مجد عثمان | ثمة تجربة جديدة بات يطلبها كل من هوى عيش لحظات من المغامرة والمتعة والرفاهية في عالم جديد يعيد للأذهان صورة ما قبل التطور العمراني والمدني، الذي شهده العالم على مر العصور بتجربة يعود فيها السائح إلى الحياة البدائية في الحصول على القوت اليومي واستخدام أساليب مختلفة لصيد فريسة وإشباع رغبته الملحة في التغلب على حيوان شرس يحاول مهاجمته بطريقة أو بأخرى. وبالعودة لهذه الحياة البدائية اتخذ البعض من محبي المغامرة مناطق شتى من العالم لممارسة رياضية أو هواية مملوءة بالحماس، ودخلت إلى الأذهان فكرة عيش هذه التجربة عبر السفر إلى مناطق معينة مثل القارة الأفريقية والدخول في غمار سباق الصيد الحيواني، إلا أن هذا النوع من الرياضة واجهه رفض كبير من لجان حقوق الحيوان وحماية البيئة، متهمين هذه الهواية بأنها قتل همجي للحيوانات فقط لأجل المتعة والتسبب في نفوق الكثير من الأنواع النادرة. التقت القبس خلال زيارة احدى الشركات الدولية المعنية برحلات «سفاري الصيد» أو «القنص» إلى جنوب أفريقيا، واستطاعت التعرف على جوانب هذه الرياضة، حيث بدأ رينهارد هويزر حديثه قائلا «ينظر الكثيرون، سواء من الأفراد أو الجمعيات الحقوقية إلى صائدي الحيوانات البرية بنظرة سلبية، واصفين الأمر على أنه قتل متوحش لكائنات تريد العيش بسلام في بيئة مطمئنة، لكن حقيقة الأمر تختلف عما يتم وصفه وتحديدا في جنوب أفريقيا، فخلال الـ 50 سنة الماضية استطعنا نحن في شركة – كوالاتا، وغيرنا من المؤسسات الخاصة جذب سياحة الصيد في جنوب أفريقيا أن نعمل على خلق بيئة ملائمة لكثير من الحيوانات، سواء تلك المفترسة أو غيرها عبر امتلاك مساحات شاسعة وتحويلها إلى محميات طبيعية تعمل على رفع معدل أعداد الحيوانات المختلفة وزيادة تكاثرها للحفاظ عليها وضمان بقائها، ولولا عمليات دمج وتعريف الحيوانات بهذه المناطق الجديدة من الحياة البرية لما كانوا قد ألفوها وتكاثروا فيها». ويكمل هويزر قائلا «محمية كوالاتا تبلغ مساحتها 13 ألف هكتار، فيها كل أنواع الحياة البرية الملائمة لهذه الحيوانات، نرعاها ونحميها من عمليات الصيد العشوائية عبر تشريع قوانين وأسس تسمح بصيد فئات محددة من الحيوانات التي أصبحت معرضة للنفوق الإجباري نتيجة لكبر سنها وعدم قدرتها على تقديم أي فائدة للحياة البرية». ويقول هويزر «اليوم في جنوب أفريقيا تتعدد الأراضي والمحميات البرية التي يمتلكها القطاع الخاص في البلاد، فيما تمتلك هذه المحميات أعدادا مضاعفة من الحيوانات التي تنتشر في المناطق العشوائية التابعة لحكومة جنوب أفريقيا. ولتوضيح ذلك، فإنه خلال الـ 25 سنة الماضية، تكاثرت أعداد الحيوانات في البلاد من 600 ألف حيوان فقط إلى 26 مليون حيوان، وذلك نتيجة للسياسة المنتظمة في عمليات الصيد، والتي تجرم الصيادين وتعرضهم للمساءلة القانونية في حال أخلوا بهذه القوانين والاتفاقيات». وأضاف «هناك فئات محددة من الحيوانات البرية بأنواعها المفترسة أو العادية يسمح بصيدها، وهي الحيوانات الكبيرة في السن التي يمكن أن تفنى لأسباب طبيعية ويمكن أن يميزها الصياد المحترف، الذي يرافق السياح أثناء ممارستهم لهذه الهواية، أيضا الحيوانات التي لم تستطع التآلف مع قطعانها وتخرج عنهم، وهذه الأخيرة مضرة جدا بالحياة البرية، كونها تؤذي الطبيعة عبر افتراس كل أنواع الحيوانات والنباتات، لذلك فهنالك الكثير من الحيوانات التي يمنع صيدها». يشير هويزر خلال حديثه مع القبس إلى أنه «بالنسبة للأشخاص الراغبين في القدوم إلى جنوب أفريقيا وممارسة عملية صيد الحيوانات، نعمل نحن في جمعية – كوالاتا على مساعدة هؤلاء الأشخاص، من خلال إرسال مرشد سياحي معهم ومحترف صيد، يقوم بتوفير كل المعلومات اللازمة لهم من أجل اختيار الحيوانات المناسبة التي يتم صيدها، فكل ما يتم القيام به مرتبط بمعاهدة «التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض، تحت عنوان سايتس أو CITES»، لذلك من المهم جدا عندما يذهب السائح في رحلة صيد إلى أي دولة من الضروري أن يعرف كل القوانين المتعلقة بالصيد، الخاصة بالمنطقة المتجه إليها، إلى جانب القوانين الدولية كي لا يتعرض للمساءلة القانونية، فعملية الصيد ليست مجرد حمل سلاح وإطلاق النار على كل ما يمكنك قتله، ومن المهم جدا على السائح أن يعلم أن ذهابه لرحلة «سفاري أو صيد» يجب أن تتم مع صياد محترف، ويمكن هنا الحديث عن أكبر المشكلات التي تتسبب في سوء فهم لعملية الصيد أو «القنص»، وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي دائما يمكن اعتبارها القائد الأهم في أي عملية ترويج، فكثير ممن يذهبون للصيد يقتلون حيوانات صغيرة أو غير مسموح بقتلها بشكل عشوائي، ثم يقومون بالتقاط صور بجانبها ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي، مما يعطي فكرة مختلفة تماما عن عملية الصيد الصحيحة، ويتسبب ذلك في تشويه صورة رحلات السفاري، سواء عند الأفراد أو منظمات حماية البيئة أو حقوق الحيوان، لذلك من النصائح الرئيسية والأولى التي يجب اتباعها لحظة اتخاذ قرار السفر، هو الذهاب للرحلة عن طريق مؤسسة رسمية معترف بها في منظمة «فازا – جمعية الصيادين المحترفين في جنوب أفريقيا». في محمية كوالاتا
مشاركة :