سميح خلف تعج الساحة الفلسطينية باوراق سياسة متناثرة وتؤثر على المشهد الفلسطيني بحالة من القتامة التي تؤدي الى ظلمة تهدد بالانسياق الى منحدر شديد تضيع فيه تلك الاوراق المتناثرة وتتحطم اهدافها ولانها وبصراحة تفتقر الوجود داخل الحاضنة السياسية لشعبنا الفلسطيني وهي منظمة التحرير الفلسطينية بل أصبحت تلك الأوراق تعبر عن ذاتها في دوائر صغيرة ومغلقة أقرب إلى عهد الصالونات السياسية والكل يضع نفسه ممثلا والكل يضع له الدور الأبرز في الأوراق السياسية وفي الحقيقة أنه لا احد باستطاعته أن يقدم ورقته السياسية كورقة أولى ولسبب بسيط أن القضية الفلسطينية تحتاج جميع الأوراق بحجم ما تتعرض له من تآمر دولي وضغوط من الحصار والاجتياح والاغلاقات المستمرة والملاحقات لكل أوراق العمل الوطني بلا إستثناء . الجميع في الشعب الفلسطيني يشعر بحالة من القتامة للتناقضات السائدة ودوافعها ومسبباتها ، والحوار الوطني أصبح واجب ملح لجميع الأطراف للجلوس على مائدة واحدة وللخروج بورقة سياسية واحدة تعبر عن المرحلة وخطورتها وسبل مواجهتها . لقد صرخت أصوات مختلفة ومنذ أكثر من عام من وجوب تفعيل دور تلك المنظمة ولأسباب مختلفة مازالت تلك النداءات والصرخات لا تخرج من رنين الأذن أو من العقل الباطن لأسباب تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني والتناحر على ماهية التقاسم والأدوار في الساحة الفلسطينية وهذا شئ مخيب للآمال ، منظمة التحرير الفلسطينية التي قادها الرئيس الراحل ياسر عرفات الشخصية الكاريزمية كان يعرف هذا القائد فن توزيع الأدوار بين السلطة والمنظمة وتوقيتها الزمني ولكن هل نحن الآن كما كان الرئيس أبو عمار؟؟ بالتأكيد لا فكثير من المتغيرات حدثت وأول تلك لمتغيرات هي خسارة الشعب الفلسطيني لهذا القائد الفذ فكان لابد لملئ الفراغ بقيادة وطنية موحدة تستطيع أن تقوم بكل الأدوار مجتمعة التي كان يقوم بها هذا الرئيس . أوراق متناثرة لملمتها ضرورة وطنية فكثير من الكتّاب تحدثوا وقالوا أن هناك سلطتين برأسين ، سلطة الرئاسة وسلطة حماس ، وموقفنا أيضا معروف من هذا التعريف ، ولكنني أرى أن الساحة الفلسطينية لهااربعة رؤوس على الأقل : أربعة أوراق أساسية ورئيسية مطلوب صقل توجهاتها في بوتقة واحدة لخدمة العمل الوطني والخروج من المرحلة ولكن اذا نظرنا وبشكل موجز لتلك الأوراق في الساحة الفلسطينية فانها متباعدة وتفتقر الى نقطة اللقاء فكيف يمكن الاتفاق على سياسة الحد الأدنى والتوافق الأدنى في ظل وضع قائم لمؤثر اقليمي ودولي داعم لسياسة العدو الصهيوني والخاضعة رؤيتهم بناء على نظرية الاملاءات ودفع ما هو واجب والابتعاد عن ما هو مطلوب من حقوق للشعب الفلسطيني ؛ كيف يتم التوافق ؟ . هل بتبني الورقة السياسية السابقة لمنظمة التحرير وما تحتوي من اعترافات وتفاهمات مع العدو الصهيوني في ظل عنجهية صهيونية ومؤثر اعلامي صهيوني دولي استطاع أن يخترق السياسة الدولية بل يوجهها ؟ . هل المطلوب هو الجمود في السياسة الفلسطينية على اتفاقات سابقة لم تكن ناجعة في تحقيق الحد الأدنى من المطلب الوطني الفلسطيني ولكن ما هو البديل لذلك ؟ .. في ظل تمترس وجهات النظر المختلفة حول مواقفها وفي ظل حملة اعلامية وتحريضية لكل من الأطراف لا تخرج عن كونها وكأننا بين فريقين في ملعب كل طرف يقوم بواجبه من حملة اعلامية وتحريضية ومعنوية ضد الآخر ، كيف يتم ذلك واعلامنا ابتعد كثيرا عن ساحة المواجهة للعدو الصهيوني دراسة وتحليلا وموقفا . وقضية الاعتراف باسرائيل وبنتائج أوسلو هي أركان أساسية لبعض الأطراف في ورقة العمل السياسية لها، وأطرف أخرى تعتمد ورقتها السياسية على المقاومة الدفاعية فقطعن وجودها وطرف ثالث ضعيف له ميول حول تراثه في منظمة التحرير ومقدار ما حقق من