«مهرجان الشارقة القرائي للطفل».. تعليم وتوعية وثقافة

  • 4/22/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أمل سرور على الرغم من أن «مهرجان الشارقة القرائي للطفل» موجه إلى صغارنا في الأساس، إلا أنه منذ اليوم الأول نجح في استقطاب جميع أفراد العائلة، وتحول إلى مهرجان احتفالي يدفعك إلى اصطحاب أسرتك لقضاء وقت تثقيفي ترفيهي، لتتحول معهم إلى طفل تمرح، وتتسابق، وتقلب بين صفحات آلاف الكتب المعروضة، بل وربما تنسى أن المهرجان يخص صغارك لتجد نفسك تركت أيديهم لتعيش لحظات من الانطلاق تعيدك مرة أخرى إلى طفولتك المنسية، التي تجدها بين أرجائه.منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدماك أرض «إكسبو الشارقة» حيث تقام الدورة التاسعة للمهرجان، تستطيع أن تتعرف إلى ملامح وانطباعات أولية عن تلك الاحتفالية. من أبواب «الإكسبو» انطلقنا، لنشهد تفاصيل رحلة العائلات التي اصطحبت أطفالها إلى ذلك الكرنفال الاحتفالي الذي يحتفي ببراعم المستقبل الذين تعطيهم الإمارة الباسمة أولوياتها.«الطفل إنسان المستقبل، ومنه تبدأ صناعة أثمن رأس مال، فلنجعل من القراءة عادة يومية عند الجيل الجديد لنؤسس ثقافة قوية لهم»، وحدها عبارات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة تصاحبك منذ الخطوات الأولى في المهرجان. تلك العبارات تحمل معاني كثيرة، وفلسفة سرعان ما تدرك أهميتها بمجرد أن تبدأ بالتجوال بين أروقة وفعاليات المهرجان الذي نجح منذ اليوم الأول لانطلاقه في ربط الثقافة والقراءة بالمتعة والترفيه، والعمل على توفير مجموعة متنوعة من الفعاليات والورش والتدريبات التي تستقطب بدورها الأطفال بل الأسرة بأكملها.تستسلم لقدميك، وتطلق لهما العنان لتعيش بين العوالم المختلفة والجديدة التي تخطف عقول الكبار قبل الصغار. أقف أمام تلك اللوحات الإرشادية التي انتشرت في جميع أرجاء الإكسبو لأفاجأ بآلاف الفعاليات والورش المختلفة للصغار التي تتنوع أهدافها بين التعليمية، والترفيهية، والعروض المسرحية والسيرك، إلى جانب العروض التفاعلية التي تعتمد على اشتراك الصغار بكل حواسهم ومداركهم فيها. عالم ليجو نورين المحمودي، التي وقفت تراقب أطفالها في جناح «الليجو» وهم يحاولون بناء شخصياتهم الكرتونية المفضلة من تلك المكعبات الصغيرة، في محاولة لاكتشاف قدراتهم الإبداعية، تتحدث بإعجاب شديد عن المهرجان، وترى أنه من أفضل الأماكن الترفيهية الغنية التي تعطي المعلومة لأطفالها بشكل مبسط.تقول: «جناح الليجو يعد من أفضل الأجنحة فهو من الفعاليات الجديدة التي لم نرها من قبل، واستطعت من خلاله أن أكتشف مواهب صغاري في صنع المجسمات المبتكرة».يرى جاسر الطنيجي، الذي بدأ جولته في المهرجان من عند معرض «رحلة إلى الدماغ»، أن هذا العرض التقني أهم ما يميز أرجاء هذا العُرس الثقافي في دورته التاسعة. ويقول الطنيجي: «استمتعت وزوجتي بذلك المعرض الباهر الذي أفادني كثيراً، وأمدني بالمعلومات عن أهم جزء لدي كإنسان، وصممت أن اصطحب طفلي الذي يبلغ من العمر 10 أعوام ليخوض تلك الرحلة».صاحب السنوات العشر يقطع حديث والده بعد أن انتهى من حضور ورشة «معرفتي» التي رسم فيها قصة من خياله. يقول مايد عن انطباعاته عن المهرجان: «كل الفعاليات أكثر من رائعة، أعجبني معرض رحلة الدماغ، ودخلته مرتين وسأدخله للمرة الثالثة، واشتركت في كل الاختبارات الذهنية التي يسمونها بالتفاعلية، وحصلت على نتائج عالية».يختم الطفل مايد حديثه بالقول: «سعدت بكل ما يقدمه المهرجان، ولا ينقصني شيء، إذ لعبت مع أصدقائي، واشتريت الكتب، ولونت وكتبت القصص، واشتريت كل ما تمنيته من حلوى ومشروبات». نجوم وكواكب محمد خضيرات الذي يحمل بين ذراعيه طفلته التي لا تتعدى 3 سنوات، يتحدث بعد أن انتهى عرض الطبول، قائلاً: «مهرجان القرائي للطفل يعني لنا الكثير، فهو حدث مهم لا يمكن أن يمضي من دون أن أتابعه، والحقيقة أنني أحرص على اصطحاب أسرتي لزيارته لنتجول بين الأجنحة المختلفة، ليشتروا ما يروقهم من قصص مصورة، وألغاز تناسب أعمارهم، ثم ننطلق جميعاً إلى أركان الفعاليات التي أرى أنها أكثر من حيث الكم والكيف هذا العام، وما يجذب أطفالي هو عرض الفضاء في خيمة النجوم، والحقيقة أنه عرض مذهل استطاع أن ينقلنا جميعاً عبر النظارات الثلاثية الأبعاد إلى السماء حيث رأينا الكواكب والنجوم وتعرفنا جميعاً إلى الكثير من أسرار هذا العالم». «كاب كيك» تقطع حديث خضيرات صغيرته رنا، قائلة: «ركن الطهي هو الأجمل، أعددت (كاب كيك)، وتعلمت كيفية عمل كريم التزيين، وتشكيل عجينة السكر، وسأنفذ ما تعلمته حين أذهب إلى المنزل». تتدخل والدتها قائلة: «الحقيقة أننا نستفيد من فعاليات المهرجان، لا نقضي وقتاً ممتعاً وترفيهياً فحسب، بل أيضاً نتعلم مع أطفالنا أموراً جديدة، وبالنسبة لركن الطهي فهو من أفضل الأجنحة في المهرجان، خصوصاً أننا نرى شيفات عربية وعالمية يقدمون لنا طرقاً جديدة ومخلفة لوصفات كثيرة لا نستغني عنها». حكايات الجدة ركن مختلف وجديد ومميز يقدمه المهرجان هذا العام من خلال دائرة حكومة الشارقة للخدمات الاجتماعية، وبعيداً عن الورش التدريبية والمسرحية والتثقيفية التي يلتف حولها الأطفال، فإن ركن الأجداد استطاع أن يجذب إليه الصغار بشكل ملحوظ. انتابت الجميع حالة من الصمت الذي من الصعب الإنصات إليه في مهرجان بضخامة القرائي للطفل، فالجدة التي تروي أهازيجها وحكاياتها القديمة للأطفال نجحت في أن تشد انتباه الكبار قبل الصغار.هلا المهيري التي تراقب طفلتها التي راحت تنصت باهتمام لصوت الجدة الرخيم تحدثت لي بهمس قائلة: «فكرة أسطورية، وليس بالغريب على إمارة الشارقة صاحبة التاريخ أن تعطي اهتمامها بالتراث، وتخصص ركناً من أركانها للحديث مع أجيالنا الجديدة عن التاريخ والقديم والأجداد والحكايات، بالتأكيد تجربة ثرية وغنية ستظل راسخة في أذهان أطفالنا، إنه تراثنا الذي نفخر به». حلم الطيران «بيردلي» فعالية استثنائية بكل المقاييس لن تجدها إلا على أرض «إكسبو»، نجحت في أن تجذب الخطوات والنظار إليها، ليتهافت عليها الكبار قبل صغارهم، ليخوضوا تجربة محاكاة افتراضية يحلقون فيها بأحلامهم قبل أجسادهم في أعالي السماء. وقفت أمام تلك الجموع البشرية التي راحت صيحاتها بالعجب والاندهاش والبهجة تملأ الأجواء.تأملت عدنان مهيب، الذي يقترب من الأربعين من العمر الذي كان يستعد لركوب الطائرة، وارتداء النظارة الثلاثية، لتبدأ رحلته في التحليق فوق سماء العاصمة الأمريكية. تجربة استخدم فيها مهيب كل أجزاء جسده للتحليق بعيداً، وما إن انتهى وهبط مجدداً على الأرض تحدث قائلاً: «تجربة مميزة أدخلت إلى قلبي البهجة، نسيت معها كل الضغوط الحياتية لأتحول إلى طفل أو مغامر، شعرت بأنني أطير وأسافر وأرى واشنطن من دون أن أتحرك من إكسبو، أعتقد أنها فاعلية من أنجح ما نظمه المهرجان هذا العام». شبكات عنكبوتية على أعتاب بوابات الخروج من «إكسبو الشارقة» التقيت خديجة عطارين التي حملت بين يديها مجموعة من الأكياس المعبأة بكثير من الكتب المتنوعة وقبل أن تغادر تقول: «نتعرض لحالة من حالات الغزو عبر الشبكات العنكبوتية والقنوات الفضائية الموجهة للأطفال التي لا تعرض سوى الأفكار السطحية، لذا أحرص على متابعة المهرجان سنوياً، وما لاحظته هذا العام هو تعدد الفعاليات التي تساهم في تدريبهم على الوعي الذاتي، وزيادة الثقة بالنفس، واكتشاف الآخرين». «فن».. رحلة إلى عوالم السينما تشارك مؤسسة «فن» المتخصصة في تعزيز ودعم الفن الإعلامي للأطفال والناشئة التي تتخذ من الشارقة مقراً لها، في فعاليات الدورة التاسعة من المهرجان. وتنظم عدداً من العروض السينمائية الخاصة بالأطفال منها عروض الأفلام القصيرة وأفلام الخيال، والكوميديا، إضافة إلى أفلام الرسوم المتحركة، والأعمال السينمائية الدرامية. وتعرض أفلام «فن» يومياً على فترتين، من الساعة 9:30 صباحاً إلى 12 ظهراً للأطفال، ومن الخامسة عصراً وحتى السابعة مساء خلال أيام الأسبوع، وتخصص الفترة من الساعة الرابعة وحتى التاسعة مساء، لأيام العطل الأسبوعية.وتأتي مشاركة «فن» في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، انسجاماً مع رؤيتها الطموحة ودورها الفعّال في إثراء المشهد الثقافي، وتسليط الضوء على القضايا المهمة التي تخص شرائح المجتمع كافة، من خلال المشاركة في الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية، لتشجيع الشباب على الانخراط في مجال الفني الإبداعي. برنامج تدريبي لتوعية أولياء الأمور دُشن أول برنامج تدريبي إلكتروني يستهدف أولياء الأمور بكيفية تعليم وتوعية الأبناء، تحت شعار: علم طفلك أن يقول لا، الذي أطلقته دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، خلال مشاركتها في مهرجان الشارقة القرائي للطفل.وقال أحمد إبراهيم الميل، مدير إدارة الاتصال الحكومي بدائرة الخدمات الاجتماعية، إن الدائرة كجهة حكومية منوط بها مهام الخدمات الاجتماعية، تحرص على المشاركة في جميع الفعاليات الوطنية بما فيها المعارض والمهرجانات المجتمعية. ومن هذا المنطلق شاركت الدائرة في مهرجان الشارقة القرائي للطفل بجناح تعرض فيه خدماتها وأنشطتها إلى الجمهور، وخاصة فيما يتعلق ببرامج الأطفال، وذلك نظراً لتناسبه مع الفعالية ذاتها.وكشف أحمد الميل، أن هذا البرنامج الذي أطلقته الدائرة خلال المهرجان، سيعزّز حماية الأطفال من أي اعتداء أو عنف قد يتعرضون له، فمن الواجب أو الحرص أن يتمتع ولي الأمر بهذه الثقافة، وأن يعلم أبناءه كيف يقولون «لا»، لأي خطر قد يتعرضون له، مضيفاً أن البرنامج يتضمن ستة محاور تتمثل في؛ المقدمة، ومفهوم الاعتداء الجسدي، والجنسي، والعاطفي، والاستغلال التجاري، إضافة إلى الإهمال، وأخيراً الابتزاز الإلكتروني، لافتاً إلى أن مدة البرنامج تستغرق ساعة واحدة.وأضاف مدير إدارة الاتصال الحكومي، أنه من الممكن أن يشارك في هذا البرنامج كافة أولياء الأمور، من خلال مختلف الأجهزة الإلكترونية، وخلال أي وقت، إلى أن ينهي كافة مراحل البرنامج، ويحصل على شهادة إلكترونية باجتياز البرنامج الذي سيعزّز حمايته لأبنائه، وتوعيتهم من أي خطر قد يتعرضون له، وآليات التعامل معه.