورة والحرب لا بد من العودة إلى التجربة الأولى، التي كانت لشركة كت عام 2014. فقد أنتجت في الموسم الأول سبعاً وثلاثين حلقة، شاركت فيها ثلاث دول عربية: فلسطين ومصر وسوريا. حصلت حلقات الدول هذه على نحو خمسة ملايين مشاهدة، وقد اختلفت شكلاً عن الفكرة الأساسية للمشروع التي ركزت على تطوّر مظهر المرأة من حيث تسريح الشعر واختيار المكياج. استطاعت هذه الحلقات أن تصور المرأة الفلسطينية والمصرية والسورية في الحروب. فبدلاً من المكياج، طليت وجوه العارضات بالأعلام، وظهرت عصبة الرأس التي ترمز للنضال، أكانت كوفية أو تسريحة، لتمثل الثيمة العربية للعقد العاشر من الألفية الثانية 2010. ورغم أن الشركة حرصت في مشروعها على إبقاء محتواها خفيفاً وقابلاً للانتشار، دون تبني وجهة نظر عقائدية أو سياسية، فقد انتهت هذه الحلقات الثلاث بمشهد موجز يصف دخول المرأة العربية إلى أجواء الثورة والحرب، مستبدلاً المكياج بالأعلام الوطنية، وتسريحة الشعر بعصبة قماش ثورية. اقرأ أيضاًأغاني الشيلات الإلكترونية في السعودية... إحياء فلكلور أم تلوث صوتي؟بعد أكثر من 6 أشهر على "سعوديات نطالب بنزع الولاية"... هل من جديد؟ترخيص أندية رياضية للنساء في السعودية. مهلاً... أليست الأندية موجودة أصلاً؟ منال الزهراني مدونة سعودية كلمات مفتاحية السعودية المرأة السعودية التعليقات
مشاركة :