الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية تجرى اليوم، وإذا صدقت استطلاعات الرأي العام فستتنافس على الرئاسة في السابع من الشهر المقبل مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية، وإيمانويل ماكرون، مرشح يمين الوسط. هناك مرشحون كثيرون آخرون أبرزهم فرنسوا فيّون، ممثل الحزب الجمهوري، وجان لوك ميلانشون، وهو مرشح يساري زاد تأييده كثيراً في الأسايبع الأخيرة. أمامي استطلاع يعطي كلاً من لوبن وماكرون 23 في المئة من الأصوات وفيون 20 في المئة، وميلانشون 19 في المئة. هذا يعني أن الجولة الأولى قد تسفر عن مفاجأة مساء اليوم. لوبن تتعرض لحملات يومية فحزبها يمثل أقصى اليمين، ولا يشفع لها أنها طردت أباها جان ماري لوبن من الحزب سنة 2015 بسبب تطرفه، فهو يقول أن المحرقة النازية لليهود مجرد «تفصيل في التاريخ»، أو أنها تحاول دفع حزبها نحو مواقف أقل تطرفاً وتنتصر للعمال والعاطلين من العمل أملاً بالفوز بأصواتهم. الإرهاب في باريس قبل يومين زاد من شعبيتها. مارين لوبن قالت أن الفرنسيين ليسوا مسؤولين عن إرسال 13 ألف يهودي فرنسي إلى ألمانيا سنة 1942 لينتهي أكثرهم في أفران الغاز. هي حمّلت القادة في تلك الأيام المسؤولية، لا الشعب. النازيون كانوا يحتلون فرنسا، ولا بد أنهم أمروا الشرطة الفرنسية بجمع اليهود في ملعب رياضي لنقلهم إلى ألمانيا. طبعاً كلام لوبن يعجب شباب فرنسا الذين يريــدون عملاً، إلا أنه يثير غضب كتـّاب الافتتاحية فــــي «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» فأكثرهم مهني منصف، إلا أن بينهم بعض أسوأ نماذج ليكود أميركا. قرأت في الجريدة الأولى افتتاحية عنوانها: مارين لوبن تنكر الذَّنْب الفرنسي. وقرأت في الثانية افتتاحية عنوانها: مارين لوبن وإعادة كتابة كريهة لتاريخ المحرقة. أعتقد أن إيمانويل ماكرون، وهو سياسي وسطي، جديد على الساحة بعد أن عمل وزيراً للتجارة والصناعة والشؤون الرقمية، فهو فاز في أول مناظرة تلفزيونية بين المرشحين للرئاسة، وكان فوزه بالنقاط لا بالضربة القاضية. ربما يأخذ الناخبون على ماكرون عمله سنتين وزيراً مع الرئيس فرنسوا هولاند الذي كان يستطيع ترشيح نفسه للرئاسة مرة ثانية واعتذر ربما إدراكاً منه أنه سيخسر. ماكرون أسس حزباً وسطياً إلا أن خصومه يقولون أن سياسته استمرار لسياسة هولاند حتى وهو ينكر ذلك. عندما بدأت حملة انتخابات الرئاسة كان المرشح الأفضل حظاً بالفوز هو فرنسوا فيّون، ممثل الوسط، إلا أن أمله بالفوز تراجع كثيراً و «فضائح» تلاحقه، فقد اتهم بأنه أعطى زوجته بينيلوب وهو رئيس للوزراء مرتباً مجموعه نحو 700 ألف يورو عن عمل لم تقم به. آخر ما قرأت من «فضائح» تنسب إليه أنه تلقى 50 ألف دولار لتأمين اجتماع بين الرئيس فلاديمير بوتين ورجل أعمال لبناني. فيّون نفى التهمة وأنا أميل إلى تصديقه مع أنني قرأت الخبر في جريدة «الغارديان» اللندنية الرصينة. ربما ميلانشون «مفاجأة الموسم» فأسهمه في صعود مستمر، وهو معجب بفيدل كاسترو ويكره حلف الناتو، ويريد «فرنسا حرة» ويؤيده اليسار السياسي. الفضائح الحقيقية والملفقة جزء من حملات الانتخابات في الغرب، وعندنا في حملة الرئاسة الأميركية مَثل واضح، أو صارخ، عليها. في الحملة الفرنسية هناك اتهام مماثل لروسيا بالتدخل بعد أن قابل الرئيس فلاديمير بوتين مرشحة اليمين مارين لوبن في الكرملين قرب نهاية الشهر الماضي. ربما كان بوتين يفضل أن تفوز لوبن فهي تعارض علناً العقوبات الغربية المفروضة على روسيا. أيضاً كل مرشح تحدث عن الإسلام والمسلمين وأبدى تحفظاً أو معارضة سافرة. في جميع الأحوال، سنعرف مساء اليوم من سيتنافس على الرئاسة الفرنسية في نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
مشاركة :