محمد أمين | تتجه إسرائيل وحركة حماس إلى منعطف جديد سيحدّد ما إذا كان صيف 2017 سيشهد مواجهة عسكرية جديدة أم أن حالة الهدوء النسبي التي سادت على طول الحدود، والتي تصل إلى 65 كيلومتراً سوف تستمر. فمن الآن وحتى شهر أغسطس المقبل تنوي إسرائيل تسريع بناء جدار جديد على حدود قطاع غزة، كانت بدأت العمل به منذ عدة أشهر وتصل تكلفته إلى ما يزيد على مليار دولار على أن تتولى وزارة الدفاع الإسرائيلية تنفيذ المشروع. وبعد الانتهاء منه سيكون هذا الجدار العائق الحدودي الأكثر تقدماً في العالم، حيث سيشمل بناء جدران اسمنتية تحت الأرض مزودة بمعدات زلزالية، إضافة إلى سياج فوق الجدار، مزود بمجسمات متقدمة. وسوف يحيط الجدار بقطاع غزة من ثلاث جهات في اليابسة ومن البحر كجهة رابعة. أدوات استراتيجية والهدف من المشروع هو منع عناصر حركة حماس من اختراق الحدود والدخول إلى إسرائيل عبر الأنفاق تحت الأرض، وهو الأمر الذي حاولوا القيام به مراراً ولم ينجحوا سوى في مرات قليلة، ولا سيما إبان الحرب على غزة عام 2014، وكانت إسرائيل أعلنت عقب الحرب أنها اكتشفت 31 نفقاً لحماس تحت الأرض تفضي إلى اسرائيل ودمرت معظمها. وقد عبر قادة حماس السياسيون والعسكريون عن اعتقادهم أكثر من مرة بأن الأنفاق تمثل واحدة من أدواتهم الاستراتيجية، في حين أن الصواريخ هي الأداة الثانية. وتعترف الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية أن حماس قد أعادت بناء قدراتها العسكرية الى المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب الأخيرة، لكن الحركة تدرك أنه بعد استكمال بناء هذا الجدار الحدودي، سيكون من الصعب على مقاتليها اختراق الحدود، الأمر الذي قد يحرمها من أهم أدواتها العسكرية. وحدة كوماندو اذن، فوق الانفاق التي يزيد عددها على الخمسة عشر نفقاً التي تقود إلى اسرائيل، والصواريخ تحاول حماس كذلك، تنويع قدراتها العسكرية من خلال بناء وحدة كوماندو بحرية وتصنيع الطائرات من دون طيار (درون). لكن مأزق حركة حماس الآن، هو اتخاذ القرار في ما اذا كان عليها مهاجمة اسرائيل مبكراً، وبذلك تجازف بسقوط حكمها في قطاع غزة، أو الانتظار لترى ان الانفاق اصبحت عديمة الفائدة. قد تحاول حماس خلال هذا الصيف تعطيل بناء الجدار من خلال قصف العمال بالصواريخ، لكن مثل هذا الهجوم سوف يستدعي رداً اسرائيلياً قد يتطور الى حرب شاملة ستكون الرابعة خلال تسع سنوات. ويأتي مأزق حماس في اسوأ الاوقات، فقد اختارت للتو، يحيى السنوار الاسير السابق الذي أمضى عشرين عاماً في السجون الاسرائيلية، زعيماً سياسياً للحركة في غزة. تغيير الميثاق ومن المتوقع ان ينتقل اسماعيل هنية الى قطر ليتولى منصب رئيس المكتب السياسي للحركة، بدلاً من خالد مشعل الذي يأمل ان تخضع الضفة الغربية للحركة ذات يوم، بحيث يصبح رئيساً للشعب الفلسطيني. ويبحث مجلس الشورى التابع لحركة حماس، وهو المجلس الأعلى مستوى في الحركة، إجراء تغيير على ميثاق الحركة لعام 1987، يقضي بقبول إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 كحل مرحلي من دون التخلي عن الموقف الجوهري المتمثل بأن فلسطين هي أرض وقف إسلامي، وأن لا سلام مع إسرائيل. لقد بدأت تظهر بالفعل، علامات توتر بين إسرائيل وحماس. فقد تعرّض القائد في الحركة مازن فقهاء للاغتيال في غزة الشهر الماضي. وقد تم الاغتيال على يد محترف أو محترفين، أطلق النار عليه بهدوء من مكان قريب من مسدس كاتم للصوت من دون ترك أي أثر، حتى الآن، على الأقل. نهج جديد وسارعت حركة حماس إلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن الاغتيال، لكن الأخيرة لم ترد. لكن وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان صرح أخيراً أن الاغتيال جاء نتيجة خلافات داخل حركة حماس. ولكن الافتراض بأن إسرائيل تقف وراء الاغتيال يعني أنها بصدد نهج جديد. وإذا كانت إسرائيل قادرة حقاً على قتل قادة في حماس داخل غزة وخارجها من دون أن تترك أي أثر، فهذا يعني أن إسرائيل أصبحت أكثر عدوانية ونشاطاً. فإذا كانت إسرائيل ستقدم على تنفيذ مثل هذه العمليات بمجرد أنها أصبحت قادرة على ذلك، استخبارياً وعملياتياً، فإنها تمارس لعبة خطيرة قد يكون لها تداعيات تخرج عن نطاق السيطرة. مأزق جديد وقد وعدت الحركة بالانتقام لمقتل فقهاء، لكنها لا ترغب حتى الآن، بالانجرار إلى مواجهة جديدة، لأنها تشعر أنها لا تضاهي قدرات إسرائيل العسكرية، وبالتالي فإنها ليست مستعدة بعد من الناحية العسكرية، لكنها تواجه الآن، هذا التحدي الجديد المتمثل بالجدار. كما أن إسرائيل لا ترغب في الدخول في الحرب الآن، فالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ليس لديها تصور حول شكل رد حركة حماس تجاه المأزق الجديد الذي تواجهه على تخوم قطاع غزة. وربما يعود ذلك إلى أن قيادة حماس لم تستوعب بعد ماهية هذا الجدار، وماذا يعنيه بالنسبة لقدرتها على الحركة أو التصدي لأي اعتداءات إسرائيلية. ■ ميدل ايست آي ■
مشاركة :