يزور الكويت هذه الأيام البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بدعوة كريمة رفيعة المستوى. وقد أعد الديوان الأميري برنامجا حافلا له للالتقاء بالشخصيات العامة والدبلوماسيين وزيارة بعض المراكز الثقافية، وبالطبع الالتقاء بأبناء مصر في الكويت. ورغم أن الزيارة كانت معدة قبل أن تمتد يد الإرهاب البغيض لتفجير دور العبادة المسيحية في الإسكندرية وطنطا لتمتزج دماء أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين في تحد كبير لأيادي الإرهاب المتستر بالدين، ورغم بشاعة ما حدث يستطيع المرء ملاحظة الحرص على أن تتم الزيارة رغم قسوة الظروف المحيطة والاضطراب الحادث في دول المنطقة بسبب تحركات ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وإثارة القلاقل والمشاكل على أكثر من صعيد. ويأتي ذلك تأكيدا على أن الكويت دولة ذات دستور محترم ولها سياسة راسخة في التعامل الإنساني واحترام الأديان وانتهاج سياسة واضحة تقوم على تبادلية الثقة والاطمئنان والمصالح المشتركة والحرص على التنمية العربية بشكل عام. فالمادة 35 من الدستور تشير إلى «حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية.. » ومن هنا أتاحت الكويت اتساقا مع دستورها وسياستها الثابتة لكل الأديان والطوائف التي تحتضنها الكويت ممارسة شعائرها بكل سماحة وحرية. وسيسجل التاريخ بأحرف من نور موقف الكويت الإنساني في إعادة بناء كاتدرائية مار مرقس، وكان المبنى القديم معترضا مسار الدائري الأول، وكان المطلوب موقعا آخر، وكان موقف الكويت المتميز الإنساني في إقامة مبنى كبير في منطقة حولي ذات الكثافة السكانية العالية لإقامة الشعائر، مصدر بهجة وسعادة للمسيحيين بشكل عام. من جانب آخر فإن حرص البابا تواضروس الثاني على إتمام الزيارة في موعدها رغم الأحداث الأليمة، يأتي في إطار الحرص على التماسك والتواصل مع الجميع في الوقوف صفا واحدا في مواجهة الإرهاب، وتقديرا لموقف الكويت الإنساني من أبناء الطوائف المسيحية، خصوصا أبناء مصر وأقباطها في دولة الكويت.محمود حربي
مشاركة :