امتيازات في ظل اوسلو له وطرف رابع مازال يؤمن بمبدأ المقاومة بكافة الوسائل ووقف التنسيق الامني ومحاسبة الفساد والمفسدين في اوساط فتح وهو تيار اصلاحي تم اقصاءه وابعاده عن دائرة القرار والفعل بالفصل او التهديد والوعيد بالفصل وهو تيار يمتلك شعبية عريضة ينادي باصلاح الأوراق السياسية المطروحة في فتح ومنظمة التحرير ويقوم بدوره النضالي على الساحة الفلسطينية يوميا داخل الوطن . أوراق سياسية متناثرة صعب جمعها لتناقضها المطلق .. فكيف يمكن تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى أي منظار ؟!! .. ناهيك عن فصائل العمل الوطني الفلسطيني خارج الوطن والتي هي اساسا خارج منظمة التحرير والتي لها تواجد داخل أوساط المخيمات الفلسطينية خارج الوطن وبرغم حاجتنا للحوار الوطني الا أنني لا أرى في هذا الموضوع يمكن الوصول بهذا الاتجاه الى حالة التوافق والى حالة التفعيل لمنظمة التحرير الفلسطينية فكل من الأطراف يريد منظمة التحرير على مقاسه بالضبط وأصبحت منظمة التحرير مجني عليها لسبب بسيط .. انها جردت من كل وسائل قوتها وصمودها ومنهجيتها .. فهل سيقف المارد الفلسطيني من جديد ؟ لابد أن يكون هناك دعائم وأسس جديدة لهذا المارد الذي جرد من سلاحه والا لن يكون هناك اجماع أو اتفاق ليحيي دور منظمة التحرير وخاصة أن حماس قد تخرج من ازمتها المادية والسياسية في اتفاق مع عباس او ما سمي وفد منظمة التحرير الاخير او اتفاق الشاطيء وفي اعتقادي أن جميع الضغوط التي مورست والحصار المادي لن تفلح ولم تفلح في تغيير جوهر الورقة السياسية الحمساوية وخاصة أنها تعبر عن الورقة السياسية لحركة الاخوان المسلمين الدولية وهذه من أحد الاسباب التي لا تستطيع حماس التراجع فيها ويبقى الدور على حركة فتح فمطلوب منها ورقة سياسية جديد ة يقودها الاصلاحيون ومن انتفضوا على برنامج فتح عباس والفشل على مدار عقدين على الاقل ولن نقول ان يفعل الشعب الفلسطيني بمن فشلوا كما فعل الشعب الفرنسي بحكومة فيشي التي تعاملت مع الاحتلال في فرنسا وتبجحخت انها تحكم الشعب الفرنسي كله وهي كانت لا تمثل الا نصف سكان فرنسا، فالسلطة وتمثيلها اصبح اسوء من حكومة فيشي في فرنسا فهي تفعل وتتنازل وتحاور وتتفاوض وتتعاون امنيا وهي لا تمثل الشعب الفلسطيني كله ولذلك نحتاج لطرح يناسب مع المرحلة وتقرب خطوط الالتقاء مع القوى النضالية المقاومة مثل كتائب شهداء الأقصى بمجموعاتها وكتائب اللجان وسرايا القدس وأبو علي مصطفى وكذلك حماس برغم أن حماس تستخدم أسلوب التهدئة المبطن كعملية اللعب في الوقت والزمن وعلى الرئاسة الفلسطينية أن تغير من منهجيتها السياسية المتهاونة مع المتطلبات المعنوية للشعب الفلسطيني فليس هناك في السياسة شئ ثابت يمكن أن نتمسك به للأبد وخاصة لو كان على حسابنا . الفيصل في ذلك لجمع الأوراق المتناثرة هو الاستفتاء الشعبي المباشر على ورقتين أساسيتين الورقة الأولى ورقة المقاومة والصمود في وجه الاحتلال وتحمل أعباء المرحلة مهما كانت ومواجهة سياسة الحل الانفرادي من قبل اسرائيل ومواجهة ضغوط الاعتراف والعزل لشعبنا الورقة الثانية برنامج أوسلو وملحقاته وتداعياته المادية والمعنوية . اذا قبل أن نتحدث عن تفعيل منظمة التحرير ولعدم التقاء الأوراق تبقى قضية الاستفتاء قضية ملحة للم شمل الوضع الفلسطيني برمته لأن الشعب بذلك سيحدد مصيره ولأن هذا المصير لا تمتلكه مجموعة أو فئة أو حزب أو أي تكتل ولأن المرحلة من الخطورة التي ستحدد مستقبل الأجيال الفلسطينية برمتها ولمنع أي تدهور في الأوضاع الداخلية الفلسطينية ولوقف عمليات التشهير والتحريض لابد أن يقول الشعب كلمته ومن ثم بعد ذلك يمكن أن نتحدث عن تفعيل دور منظمة التحرير في ظل مسار وتكتل فلسطيني أجمع على الخيار مهما كان .
مشاركة :