السؤال الذي يحيرني هو: لماذا انتشرت جماعات العنف المسلحة والطائفية في منطقتنا العربية؟ ولماذا هذه الجماعات تريد أن تحكم من خلف الستار وبغطاء سياسي وترمي بالفشل والمسؤولية على غيرها؟! على سبيل المثال، يريد حزب الله أن يحكم من خلف الستار، ولا يريد أن يتحمل مسؤولياته تجاه الشعب اللبناني. كما أن جماعة الحوثي في اليمن تُريد أن تحكم بقوة الحديد والنار ومن خلف الستار وتحت يافطات وشعارات عندما نسمعها نصاب بالدوخة والدوران. هذه الجماعة لا تريد أن تشارك في حكومة وطنية لكنها تريد مُشرفاً أمنياً يكون عمله فوق الوزير وحتى رئيس الدولة، كما أنّها تُريد أن يكون لها (جناح عسكري خارج إطار الدولة). تريد هذه الجماعة أن تسيطر على كل مقدرات البلد بقوة الحديد والنار، أوصلت هذه الجماعة المؤدلجة اليمن إلى الجحيم، لا تؤمن إلا بلغة القوة والعنف ولا تؤمن بحق الآخرين، كل حلمها هو أن تنفذ المشروع الإيراني في اليمن، وأن تكون البوليس الأول لإيران في اليمن، ستفشل هذه الجماعة ومشروعها التدميري في اليمن؛ لأن الشعب اليمني لا يقبل بأفكارها الضالة، كما أن الحشد الشعبي في العراق يطبق نفس سيناريو حزب الله وحركة الحوثيين في اليمن. إن ظهور مثل هذه الجماعات المؤدلجة وبغطاء سياسي وسط مجتمعات مليئة بالجهل يحتاج منا لأبحاث معمقة، حتى نتوصل إلى نتائج توضح لنا ما السرّ في ظهور هذه الجماعات وبشكل قوي؟! ولماذا هذه الجماعات تدين بالولاء لأنظمة خارجية أكثر من ولائها لأوطانها؟ سنحاول في هذا المقال أن نذكر جزءاً من هذه الأسباب التي أدت إلى بروز جماعات العنف، ولاءات طائفية خارج إطار الدولة في منطقتنا العربية. أولاً: إن سيطرة الطبقة التقليدية والعسكر على زمام الأمور في منطقتنا العربية أدى إلى التخلف وظهور جماعات العنف المسلحة والجماعات المؤدلجة ذات الولاء الخارجي. ساعدت الأنظمة العربية في ظهور جماعات العنف المؤدلجة ولا نبالغ إذا قلنا بأن الأنظمة العربية كانت وما زالت تستعين بهذه الجماعات الطائفية من أجل محاربة أي مشروع عربي نهضوي يتبناه أبناء الأمة العربية الشرفاء، وما يحصل في منطقتنا العربية اليوم وما جرى من تآمر على ثورات الربيع العربي هو خير دليل على ما نقول. ثانياً: غياب دولة النظام والقانون ومفهوم الولاء الوطني ساعد هذه الجماعات في تنفيذ أجندتها المشبوهة (الحشد الشعبي في العراق، جمعية الوفاق البحرينية، حركة الحوثية في اليمن، حزب الله في لبنان، والقائمة تطول). ثالثاً: لا نبالغ إذا قلنا بأن الطبقة المثقفة مُهمشة ولا تملك زمام المبادرة داخل هذه النظم التقليدية مما أدى إلى هجرة العقول المفكرة، وبالتالي كان البديل هو جماعات العنف المؤدلجة، كما أن غياب العدالة والمساءلة داخل هذه الأنظمة أدى إلى انتشار الرشوة والغش والمحسوبية والفساد المستشري. نزيدكم من الشعر بيتاً، غياب حرية الصحافة، الإعلام، الرأي، الكتابة، النشر وغيرها كل هذا أدى إلى تنامي ظاهرة الفساد الأخلاقي والثقافي وغابت حرية الرأي والرأي الآخر. كما أن القيود الصارمة التي تفرضها الأنظمة العربية بحق الأدباء والصحفيين والكتاب والمبدعين أدى إلى تدني ثقافة التسامح وحرية الفكر، كما أن السجن والمطاردة والتعذيب وقمع قادة الأحزاب والحركات الإسلامية السلمية كل هذا ساعد في ظهور الجماعات الطائفية ذات الولاء الخارجي؛ لأن الأنظمة الديكتاتورية العربية لم تقبل بخيار التبادل السلمي للحكم، ولو قبلت الأنظمة العربية بخيارات الشعوب ما حصل الذي حصل ويحصل اليوم، لكن الجشع على الملك والجاه والكرسي أغواهم عن جادة الصواب. على سبيل المثال، لو تركت دول الإقليم المجاورة لليمن شباب ثورة 2011 ليكملوا ثورتهم السلمية ما كنا بحاجة لعاصفة حزم وأمل. وبناء على ما طرحناه سابقاً، نؤكد أن سبب تنامي ظاهرة الفاعلين السياسيين (جماعات العنف - ولاءات طائفية) خارج إطار الدولة في منطقتنا العربية هو الأنظمة الديكتاتورية العربية المتحجرة فهي مسؤولة عن كل ما يحدث اليوم في منطقتنا العربية المنكوبة. لا يمكن للشعوب العربية أن تتخلص من هذه الحركات المؤدلجة ما دامت وأنظمة القمع ما زالت في هرم السلطة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :