تعد الصناعات الدوائية من أهم الصناعات الإستراتيجية نظراً لارتباطها بصحة الإنسان ونظراً للدور الكبير الذي تلعبه هذه الصناعة في توفير الأمن الدوائي لأي مجتمع، حيث بدأت الصناعات الدوائية السعودية حديثاً مقارنة بغيرها من الصناعات الأخرى، كما أن هذه الصناعة والنجاح فيها ليس بالأمر السهل ما لم يتحقق عدد من عوامل النجاح لهذه من خلال تأهيل الكوادر البشرية، ووجود استثمارات ميزانية التموين الطبي ارتفعت إلى 7 مليارات ريال خلال الخمس سنوات الأخيرة رأسمالية عالية، وكذلك إيجاد مراكز للبحوث والتطوير والدراسات التي تعتبر من أهم العوامل التي تساعد على نجاح الصناعات الطبية في المملكة. وقد أولت المملكة هذا الجانب من الصناعات أهمية خاصة تمثلت بتشجيع واستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتدريب الكوادر البشرية السعودية، التي هي الركيزة الأساسية في توطين هذه الصناعة وتمويل الأبحاث والدراسات المكثفة الخاصة بها، ومنح ميزات تفضيلية مشجعة ومحاربة الإغراق وتذليل كل العقبات والعوائق التي يتطلبها الإنتاج الدوائي المعقد، حيث أظهرت العديد من الإحصائيات الصادرة مؤخراً أن المملكة تتصدر دول الخليج في الصناعات الطبية والدوائية من حيث عدد مصانع الأدوية، بواقع 27 مصنعاً بلغت قيمة استثماراتها الإجمالية نحو 619 مليون دولار أميركي، في حين أوضحت الدراسات أن هذه الاستثمارات تلبي 15% فقط من احتياجات السوق المحلية بينما تشكل الواردات الجزء الأكبر من إمدادات السوق الدوائي السعودي بنحو 85% أغلبها في الصناعات غير المحمية بامتيازات وحقوق تصنيع عالمية، حيث تسعى المملكة من خلال دعم هذا القطاع لتنويع مصادر الدخل والتقليل تدريجياً من الاعتماد على النفط كمنتج إيراد وحيد، باعتبار أن الصناعات الدوائية تعد واحدة من أكثر الصناعات ربحية وأعلاها دخلاً على الإطلاق. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالعزيز العطيشان، أن المملكة بفضل قيادتها الحكيمة استطاعت أن تسهم في زيادة الصناعات السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة، ومازلنا بحاجة ملحة لاستثمار النعم الكثيرة والخيرات في هذا البلد، ولدينا من الموارد الطبيعية مايمكن تحويله إلى صناعة مربحة فعلى سبيل المثال لا الحصر تعد منتجات التمور في المملكة من أجود وأفخر الأنواع على مستوى العالم، ناهيك عن وفرتها بشكل كبير يفوق الاحتياج الفعلي لها، ولكن في نفس الوقت لانجد من يستثمر في استخراج خيرات هذا المنتج حيث يعد من المنتجات التي نستطيع استخراج مادة الكحول منها التي تدخل في صناعة 80% من المواد والمستلزمات الطبية، معتبراً أن أحد أهم عوامل النجاح في هذا الجانب هو توفر الأيدي المدربة والمؤهلة وهذا سيكون متوفراً بعد عودة جحافل أبنائنا الطلبة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الذي يعد أحد أهم الاستثمارات في الإنسان والعقول بل من أضخمها على مستوى العالم، كما يرى العطيشان أن دعم المملكة لهذا الجانب سيسهم في تغذية موارد الدولة بعيداً عن النفط الذي يشكل مصدر الدخل الأول، مبيناً أن ذلك من شأنه أن يوجد الكثير من الاستثمارات الكبيرة التي ستسهم في إيجاد اقتصاد متنوع متين، كما أن ذلك سيسهم في توفر الفرص الوظيفية بل سيقضي على البطالة على مستوى الجنسين. وأوضح المدير العام لشركة سواعد للاستثمار وليد الشهري أن توطين الصناعة الدوائية سيحقق الأمن الدوائي للمملكة، وهذا من أهم الأسس الإستراتيجية للدول وتنمية الدورة الاقتصادية وقيادة دول المنطقة موضحاً أن توطين هذه الصناعة سوف يسهم في انخفاض مستوى البطالة في المملكة، وإحلال الكوادر البشرية السعودية المدربة وتوفير آلاف الفرص الوظيفية الوطنية الفنية العليا والمساندة، وزاد: إضافة إلى سرعة توريد الدواء وتوفيره للمريض بصورة دائمة وبأسعار مناسبة، ستسهم هذه الصناعة في التقليل من فاتورة الاستيراد الباهظة التي تتكبدها خزينة الدولة فبحسب بيانات وزارة الصحة فإن هناك أكثر من 79 مشروعاً صحياً تم تشغيلها وافتتاحها خلال الفترة من عام 1429ه حتى نهاية 1434ه، بواقع (12163) سريراً، كما ارتفعت ميزانية التموين الطبي خلال الفترة نفسها، من 3 مليارات ريال الى 7 مليارات ريال، وذلك بزيادة عدد الأدوية المستهلكة من قبل الوزارة، بخلاف أن الكثير من التقارير الاقتصادية تتوقع أن تصل نسبة الإنفاق من إجمالي الناتج المحلي على قطاع الرعاية الصحية إلى 6% بحلول عام 2020. من جهتة قال العضو المنتدب بشركة تكوين عبدالمحسن محمد العثمان بالإضافة الى العديد من الميزات التنافسية التي تمتلكها المملكة، فان هناك تطوراً ملحوظاً في القوانين والتي من شأنها تشجيع ودعم مثل توجه التركيز على الصناعات التحويلية، كما ان موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على الترخيص بتأسيس الشركة العربية السعودية للاستثمارات الصناعية كشركة مساهمة سعودية، يبلغ رأسمالها ألفي مليون ريال سعودي، - يؤكد أهمية تطوير الصناعات التحويلية المعتمدة على البتروكيماويات والبلاستيك، مبيناً ان هذه الخطوة تمثل منعطفاً مهماً في طريق التنمية المستدامة للاقتصاد من خلال تنويع مصادر الدخل، والارتكاز في ذلك على الصناعة التحويلية كخيار استراتيجي، مضيفاً أن السر وراء محدودية تركيز رجال الأعمال على هذا النوع من الصناعات يعود لما تتطلبه من استثمارات رأسمالية كبيرة وخبرات فنية وتقنية متخصصة وهي لاتتوفر الا بشكل محدود، اضافة الى ان هذه الصناعة تقوم على البحوث والتطوير مبيناً أنه وعلى سبيل المثال وبالرغم من زيادة النمو المتوقع لصناعة الاقمشة غير المنسوجة للاستخدمات الطبية في المستقبل، الا ان هناك تحديات تواجه هذه الصناعة، من هذه التحديات زيادة المنافسة على المستوى العالمي وارتفاع تكلفة المواد الخام.
مشاركة :