في هذا الحوار يتحدث ل «فن اليمامة» الناقد المسرحي عباس الحايك عن «المسرح النسائي» السعودي وعما يواجهه من معوقات، ويتحدث عن النصوص المسرحية وعدد من المسائل الفنية.. إلى التفاصيل: * بداية كيف ترى المسرح النسائي في المملكة؟ - سأعود للناقد العراقي عواد علي الذي وصف المسرح النسائي بأنه «النشاط المسرحي الذي تقوم به فرق مسرحية تديرها نساء، حتى وإن كان جمهوره خليطاً من الجنسين، وتغلب على إنتاجياتها العروض التي تؤلفها وتخرجها كاتبات ومخرجات متمرسات، ويستند هذا التحديد إلى منهج تلك الفرق المسرحية في العمل والإدارة، أي إلى ما يحدث وراء خشبة المسرح، لا إلى ما يقدم عليها»، وهناك تجارب مسرحية على مستوى العالم تندرج ضمن هذا النشاط، وهناك مهرجان عربي هو المهرجان الدولي مروراً بالمسرح النسائي الذي يجمع تجارب مسرحية نسائية عربية وعالمية، ولكن ما يقدم على المسارح السعودية لا ينطبق عليه بالكامل ما وصفه عواد علي. * هل ما قرأت من نصوص نسائية يستحق التمثيل المسرحي؟ - أكثر النصوص لا تختلف عن النصوص الرجالية التي يمكن أن تصنف في خانة الأعمال المسرحية الاجتماعية، وكثير منها لا تتناول قضايا نسوية لتكون فعلاً صوتاً للمرأة. وتحتاج إلى عمق حقيقي واشتغالات متوالية كي تمتلك هويتها وتشكل تياراً مسرحياً يتوازى مع ما يقدم على المستوى الرجالي. * هناك من يطلق على المشاهد التي تضاف إلى النشاطات في المحافل المختلفة أعمالاً مسرحية.. تعليقك؟ - كثير منها مشاهد بسيطة، ويمكن وصفها بالاسكتشات ولا ترقى لتكون مسرحية، فللمسرحية مواصفات لا بد أن تتصف بها هذه المشاهد، فالمسرحية لها فصول ولها بناء درامي وشخصيات وحدث. فإذا لم تنطبق كل هذه المواصفات على هذه المشاهد فلا يمكن أن نطلق عليها مسرحية. * عندما تكون كاتبة النص ومخرجتهُ ومؤديته وكاتبة التقرير عنهُ شخصية واحدة كيف يقرأ نجاح ذلك العمل؟ - بالتأكيد هذا ليس عملاً احترافياً فالمسرح فن تكاملي، تتكامل فيه العناصر ويعتمد على التخصص، ففي المسرح يفضل أن تخرج النص مخرجة أخرى لتملأ ثغرات ذلك النص وتقدم رؤية جديدة عن رؤية الكاتبة، فالمخرج يتعامل مع النص الذي يكتبه برأفة، يحاول أن يترجمه بصرياً لا أكثر، لكن المخرج الذي يتعامل مع نص لكاتب آخر، فهو يضيف ويقدم رؤيته الخاصة بعيدة عن سلطة النص. * في رأيك لماذا لا يزال المسرح النسائي مقتصراً على المناسبات؟ - هذه المشكلة عامة حتى في المسرح الرجالي، فالمسرح ينشط أكثر في المناسبات، مثل الإجازات أو في الأعياد. هنا أتحدث عن المسرح الاجتماعي أو ما نسميه بالجماهيري، لكن هناك أعمالاً تنتج من أجل المشاركات في المهرجانات. نحتاج في المسرح السعودي لمواسم مسرحية على غرار ما يحدث في الدول العربية الأخرى، حيث تتواصل العروض المسرحية طوال موسم كامل وليس لمجرد مناسبة بعرض أو عرضين فقط. * ما رأيك في مشاركات الفنانات الخليجيات والعربيات في تلك الأعمال؟ - في البدايات لا بأس، أولاً لجذب الجمهور ولتكريس فكرة المسرح النسائي. لكن لاحقاً يحتاج المسرح النسائي إلى الاعتماد على كوادر سعودية، حتى يخرج منه ممثلات وكاتبات وممثلات. وإذا ظل هذا المسرح يعتمد على الممثلات الخليجيات والعربيات، فلن يحقق الغاية منه. سيظل كما هو ولن يخرج منه كوادر يمكن الاعتماد عليها لاحقاً. كما أن الممثلة السعودية أكثر قدرة على فهم قضايانا المحلية وأكثر تماساً معها، وستقدم هذه القضايا بصدق أكثر. * كيف تقرأ كتابة الرجل للمسرحية النسائية من واقع تجربتك؟ - اضطر المنتجون للكتاب الرجال لكتابة النصوص بسبب شح الكاتبات المسرحيات، فلا يوجد كاتبات كعدد بقدر ما يوجد كتاب، وبالتالي سيلجأ المنتج للكاتب الرجل الذي يملك خبرة في الكتابة، ويمكنه أن يكتب نصاً نسائياً. المشكلة هنا إلى أي مدى يستطيع هذا الكاتب أن يكون صوتاً للمرأة، هل يملك إيماناً بقضاياها؟، هنا يكمن السؤال؟ عني شخصياً كتبت ثلاثة نصوص آخرها لم ينفذ بسبب ظروف إنتاجية، أولها كان مكتب التطبيق، وكان يتناول قضية النساء اللواتي يعملن في مكاتب تطبيق النساء في الحدود، حاولت أن أدخل الكثير من القضايا النسائية التي أقرأ عنها وأشاهدها وأسمع عنها في هذا النص. والنص الآخر، أربع نساء وامرأة، يتحدث عن لقاء بين أربع نساء يتورطن في صالة أفراح بعد أن تفصل الكهرباء، يكتشفن في النهاية أنهن كلهن زوجات لرجل واحد. وطرحت الكثير من القضايا النسوية أيضاً في النص، ولا أكتب حكاية مجردة. المسرح النسائي يحتاج إلى كاتبات نساء فهن الأقرب لعالمهن. * مسرحيات - مونوكوليا - بنات فاطمة - الهامورة - مسياركووم.. برأيك هل تمكن المسرح النسائي من أن ينتقل من مرحلة التجربة إلى النضج؟ - لا أستطيع الحكم بشكل مطلق على هذه التجارب إن كانت وصلت للنضج أم لا، فكون المسرحيات النسائية محصورة بجمهور نسائي ولا يتاح لنا كمسرحيين ومعنيين بالنقد أن نشاهدها ونقدم حكماً متكاملاً عن هذه التجربة. وشخصياً لم أقرأ أي نقد أو قراءة متعمقة توضح أين وصلت هذه العروض لتمكنني من الحكم. ولكن أعتقد أن المسرح النسائي يحتاج لتجارب مكثفة أكثر لتصل لمرحلة النضج، بناء على عناوين ما يقدم، فالمسرحيات ما زالت عناوينها لم تخرج عن التقليدية وهي تشي بنصوص تقليدية لم تتجاوزها.
مشاركة :