الأزهر الشريف البوصلة التي يجب أن نسير على هداها المرأة العربية لها دور مساند في الاقتصاد العربي نساء تونس انتزعن حقوقهن وعلى المراة العربية أن تقتديها تعطش الشارع التونسي للدين سبب وصول النهضة للحكم دعت الحقوقية والناشطة التونسية مونيا بوسلمي، إلى الاهتمام بقضايا المرأة العربية، والخروج من دائرة الغرف المغلقة، والحديث النخبوي من أجل الوصول إلى المرأة في الشارع، للتعرف على مشكلاتها والوقوف على حقيقة ما تعانيه من اضطهاد وضرر وأذى يلحق بها، سواء في البيت أو الشارع أو في وسائل الإعلام المختلفة. وقالت بوسلمي، الناشطة في مجال المجتمع المدني وعضو الجمعية التونسية للحقوقيات وعضو المجلس الدولي للسيدات أصحاب الأعمال، في حديثها لـ«الغد»، إن حركة النهضة كنت مضطرة للانسحاب من المشهد السياسي التونسي والرجوع خطوة للوراء، بعد أن لفظها الشارع التونسي. نص الحوار: تتولي منصب الناطق الرسمي باسم المجلس الدولي للنساء صاحبات المشاريع بتونس – ما طبيعة هذا المجلس وفي أي مجال يعمل؟ المجلس الدولي للنساء صاحبات المشاريع بتونس هو منظمة غير حكومية تم تأسيسه عام 2014، وهو يهدف إلى التمكين الاقتصادي للمرأة على اعتبار أن التمكين الاقتصادي هو بوابة التمكين السياسي والاجتماعي. يهدف المجلس إلى تطوير أداء المرأة وتشجيع النساء على خلق بعض المشاريع، سواء السيدة التي لديها مشروع قائم بالفعل وتحتاج لمساعدات أو معونات مالية أو ينقصها التمويل، فالمجلس يقدم لها الدعم المادي والمعنوي، عن طريق ممولين وتقديم الدعم المعنوي من خلال التدريب على المهارات وتدريبهم على كيفية النهوض بالمشاريع الحرفية، فضلا عن تقديم الدعم اللوجيستي بتوفير المعارض من أجل عرض المنتج وتوقيع اتفاقيات مع مختلف بلدان العالم. المجلس لها فروع داخل محافظات تونس، وكذلك خارج حدود تونس، في نيويورك وباريس وإسبانيا قريبا، وذلك من أجل أن يخرج المنتج التونسي لمختلف دول العالم وخلق نوع من المنافسة بالأسواق العالمية مع توفير الشروط التى تتطلبها الأسواق العالمية فى تلك المنتجات. دعينا نتحدث عن مدى مساهمة الاقتصاد الأنثوي في الدول العربية في اقتصاد الدولة العام؟ من منطلق أن المرأة تمثل المجتمع كله، وأنها مواطنة كاملة الأهلية لها حقوق وعليها واجبات، أستطيع القول إن من واجبها أن تسهم في دفع الاقتصاد الوطني ودعمه. لكن هذا لا يتم من غير دعمها ومساندتها في أن تلعب دورا فعالا في المشاريع الاقتصادية، سواء من خلال المنتجات اليدوية أو المشروعات الصغيرة والكبيرة في شتى القطاعات، وهو ما يسمى بلغة الاقتصاديين بـ “الاقتصاد التضامني”، الذي يرتكز على تشجيع المؤسسات الصغرى والمتوسطة في المساهمة في رسم السياسات الاقتصادية العامة للبلاد، وقد يحدث ذلك من خلال المنتجات الصغيرة اليدوية المتعلقة بالتراث والعادات والثقافة الخاصة بكل بلد، وهذا يسهل تسويقه بالخارج، وهو ما يخلق أيضا فرص عمل للآخرين، باستقطاب فتيات ونساء في تلك المناطق التي تقام بها المشاريع. هل ترين أن المرأة التونسية تعيش حالة مميزة عن نساء العرب؟ بالطبع، فبالمقارنة بوضع المرأة العربية، وخصوصا في الدول التي تشهد صراعات وحروبا، فالمرأة التونسية تعيش حالة أفضل بكثير من غيرها. هل تعتبرين أن هذا الوضع المميز حق ورثته أم اكتسبته بمجهودها؟ المرأة التونسية وصلت إلى هذه المكانة من خلال النضال والحراك النسائي الذي قامت به، فالمجتمع التونسي عقب ثورة 2011 سارت تواجه تحديات كبيرة، منها العنف الذي مورس ضدها، وأصبح التحدي أمام المرأة كبيرا في الفترة ما بين 2011 إلى 2014 تلك المرحلة التي أعقبت الثورة بتونس وتعد فترة الانتقال الديمقراطي، وتكوين الجمهورية الثانية وإعداد دستور جديد للبلاد. وكان لدينا بتونس بعض القوانين التي تضمن الكثير من حقوق المراة، لكنها كانت قليلة، وبعد الثورة أصبحت هذه الحقوق مهددة، لذا لعبت المرأة التونسية دورا في حماية المجتمع المدني النسوي بتونس ولم تخف ووقفت وقفة ثابتة وبشكل متضامن ضد ما قد تتعرض له من عدوان علي حقوقها، وتصدت لتلك المحاولات وصدر دستور من أهم الدساتير العالمية التي تكرس لحقوق المراة. ولكن لدينا الآن معركة أخرى هى ترجمة تلك النصوص والقوانين إلى واقع عملي، وكذلك بلورة الاتفاقيات الدولية، التي أبرمتها تونس من قبل وبعد الثورة، ومنها القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة. عاصرت المرأة التونسية 3 حقب رئاسية في تاريخها (مرحلة ما قبل الثورة ثم صعود حزب النهضة وحاليا الحكومة الحالية).. برأيك أي الفترات كانت الأفضل للمرأة بتونس؟ في فترة زين العابدين بن علي كانت المرأة التونسية تسوق للعالم بأنها تعيش أزهي عصورها، لكن الحقيقة أنها كانت تعيش مشكلات كثيرة، منها التهميش والعنف في الأسرة أو في العمل أو فى الشارع ولكن بالمقارنة ببعض البلدان آنذائك هي المرأة التونسية في وضع أفضل. أما فى مرحلة حكم النهضة وشركائها في الحكم لمدة 3 سنوات، كانت تلك الفترة هي الأسوأ للمرأة التونسية، باعتبار أنه مورس عليها العنف أكثر من الفترة التي سبقتها، فتعرضت في الشارع للعنف الجسدى والعنف اللفظى والإقصاء والتهميش، ولم يحدث ذلك من النهضة فقط، بل من الأحزاب الأخري حتى التي كانت تنادي منها بحرية وحقوق المرأة فى الحياة السياسية، اضطهدت فى الانتخابات سواء كانت مرشحة أو ناخبة، لاسيما في المناطق النائية، وكانت الأسرة توجه صوت المرأة لصالح مرشح أو تيار بعينه، فبالفعل رأينا ورصدنا تجاوزات كثيرة في حق المرأة. أما الآن فقد صوتت مليون امرأة تونسية لحزب نداء، وهي التي ساعدته لكي يصل إلي السلطة وللحكم، وقد وعدنا بالكثير من الحقوق والامتيازات لكنهم لم ينفذوا منها شيئا، لذا تعيش المرأة حالة إحباط والجهة التي أعطيناها أصواتنا وعدتنا بالكثير من الاصلاحات ولكنها لم تنفذ شيئا. برأيك ما أبرز التحديات التى تواجهها المرأة فى المنطقة العربية ؟ أبرز التحديات التى تواجهها المرأة فى المنطقة العربية هي غياب الوعى العام، فإذا وعت المرأة العربية أن لها دورا فعالا فى رسم السياسات والخطوط العريضة للدولة، ولها دور فعال في المساهمة فى تطوير الاقتصاد، وقتها سنصل إلي مصاف الدول المتقدمة. الأمر الآخر هو الفقر والعنف الذى يمارس على المرأة سواء في الأسرة أو الشارع أو في وسائل الإعلام والذي يقدم المرأة على أنها وسيلة للإغراء دون النظر إلى أن المراة منتجة وفعالة . لكن من المؤكد أنه يقع عبئا على المرأة فى تصدير هذهالصورة ؟ بالتأكيد المرأة ساهمت بدور لكنها بدون قصد، فأنا لا أعتقد أن هناك امرأة لديها تكوين نفسي وتربوي سليم ترغب فى أن تظهر بتلك الصورة، ولكن ربما الفقر والجهل وقلة الوعي والثقافة كانت سبباً في وجود هذه الصورة. كثيرأ من توجه الاتهامات للمجتمع التونسي بأنه تلبس بالثقافات الغربية والكثير من الشعب انسلخ عن ثقافتة العربية مع تفشي الثقافات الغربية في المجتمع التونسي بشكل كبير، كذلك أن المجتمع التونسي بعيد عن المنطقة العربية وأحداثها، فما رأيك؟ التجربة أوضحت أن المجتمع التونسي عكس ما هو مروج له، لكن لا أنكر أنه مفصول عن المنطقة العربية، ولكن هذا لا يعنى أنه أصبح مجتمعا غربيا فرنسيا كان أو أوربيا، لدينا مزيج بين العروبة والتشبث بالدين والعادات والتقاليد، ولدينا أيضا القريب من الثقافة الأجنبية والأوروبية وهو شأنه شأن الدول العربية بما فيها مصر، وهى فى الحقيقة تداعيات الاستعمار، ربما المظهر الخارجي لا يعطي هذه الصورة لكن هذا لا ينفي تمسك المجتمع بالعادات والتقاليد والمبادى والشرائع السماوية . البعض يتهم الدين بأنه وراء سلب المرأة حقوقها، فما تعليقك؟ الدين الإسلامى الحنيف أعطى للمرأة حقوقها أكثر من النصوص الوضعية التي وضعت من قبل الإنسان، ولكن إذا استخدمت استخداما صحيحا، فالدين هو من قال النساء شقائق الرجال، ولدينا مثال فالسيدة خديجة كانت تاجرة وتتعامل مع الرجال، والمرأة المسلمة كانت رسامة وشاعرة، ولكن التأويل واستخدام الدين لأغراض سياسية هو من أضر الدين، فمن يستخدم الدين ليصل إلي كرسي الحكم والسلطة وتشوه الشريعة وتأتي بحكايات ليس لها أصل، هذا اعتبره نفاقا كبيرا . هل تعتبرين أن وصول التيارات الإسلامية للسلطة عبر استخدام الدين هو انعكاس لقلة الوعي الديني لدي الشعوب عامة والشعب التونسي خاصة أم هو انعكاس لتعطش الناس للدين؟ هو انعكاس لحالة التصحر الديني لدي الشعب التونسي، فى عهد زين العابدين بن علي لم يكن الدين يأخذ حظه بقوة لدي المجتمع، وكان الدين مهمشاً إلي حد كبير، وكان الناس يصيبها الخوف بسبب ردة فعل النظام تجاه ذلك عنيفاً جداً، هذا التصحر والتعطش التى عاشه المجتمع التونسي كان رد الفعل التونسية عكسية في الثلاث سنوات التي أعقبت الثورة، وظهر ذلك جليا في وصول حزب النهضة واتباعه للحكم ، فصوت الناس لهم بإعتبار أنهم رجال دين ويمثلون الإسلام ، وصدقهم الشعب في ذلك لحرمانهم الشديد من نشر الثقافة الدينية ونقص المفاهيم الدينية وحالة لاوعي ديني خلال الفترات السابقة، وكل هذه الأمور عززت من فرصة وصول حزب النهضة للحكم. ما تقييمك لتجربة حكم حزب النهضة لتونس؟ الأداء لم يكن سليما، فعندما وصلوا للحكم شهدت حقوق الإنسان انتهاكات كثيرة وكذلك حدثت انتهاكات فى حرية الإعلام، والسماح للجماعات المتشددة بالدخول إلى تونس والسيطرة على العمل الدعوة وعلي المنابر والمساجد، وأعقب ذلك دخول السلاح لتونس وكذلك التفجيرات التي حدثت ونشاط الخلايا النائمة، وفتح الحدود دون ضابط أو رابط، وكان الخطاب الديني بالمساجد ذو صبغة سياسية متشددة وليس خطاباً دينياً، وكذلك التدريبات العسكرية للجماعات المسلحة على الحدود وفي الجبال تتم ولا تجد ردا من الدولة، بل كان ردهم أنهم أبناؤنا ويمارسون الرياضة ولا خوف منهم و يجب أن نأخذهم باللين والرفق، ثم صارت بعد ذلك تجاوزات أخرى متمثلة في السرقات والنهب من المال العام والخاص، ومن ثم اعتبر أن تجربة الإخوان فى حكم تونس كانت سيئة للغاية . كيف ينظر الشارع التونسي لـ«النهضة» الآن ؟ فى الحقيقة هذه النظرة تغيرت كثيراً، عندما تسير الآن فى أى منطقة بتونس تشعر بحالة الندم على اختيار الشعب للنهضة، وأنهم كانوا يسعون إلي خدمة أنفسهم وليس كما يدعون هدفهم هو خدمة الدين الإسلامي، بل كان سعياً لمصالح شخصية، من أجل المناصب، فالنظرة تبدلت وأصبحت سلبية. هل يمكن وصف قرار انسحاب النهضة من المشهد السياسي التونسي بأنه إيجابي؟ هذا ما يسوق له أنصار حركة النهضة، هي لم تنسحب من المشهد بشكل اختياري كما يروج عبر وسائل الإعلام المختلفة، بل أجبرت على الانسحاب، بعدما رأي الشعب الاغتيالات السياسية بالشارع، وصارت هناك تجاوزات مالية، وصار الخطاب أكثر تشدداً، وصار هناك تبرير للعنف. الأمر الذي رفضه رجل الشارع العادي، ومن ثم اختارت حركة النهضة الانسحاب لحفظ ماء الوجه، وأعتقد أنها ستغير من استراتجيتها وفكرتها وتؤمن بالتعددية وبالحقوق وبالدولة المدنية. هل لك دور سياسي في تونس؟ لا، أنا رفضت الدخول في أي حزب سياسي، لم أجد من الأحزاب ما يقنعني سواء أحزاب اليمين أو اليسار، واخترت العمل في المجتمع المدني والمجال الحقوقي، من خلال عدد من الجمعيات بتونس. تقييمك لوضع المرأة المصرية الآن؟ أري أن الوضع في تحسن، وهناك حضور للمرأة المصرية في شتى المجالات، فهن موجودات في البرلمان بكثرة، وكذلك على المستوى الاقتصادى والاجتماعي، لكن لاتزال العقلية الذكورية سائدة لدى قطاع كبير في الشعب المصري، وربما يبرز أكثر في صعيد مصر. تعقد العديد من المؤتمرات في الدول العربية خاصة بالمرأة، لكن يعاب عليها أنها مؤتمرات نخبوية لا تصل إلي سيدات الشارع العربي، فما تعليقك؟ هذا حقيقي ولا ننكر ذلك، ونردده في كل المؤتمرات داخل تونس وخارجها، نؤكد أن حديث الصالونات والقاعات المكيفة والفنادق الفخمة لن يحل أزمات المرأة العربية، يجب أن ننزل إلي أرض الواقع. في تونس ذهبنا إلي الشوارع والتقينا من خلال الجمعية بالمرأة التونسية البسيطة ، التي تعمل بالسجاد والفخار والنحاس والحياكة، وفرحن كثيراً بذلك، نحتا للعمل على أرض الواقع، نقوم برسم السياسات العامة والخطوط العريضة والخروج بتوصيات تعمل عليها الجمعيات والجهات المعنية لصالح المرأة . وبرأيي حديث القادة السياسيين عن المرأة، نريده أن يخرج من طور الاستهلاك السياسي، إلي ترجمته لأعمال وآليات تنفيذ على أرض الواقع. وعلى المرأة ألا تنتظر أن تهدى إليها حقوقها دون تعب وعناء عليها أن تبحث وتناضل وتفرض نفسها، وتخلق حالة من التوازن بين دورها فى المجتمع كإمرأة وبين وجودها في سوق العمل بما يتماشى مع الموروث الثقافى والتقاليد والأعراف الخاصة بمجتمعنا العربي والإسلامي . كيف يتثني للمجتمع العربي النمو والتطور والتوحد في ظل حالة الاحتراب والتنازع؟ برأي أن نحمى الديانات من الصراعات، ونبتعد به عن الصراعات السياسية والخطاب السياسى، والسماح للجميع بممارسة عقائدهم بكل حرية مع عدم الإضرار بالغير أو انتهاك خصوصياته وحرياته، مع التأكيد على عدم توظيف الخلافات العقائدية لخدمة أهداف سياسية، وكل دولة تحترم دستورها، ولا تدخل في شئون غيرها. تقييمك لدور الأزهر في الفترة الحالية، وهل يقم بدوره علي ما ينبغي؟ الأزهر الشريف بالفعل منارة العلوم الإسلامية، ومرجع لجموع بلدان العالم العربي والإسلامى لمكانته الكبيرة، هو بمثابة البوصلة التي تعتمد للسير على خطاها، من أجل المحافظة على ديينا والكف والحد من التطرف الديني الذي يؤدي إلي العنف. ما هي متطلبات المرأة العربية من مؤسسة الأزهر؟ عليه أن يوضح وينشر الوعى لدى شعوب المنطقة العربية، بأهمية دور المرأة في الأسرة والحياة العامة، وأن يدعو للحد ووقف العنف الممارس ضد المرأة .شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :