سياسة ترامب الخارجية المتوقعة في الشرق الاوسط ـ

  • 4/22/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

شاعت الانباء عن السياسة الخارجية الاميركية المتوقعة خلال انتخابات 2016 والتي خاضها كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وخلافا للتوقعات فاز دونالد ترامب بهذه الانتخابات. دائما كانت السياسات الخارجية لكل مرشح حين طرحها في الانتخابات تمثل عامل جذب أو رفض من قبل الناخبين، فبذلك يستطيع المرشح أن يوظف هذه السياسات لجذب الناس لترشيحه. أضف إلى ذلك، أن السياسات الداخلية للمرشح لها أهمية قصوى للشعب الأميركي فبها تستقر الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الداخلية مما يترتب عليه انعكاسا إيجابيا للسياسة الخارجية للدولة. ومن هذا المنطلق استخدم ترامب شعارات للسياسات الخارجية والداخلية خلال فترة الانتخابات وكانت هذه السياسات ذات صدى داخلي للمواطن الأميركي مما ترتب عليه فوزه بالانتخابات. لذا بالإمكان سرد السياسات الخارجية وخاصة في الشرق الأوسط والتي رفع شعارها دونالد ترامب وحزبه الجمهوري خلال الانتخابات لتوضيح ومطابقتها بالواقع. تلخصت السياسات الخارجية والتي دعا إليها دونالد ترامب خلال الانتخابات في عدة محاور، منها على سبيل المثال وجهة نظر ترامب بأن "أميركا أولا" حيث تتلخص هذه السياسة إلى تحقيق مصالح أميركا في السياسات التي تتخذها الحكومة ودوائرها وعدم الالتزام بالتدخل لحماية الدول الأخرى لو كان ذلك ليس من مصلحة الولايات المتحدة. يغلب على ترامب الروح الوطنية والقومية في خطاباته ولا ينظر لأميركا كلاعب أساسي في تنظيم شؤون العالم ولا يؤمن بضرورة الدافع الإنساني للتدخل في شؤون الداخلية للدول. أما من الناحية الاقتصادية يشكك ترامب في فعالية المعاهدات التجارية التي تستحث التجارة بين الدول ويعتبرها في مصلحة الطرف الاخر ضد المصلحة الاقتصادية الاميركية وينتج عنها أضرار بالاقتصاد الوطني، ويشجع ترامب مبدأ الحماية التجارية للسوق الاميركية. وعسكريا يؤمن أيضا بأن أميركا باستطاعتها أن تتدخل عسكريا بمفردها لحماية مصالحها في مختلف انحاء العالم. وسياسة ترامب في الشرق الأوسط خلال فترة الانتخابات توجز بان الولايات المتحدة ستظل دائما وابدا تحافظ على أمن إسرائيل من تهديد محيطها العربي وهذه السياسة التزم بها رؤساء الولايات المتحدة ابتداء من قيام إسرائيل إلى الان. ويفسر السبب الرئيسي لفوز ترامب بالانتخابات هو أن 71% من اليهود الأميركيين قد صوتوا له بعد الوعود التي قطعها على نفسه ومنها نقل السفارة الاميركية إلى القدس ترسيخا لكونها عاصمة إسرائيل، والاعلان عن أن إسرائيل دولة يهودية. ومن السياسات التي تلتقي فيها الولايات المتحدة مع دول الخليج والدول العربية الأخرى، وقوف الولايات المتحدة في وجه محاولات إيران في التدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية التي تثير جوا من عدم الاستقرار في المنطقة، والنظر إلى إيران بانها دولة ترعى الإرهاب فدعمها لحزب الله ومنظمات إرهابية أخرى يضعها من ضمن هذا التصنيف. وأيضا يعتبر ترامب الاتفاق النووي مع إيران بأنه اتفاق كارثي ويجب إلغائه أو إعادة النظر فيه، ويعتبر أن إيران تمتلك شبكات إرهابية عالمية ويجب تفكيك هذه الشبكات بالقوة. أضف إلى ذلك بأن دول الخليج تعاني من الإرهاب وكذلك الولايات المتحدة لذا يرى إمكانية العمل مع الحلفاء في المنطقة لتحجيم الإرهاب في دول العالم وداخليا بتقنين الهجرة. مما سبق يطغى على ترامب التمسك بمصلحة بلاده أولا رغم كل الظروف وهذا ديدن السياسات الخارجية للولايات المتحدة، أمن إسرائيل من الأولويات لدى ترامب كذلك لرؤساء الولايات المتحدة السابقين، محاربة الإرهاب أيضا من الأولويات في سياسة ترامب الخارجية