هل تكشف مارين لوبن اليوم اسم الرئيس الفرنسي المقبل؟

  • 4/23/2017
  • 00:00
  • 35
  • 0
  • 0
news-picture

قد تُحسم نتائج الانتخابات الفرنسية اليوم، وتكون نتيجة جولتها الثانية معروفة سلفاً، إذا تأهلت مارين لوبن إلى الجولة الأخيرة. فوزها في الجولة الثانية يحتاج إلى معجزة لن ترتكبها غالبية الناخبين الفرنسيين، على رغم ما شاب الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية من تبدل في مواقع المرشحين. فغداة ترشيحه، بدا فرانسوا فيون كأنه وضع الرئاسة في جيبه، قبل أن تدهمه فضيحة الوظائف الحكومية الوهمية لأفراد من أسرته. إثر فضيحة فيون، تقدم المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون ليصبح الأوفر حظاً، إذ أعطته استطلاعات الرأي المركز الأول مناصفة مع لوبن، بفارق مريح عن فيون الذي تراجع ليراوح بين المركزين الثالث والرابع. لكن استطلاعاً واسعاً نُشر قبل موعد الانتخابات بخمسة أيام كشف تراجعاً في نقاط ماكرون ولوبن، ليصبّ هذا التراجع في مصلحة اليميني فيون واليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون، مع بقاء المرشح الاشتراكي بونوا أمون في المركز الخامس بفارق كبير، وبقاء نسبة المترددين ضمن هامش غير مريح لمرشحَي المقدمة.في دلالة على كتلة مؤيديها الصلبة، لم تتراجع نيات التصويت للوبن كثيراً، أسوة بفيون، على رغم التحقيق في قضية وظائف وهمية مشابهة تخص عضويتها في البرلمان الأوروبي، أي عضويتها في برلمان الاتحاد الذي تدعو إلى الخروج منه. قلة المترددين بين مؤيديها تمنحها أفضلية العبور إلى الجولة الثانية، فيما تبقى الشكوك الأساسية حول هوية من يرافقها ويكون رئيساً. هذا لا يمنع نهائياً حدوث مفاجأة كبرى بانتقال ماكرون وفيون إلى الجولة الثانية، وحينها سيكون للجولة النهائية طعم التنافس الذي سيغيب فيما لو كانت لوبن طرفاً فيها. فرضية تأهل فيون مبنية على ما لا يُعرف من نوايا المترددين، ولا مجازفة كبيرة بالقول إن نسبة كبيرة من هذه الشريحة قد تختار التصويت لليمين الجمهوري ممثلاً بفيون. تأهل لوبن وفيون معاً سيكون مؤشراً مقلقاً على تصاعد اليمين الفرنسي، وتحديداً اليمين المتطرف الشعبوي، واليمين التقليدي بجناحه الشعبوي أيضاً، أو جناح الرئيس الأسبق ساركوزي الداعم فيون رئيس وزرائه سابقاً. ربما، في هذه الحالة، سيكون التوقيت المبكر للكشف عن فضيحة فيون أقل تأثيراً بعد تجاوز نسبة من الناخبين صدمتها الأولى، والأكيد أن انحصار التنـــافس في الجولة الثانية بين لوبن وفيون سيكون سابقــــة باضطرار الناخبين إلى الاختيار بين متهمَيْن بالفساد. من هذه الجهة، المقارنة غير منصفة بين الانتخابات الحالية وانتخابات 2002 التي تواجه في جولتها الثانية جاك شيراك ولوبن الأب، فضلاً عن أن الفارق آنذاك بين لوبن والاشتراكي ليونيل جوسبان في الجولة الأولى لم يتعدَّ مئتي ألف صوت أو ما يعادل 0.68 في المئة من الأصوات. خلف الكواليس، يمكن رد جزء من المنافسة الحالية إلى انتخابات 2012 التي تواجه فيها الرئيس الحالي أولاند والرئيس الأسبق ساركوزي، مع تأثير مواجهتهما الحالية على حزبيهما. لا يخفى