باريس – الوكالات: أثار الاعتداء الذي قتل فيه شرطي مساء الخميس في جادة الشانزليزيه في باريس بلبلة وتوترا في ختام حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وزاد من غموض نتيجة جولتها الأولى المقررة الأحد. وشهدت جادة الشانزليزيه مساء الخميس في قلب باريس إطلاق نار تسبب بمقتل شرطي وإصابة اثنين آخرين وسائحة ألمانية بجروح. وسرعان ما تبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الاعتداء معلنا أن «منفذ الهجوم في منطقة الشانزليزيه وسط باريس هو أبو يوسف البلجيكي». لكن مصادر مقربة من التحقيق أكدت أن المعتدي فرنسي في التاسعة والثلاثين من عمره اسمه كريم الشرفي وكان يخضع لتحقيق جهاز مكافحة الإرهاب وسبق أن حاول قتل شرطي قبل أكثر من 10 سنوات. بالتالي بات من الضروري التحقق إن كان المنفذ الرجل نفسه الذي نشر التنظيم اسمه. إذ تلقت فرنسا الخميس من السلطات البلجيكية مذكرة توقيف صادرة بحق رجل يحمل الاسم نفسه الذي ورد في تبني التنظيم المتشدد بحسب الداخلية الفرنسية. ونددت أهم منظمات مسلمي فرنسا بهذا الاعتداء «الجبان والوحشي». ومنذ صباح الجمعة استغل مرشحو اليمين واليمين المتطرف الاعتداء داعين الحكومة إلى تشديد إجراءات التصدي للإرهاب التي يعتبرون أنها غير كافية. وطالبت رئيسة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند بـ«أن يصحو أخيرا» ويعتمد على الفور «ردا أمنيا أكثر شمولية». وفي الاتجاه ذاته دعا اليميني المحافظ فرنسوا فيون إلى «صفاء ذهن» في «حرب ستكون طويلة» متحدثا عن إجراءات أمنية مشددة سيطبقها «بيد من حديد» في حال اُنتخب رئيسا. في المقابل اتهم رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازينوف مرشحي اليمين بـ «استغلال» الهجوم وأخذ على مارين لوبن سعيها إلى «الاستغلال بهدف التفرقة وإشاعة الخوف لأغراض محض سياسية». وأضاف في هذا السياق أن فيون «يدعو إلى خلق عشرة آلاف وظيفة في الشرطة. كيف يمكن تصديق مرشح ألغى عندما كان رئيسا للوزراء 13 ألف وظيفة في قوى الأمن الداخلي»؟ في الأثناء ندد مرشح الوسط إيمانويل ماكرون بـ«مزايدات» خصومه ووعد بأن يتصدى «بلا هوادة» للإرهاب. أما مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون فقد أكد أن «واجبنا الأول يتمثل في التحلي بالهدوء». وقبل ساعات من اختتام الحملة الانتخابية منتصف ليل الجمعة (22.00 ت غ)، أعلن ثلاثة من المرشحين الأربعة الأوفر حظا (لوبن وماكرون وفيون) إلغاء اجتماعاتهم الانتخابية الأخيرة الجمعة. وحده ميلانشون الذي يخوض حملته تحت شعار «فرنسا المتمردة» أبقى على لقاء مساء الجمعة في حي باريسي. واعتبر المرشح أنه يجب «أن نثبت أن الكلمة الأخيرة ليست لمن يمارسون العنف». وإثر اجتماع مجلس الدفاع قال رئيس الوزراء الفرنسي إنه «لا شيء يجب أن يعرقل الموعد الديمقراطي» للانتخابات الرئاسية. واعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الهجوم «سيكون له أثر كبير» على الانتخابات الفرنسية. وتساءل المحققون الجمعة عن مسار منفذ الهجوم. وكان تنظيم داعش قال مساء الخميس إنه «أبو يوسف البلجيكي» وهو اسم لا يبدو أنه لشخص يحمل الجنسية الفرنسية. في الأثناء تقدم رجل يحمل اسم أبو يوسف البلجيكي صدرت بحقه مذكرة تفتيش بلجيكية نقلت الخميس إلى أجهزة الأمن الفرنسية، صباح الجمعة إلى مفوضية شرطة مدينة انفير البلجيكية، بحسب الداخلية الفرنسية. وكان النائب العام فرنسوا مولانس أكد من موقع الاعتداء أن «هوية المهاجم معروفة وتم التحقق منها» لكنه رفض الإفصاح عنها لدواعي التحقيق. إلا أن مصادر قريبة من التحقيق أفادت أن الرجل يدعى كريم الشرفي (39 عاما) كان يخضع للتحقيق بعد أن أعرب عن نيته قتل شرطيين وأوقف في 23 فبراير ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة. وكان حكم عليه 2005 بالسجن لنحو 15 سنة لمحاولة قتل شرطي وشخصين آخرين في منطقة باريس. ويبدو أنه تصرف بمفرده. وداهمت الشرطة مساء الخميس منزل المعتدي في منطقة سين-إي-مارن في ضاحية باريس. في هذه الأثناء استجوبت شرطة مكافحة الإرهاب ثلاثة أشخاص من معارف المهاجم الجمعة بحسب مصدر قضائي، بعد توقيفهم في مداهمات ليلية في ضواحي باريس الشرقية. ووصف سليم الذي كان التقى الشرفي قبل أسابيع، بأنه شخص «يعاني اضطرابا». وقال أحد جيرانه إن «أفعاله وردود أفعاله وطريقة مشيته وسلوكه ليست سوية، كأنه قادم من كوكب المريخ». وتجرى الانتخابات الفرنسية في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت في أعقاب اعتداءات 13 نوفمبر.
مشاركة :