وأيضا هي كذلك لرؤساء عدة سبقوا ترامب، لذا لا يختلف ترامب عن سابقيه من رؤساء الولايات المتحدة من حيث السياسة الخارجية ولكن الاختلاف في مدى اتقان الدور وإيصاله للجمهور وجذبه وصياغة تحالفات تمكن لمصلحة أميركا في المنطقة. والضربة الاميركية الأخيرة على مطار الشعيرات في سوريا بعد ضربة النظام البعثي السوري على خان شيخون ما هي الا أن مصلحة الولايات المتحدة قد تهددت، ومصلحة أميركا ببقاء المنطقة امنة ضمانا لاستقرار إسرائيل. ووجود نظام سوري يملك أسلحة كيماوية يهدد إسرائيل بطرق عدة، أولا فلو سقط النظام البعثي على ايدي متشددين بإمكان هؤلاء وضع إسرائيل في موقف حرج لو تم ضربها بالكيماوي. ثانيا بإمكان النظام البعثي ادخال المنطقة بأكملها في حرب كيماوية لو فقد الامل أو كان في أخر لحظات بقائه فبإمكانه الضرب بالكيماوي جزافا على جيرانه ومن ضمنهم طبعا إسرائيل. ضرب المتشددين في سوريا إنما يراد به ضمان استقرار المنطقة والحفاظ على مصلحة أميركا في المنطقة وأولها إسرائيل. دول الخليج تعاني من الإرهاب الذي أصبح بمثابة العدو الجاثم بالمنطقة لهذا تلتقي مصالح أميركا مع دول الخليج في محاربة الإرهاب. وقد يكون هناك مصالح أخرى سياسة واقتصادية في الضربة الاميركية الأخيرة على النظام في سوريا، فلا عجب أن تربطها أميركا بأسباب إنسانية رغم وجهة نظر ترامب بعدم التدخل في شؤون الدول لأسباب إنسانية وما هذا الا لإكمال الدور التمثيلي لهذه الإدارة. فلا شك أن التدخل الأميركي الأخير يصب في مصلحة الولايات المتحدة الاميركية أولا وأخيرا، وأنها تبحث لها عن دور لتكون أميركا عظيمة من جديد. تتعاقب الإدارات الاميركية ديمقراطيا وجمهوريا لكسب الناخب الأميركي بسياسات تختلف اختلافا طفيفا امعانا في التمثيل على الناخب الأميركي وفي الغالب لا يلتزم الرؤساء بالعهود التي ابرموها مع الناخبين. فلو نظرنا إلى السياسة الخارجية في الشرق الأوسط نجدها دائما تضع إسرائيل في المرتبة الاولى من حيث المصلحة تليها الدول الأخرى. وقد انتقد ترامب إدارة أوباما وتشجيعها للانقلابات خلال الربيع العربي والذي نتج عنه حاله غير مستقرة في دول الشرق الأوسط ويفضل بقاء رجال أقوياء في المنطقة حتى لو كانوا مستبدين وذلك إرساء لمصلحة أميركا، مع أن وجهة النظر هذه التزمت بها إدارات أميركية سابقة وذلك امعانا للمصلحة الخاصة الاميركية. والاختلافات بين الإدارات الاميركية تكاد تكون لا تذكر فهي مجرد أدوات يستخدمها المرشحين لخداع الناخب الأميركي. أما موضوع الملف النووي الإيراني وإعادة النظر فيه هذا من مصلحة أميركا الحالية، فوجود إيران نووية لا يهدد إسرائيل في الغالب ولكن يهدد الدول العربية ودول الخليج العربي ويفقد التوازن في المنطقة، وقد يستدعي امتلاك دول عربية لقوة نووية ردعا لإيران مما يثير ذعر إسرائيل. ولا تشكل إيران تهديدا لإسرائيل فقد ضج العالم بشعارات العداء الايرانية لإسرائيل رغم العلاقات الهادئة بين الطرفين. قد يكون الظرف الاقتصادي أو عدم الجدوى الاقتصادية من ابرام صفقة النووي الإيراني، ما دعا الأميركيين إلى التنصل من هذا الاتفاق. هذه الانانية السياسة التي طغت على سياسات أميركا وتبعها الكثير من دول العالم أسهمت في الكثير من التوتر في العالم حين ننظر إلى حال الفلسطينيين الذين يعانون من تعسف واضطهاد وعنصرية التي يتعامل بها الإسرائيليين والسياسة الاميركية التي تكيل بمكيالين نظرا لمصلحة أميركا الدائمة مع إسرائيل. هذا يجعل الشعوب تنظر وتبحث لها عن بديل لهذه السياسة التي تعتمد على المصلحة الأحادية للدول فبدلا منها قد يكون إيجاد سياسة ذات طابع تكاملي، جماعي، انساني، يرسخ مبدأ الامة الإنسانية أفضل أداة للتغلب على المصلحة المؤقتة.   أحمد الهاملي ahmed.ateeq.alhameli@gmail.com

مشاركة :