وأضاف أن جناح الدائرة المشارك في المهرجان يستقبل يومياً ما يقارب من 380 طفلاً، مع عائلاتهم، أو برفقة مدارسهم، ويحتوي الجناح على أربعة أقسام، قسم المسرح التوعوي، والمرسم الحر، وركن الأجداد، والقصص التراثية، ومبادرة «حقوقي بقراءتي».كما شمل جناح الدائرة ركن الأجداد، وهو قسم يحتوي على جلسة شعبية يقدّمها كبار السن، يتحدّث فيها للأطفال عن قصص إماراتية تصور حياة الأجداد والتراث والعادات المجتمعية، وذلك بهدف توعية الأطفال بالتمسك بالتراث والعادات وحب الوطن. وأضاف أن من ضمن الأقسام قسم خاص بمبادرة «حقوقي بقراءتي»، لافتاً إلى أن محتوى المبادرة يتمحور حول «من حقي أن أعيش»، و«من حقي أن أملك أوراقي الثبوتية»، و«من حقي أن أتعلم»، و«صحتي في حقي»، وذلك تعزيزاً لمفهوم التوعية لدى الأطفال من أي مخاطر قد تواجههم. «مصنع الكاكاو2» تعرض قيم التعاون والرضا بمشاركة نخبة من الفنانين الكويتيين، مزجت مسرحية «مصنع الكاكاو 2»، بين الاستعراض والأغاني، والحوارات الشيقة، لتقدم لجمهور مهرجان الشارقة القرائي للطفل بدورته التاسعة، حكاية تدور أحداثها حول طاهية تدعى «لولو» تبذل الكثير من الجهد في العمل لتحقيق طموحاتها بأسلوب فكاهي ترفيهي عالي.وحققت المسرحية إقبالاً جماهيرياً كبيراً من مختلف الأعمار والجنسيات، حيث جمعت في كادرها الفني كل من الفنانة إلهام الفضالة، ويعقوب عبد الله، وصمود الكندري، وحسين المهدي، ولولوة الملا، وجاءت من إخراج الفنان علي العلي.وتروي أحداث المسرحية قصة صراع بين «لولو»، التي تمثل دورها الفنانة إلهام الفضالة، وصديقاتها «ريما» صمود الكندري، و«زينة» لولوة الملا، و«رقية» إيمان فيصل، مع مديرهن في الكافيه، يعقوب عبدالله، الملقب ب«جميل»، ومساعده إبراهيم الشيخلي الملقب ب«سوسه»، اللذان يفرضان شروطاً صارمة في العمل على الفتيات، وتحاول «لولو» وضع حد لهذا المدير المتسلط، الذي يحاول أن يستغلهن، وأن تعيد الكافيه الذي ورثته من والدها.وتعرض المسرحية على مسرح مهرجان الشارقة القرائي حتى 22 من إبريل/نيسان الجاري، تتويجاً للنجاحات الجماهيرية التي حققها العمل خلال الموسم المسرحي الماضي بعدما قدمت عروضاً متواصلة، حظيت بحضور جماهيري كبير. رسوم ومجسمات من السماء إلى الأرض أعود لأخطو خطواتي الأولى في معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل، هذا الذي يصاحب القرائي للطفل سنوياً، الذي يدخل عمره السادس هذا العام. تلفت نظري الأعداد الغفيرة من جميع الأعمار التي التفت حوله. نجوى عصام الدين تصطحب طفلتيها إلى الركن الفني التفاعلي في المعرض تقول: «من أفضل وأنجح المعارض التي تخص رسوم الأطفال، إذ سافرت مختلف دول العالم ولأني مهتمة بهذا العالم فحضرت الكثير من المعارض في دول أخرى، لذا أستطيع القول إنه الأفضل، خصوصاً في ما يتخلله من فعاليات ونشاطات الفنية كثيرة ومتنوعة، مثل تلك الورش المصاحبة التي تعلم صغارنا كيفية تركيب صور الرسوم بشكل صحيح، وطرق تركيب المجسمات، ورسم انفعالات الوجوه، كل هذه ورش سعدت باشتراك طفلتي فيها، والحقيقة أن المهرجان يوفر لنا الكثير من الترفيه والتعليم والتثقيف».

مشاركة :