أن ماكرون هو مرشح أولاند المفضّل، لا مرشح حزبه الاشتراكي أمون، وهنا يمكن التحدث عن دوره في انقسام الحزب إذ ستذهب أصوات وسطيي الحزب إلى ماكرون، بينما لا يحظى أمون سوى بدعم جزء من يسار الحزب، مع توقعات بذهاب جزء من أصوات يسارييه إلى اليسار الراديكالي بقيادة ميلانشون. على جبهة الجمهوريين، لا يخفى دور ساركوزي في إدخال الخطاب الشعبوي اليميني، ومحاربته الكتلة التقليدية للحزب بزعامة آلان جوبيه. كان لكتلة ساركوزي دور كبير في انتصار فيون على جوبيه في انتخابات الحزب التمهيدية، وتجدد الدعم بعد فضيحة الوظائف الوهمية هو ما جعل فيون يتصلب ولا يعلن انسحابه لمصلحة جوبيه. ثمة جهد بذله أولاند وساركوزي، الأول لتهميش الجناح اليساري في حزبه لصالح الوسط، والثاني لتهميش اليمين التقليدي ويمين الوسط في حزبه لمصلحة الأكثر يمينية وشعبوية في الوقت ذاته. تراجع مكانتي الجمهوريين والاشتراكيين في الانتخابات الحالية ناجم في جزء منه عن الصراعات داخل الحزبين، مع اتجاه عام نحو اليمين والوسط، إنما ليس على قاعدة تقديم رؤى جديدة على نحو ما فعل توني بلير في حزب العمال، أو قبله مارغريت تاتشر في حزب المحافظين. من الطريف ربما أن يشبّه ماكرون نفسه بديغول، الرمز التاريخي للجمهوريين، لكن هذه المناورة لا يُتوقع أن تكسبه عدداً مؤثراً من أصوات الجمهوريين. في المقابل، لا تملك لوبن الجرأة الفكرية لتشبّه نفسها بتاتشر، فخطابها الانعزالي الشعبوي لا يرقى ليتشبه بأعلى من ظاهرة ترامب. أما رغبة ميلانشون في انضمام فرنسا إلى تحالف اليسار اللاتيني، الذي كان قد أسسه تشافيز، فهي الأخرى ليست أكثر من مقابلة الشعبوية اليمينية بنظيرتها اليسارية. لم تكن حملة الرئاسة بمجملها، وقد وصفت بالأسوأ، تنافساً بين برامج واقعية وجذرية في آن واحد. الأهداف الراديكالية لدى اليمين واليسار لا تسندها خطط عمل مقنعة، فضلاً عن أن تحميل مسؤولية الركود الاقتصادي وقلة فرص العمل للمهاجرين واللاجئين، كما يفعل اليمين الفرنسي، هو نوع من البروباغندا فيه انحراف عن مواجهة المشكلة بحلول حقيقية. ينطبق هذا على اعتبار وجود فرنسا في أوروبا هو المشكلة، الأمر الذي أصبح في جوهر حملة لوبن، ليلاقيها من الجهة الأخرى اليساري الراديكالي ميلانشون. لقد انتهت السنة الماضية على معدل نمو مرتفع في بعض الأشهر فقط بناء على نشاط قطاع الاستهلاك المنزلي، فيما أقفلت على تحذير المراقب العام للحسابات من عجز الموازنة نتيجة الهدر في القطاع الحكومي الذي يستوعب قسماً معتبراً من قوة العمل، هذان مؤشران من مؤشرات عدة على المأزق الحالي، المأزق الذي يتطلب توفيقاً جديداً بين دفع النمو والمكتسبات الاجتماعية. من المؤسف أن «واقعية» بعض المرشحين تظهر في برنامجهم للسياسة الخارجية فحسب، بالدعوة إلى استيعاب عدوانية بوتين، أو بالدعوة إلى التطبيع مع نظام بشار الأسد، هذا ما يتفق عليه كلّ من لوبن وفيون وميلانشون. في الرد على هذا النوع من الواقعية كتب آلان جوبيه على حسابه في تويتر في الخامس من الشهر الحالي: أنصار «الواقعية السياسية» لا يجرؤون أن يفسروا لنا لماذا نظام بشار هو شريكهم المعتاد.

مشاركة :