لم يسلم القطاع العقاري في الإمارات من تداعيات هبوط أسعار النفط الذي تسبب في حالة من الركود دامت على مدار الأشهر القليلة الماضية، غير أن مسؤولين في شركات عقارية توقعوا تعاف مرتقب للسوق في الفترة القادمة مع تعافي سعر الخام والتوقعات ببلوغه 60 دولاراً للبرميل. وقال المسؤولون، في لقاءات مع «البيان الاقتصادي» على هامش معرض سيتي سكيب أبوظبي أمس، أن هناك مشاريع ضخمة جرى إطلاقها خلال المعرض ركزت معظمها على الإسكان منخفض التكاليف متوقعين أن تسهم هذه المشاريع الجديدة في انعاش القطاع وزيادة الطلب. ورغم التوقعات المتفائلة للمسؤولين لكن ما تزال شركات الاستشارات العقارية تحافظ على نظرتها المتحفظة، إذ تتوقع مزيداً من التصحيحات وتليها فترة من الاستقرار مع زيادة في الطلب على الوحدات السكنية ذات النوعية الجيدة والأسعار التنافسية. مؤشر إيجابي وتقول شركات الاستشارات العقارية إن توقعات النمو لا تزال على المدى المتوسط إلى الطويل إيجابية، مع التزام الحكومة برؤية 2030 الرامية إلى بناء مدينة عالمية تدعمها مبادرات كبرى للتنمية الاقتصادية تهدف لتنويع الاقتصاد وتحسين الشفافية وجذب طلب جديد. وقال فهد سعيد الكتبي، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة «الدار العقارية»، إن هناك تزايداً في معدلات الطلب على المشاريع الجديدة في إمارة أبوظبي خصوصا فيما يتعلق بمشاريع الإسكان المتوسط. وأضاف الكتبي: «لاحظنا اقبالاً كبيراً على مشروع الدار»ذا بردجز«وهو مؤشر إيجابي على عودة الطلب في السوق العقاري». وأطلقت «الدار العقارية» قبل عدة أيام، مشروع «ذا بردجز» السكني للدخل المتوسط في جزيرة الريم بأبوظبي بتكلفة 1.3 مليار درهم ويتألف من 1272 وحدة سكنية ومن المتوقع بدء الأعمال الإنشائية للمشروع في الربع الرابع من العام الحالي والانتهاء منه في الربع الأول من 2020. قلة المعروض وقال سامح مهتدي، الرئيس التنفيذي لشركة «بلووم العقارية»، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، إن الطلب على العقارات لا يزال موجودا في ظل قلة المعروض، مضيفاً أن هناك عدة مشاريع لشركته في مجال الإسكان لذوي الدخل المتوسط في ظل تزايد الطلب والتركيز عليها. وأضاف مهتدي: «كان عام 2016 أسوأ مرحلة في السوق العقاري بأبوظبي نتيجة تراجع أسعار النفط وتأثيرها السلبي على الأوضاع الاقتصادية»، وتابع: مع التوقعات بتعافي الخام وتراوح سعره بين 50 و60 دولاراً للبرميل سينعكس ذلك إيجاباً على أداء السوق وخطط الحكومة. وبدأت أسعار النفط الخام في الصعود بقوة خلال الفترة الماضية لا سيما بعدما بدأ المنتجون من أوبك وخارجها في تطبيق اتفاق خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا اعتباراً من مطلع العام الحالي ولمدة 6 أشهر. حراك إيجابي قال رامي شهاب الدين، مدير إدارة الاستثمارات بشركة «الوطنية للاستثمار»، إنه يتوقع أن يشهد السوق العقاري في أبوظبي حراكاً إيجابياً في العامين القادمين مع بدء التعافي من فترة الركود التي خلفتها أسعار النفط المنخفضة. وأشار شهاب الدين لـــ «البيان الاقتصادي»: سيعزز ارتفاع سعر الخام من خطط الحكومة في الإنفاق على المشاريع الجديدة وهو ما سيسهم في انتعاش ملحوظ للقطاع بعد فترة من الهدوء النسبي. وأبدى شهاب الدين تفاؤله بالسوق مع طرح الشركات مشاريع عدة تقدر قيمتها بمليارات الدراهم تتوزع بين أبوظبي ودبي، مشيراً إلى أن شركته تعمل حاليا على ثلاثة مشاريع في أبوظبي منها توسعة المارينا مول باستثمارات 3 مليارات درهم. هدوء نسبي قال كريس روبرتس، المدير التنفيذي لمجموعة «التزام» لإدارة الأصول، ومقرها الإمارات، إن هناك تعافياً في القطاع العقاري بدولة الإمارات بعد فترة من الهدوء النسبي الناتجة عن تراجع النفط وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية عموما. وأضاف روبرتس، إن فترة الـــ 18 شهراً القادمة ستشهد أداء جيداً للقطاع ليكون الاتجاه الأكبر هو التعافي بدفع الهيكلة المالية لطبيعة العقود والمشاريع التي يجري إطلاقها بشكل مستمر خصوصا مع استهدافها شريحة الدخول المتوسطة. ويرى أن القطاع العقاري ينتظره تعاف أكثر وقوة أكبر حتى نهاية العام المقبل وسيظل ذلك مرهوناً باستمرار الأداء الجيد لأسواق النفط وعدم انهياراها مجددا إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل. إسكان متوسط وقال محمد الهبش، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية لدى «هيدرا العقارية»، إن هناك توقعات إيجابية للقطاع العقاري في الإمارات عموما وأبوظبي بشكل خاص خصوصا مع طرح عدة مشاريع جديدة للإسكان المتوسط ومن المتوقع أن تشهد إقبالا كبيراً. وأكد الهبش أن القطاع العقاري عموما مرتبط بشكل كبير بحركة الاقتصاد. استشارات وتقول شركة «استيكو» للاستشارات العقارية، وفق أحدث تقاريرها، إن القطاع العقاري في مدينة أبوظبي شهد انخفاضاً متواصلاً في أسعار الإيجارات والمبيعات بسبب العديد من العوامل الاقتصادية، مشيرة إلى تسجيل انخفاض في أسعار تأجير الشقق في الربع الأول من هذا العام بنسبة 3% على أساس ربع سنوي، فيما وصلت نسبة الانخفاض على مدى الأشهر الـ 12 الماضية لحوالي 8%. وقال جون ستيفنز، المدير التنفيذي لشركة «استيكو»: «يعود جزء من هذا الانخفاض إلى توجه المستأجرين بشكل عام للتفاوض بشأن شروط التأجير مع تقليص الميزانيات بسبب الأوضاع الاقتصادية». وأضاف ستيفنز: «نتوقع أن نرى المزيد من التصحيحات وتليها فترة من الاستقرار مع زيادة في الطلب على الوحدات السكنية ذات النوعية الجيدة والأسعار التنافسية.. ومن المتوقع أن تساهم المشاريع الجديدة التي سيتم تسليمها على المدى القصير والمتوسط بزيادة الفرص الاستثمارية، الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي على حجم المعاملات العقارية». وقالت شركة جيه إل إل للاستثمارات والاستشارات العقارية، في تقرير حديث لها، إن انخفاض أسعار النفط والظروف الاقتصادية الصعبة لا تزال تلقي بظلالها على أداء السوق العقاري، مشيرة إلى أن الاندماجات وعمليات تقليص عدد العاملين التي صاحبها تقليص الإنفاق الحكومي على فرص التوظيف والسكان أدى إلى زيادة معدلات الشواغر. تعزيز وقال ديفيد دودلي، المدير الدولي ورئيس مكتب أبوظبي في جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «نتوقع مزيداً من التراجع في قطاعات فرعية معينة على المدى القصير نظراً للتراجع الحالي في نمو الطلب وميول المستهلكين. ولكن لا تزال المعدلات السنوية لإنجاز المشاريع الجديدة أقل بكثير من السنوات السابقة، مما خفف من تراجع الإيجارات، ومن المتوقع أن تظل أسعار الإيجار والبيع أعلى من مستويات عام 2012، قبل الانتعاش في عام 2013-2014». دفع النمو قال ديفيد دودلي، المدير الدولي ورئيس مكتب أبوظبي في جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «يعتمد تعافي سوق العقارات في أبوظبي بشكل كبير على عودة الإنفاق الحكومي إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز الرغبة لدى المستثمرين. ونأمل أن تصدر بعض التصريحات الإيجابية بشأن عودة الإنفاق الحكومي الانتقائي خلال العام الجاري وأن تساعد جهود الدمج الحالية في تحسين الفاعلية». وتابع دودلي: «لا تزال توقعات النمو على المدى المتوسط إلى الطويل إيجابية، إذ لا تزال الحكومة ملتزمة برؤية 2030 الرامية إلى بناء مدينة عالمية تدعمها مبادرات كبرى للتنمية الاقتصادية ترمي إلى تنويع الاقتصاد وتحسين الشفافية وجذب طلب جديد. كما لا تزال الفرص الاستثمارية قائمة، وخصوصاً للأصول القائمة المدرة للدخل. وما زلنا نشهد اهتماماً كبيراً من جانب المستثمرين الذين يتبنون نظرة أطول بشأن فرص النمو المستقبلية».
مشاركة :