أعلنت قوات بيشمركة «زيرفاني» (النخبة) أمس إنقاذها نحو ألفي مواطن من سكان القرى العربية الواقعة بين تلعفر والموصل، والمحاصرة من قبل تنظيم داعش والميليشيات الشيعية المنضوية في الحشد الشعبي، مبينة أن المواطنين كانوا يعيشون أوضاعاً مأساوية بسبب الجوع والخوف. وقال المقدم رمضان عمر، مسؤول الاستخبارات في قوات بيشمركة الزيرفاني في محور آسكي الموصل لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء المواطنون هم من سكان عدد من القرى العربية الواقعة أمام قواطعنا في محور آسكي الموصل والكسك خاضعة لسيطرة مسلحي (داعش)، وكانوا يعانون من الجوع والخوف، واتخذهم التنظيم دروعا بشرية له، لكن نحو ألفي شخص منهم غالبية من النساء والأطفال تمكنوا من الهرب من هذه القرى والتوجه نحو الخط الأمامي لقوات البيشمركة». وأضاف عمر أن قوات البيشمركة أمنت لهم الطريق واستقبلتهم ووفرت الطعام ومياه الشرب، والعلاج للمرضى منهم، وأنها ستنقلهم إلى المخيمات الخاصة بنازحي الموصل المنتشرة في جنوب وشرق المدينة. لافتاً إلى أن هناك أعداداً كبيرة من المدنيين المحاصرين في هذه القرى، وإنقاذهم يحتاج إلى عمليات عسكرية. وتحاصر ميليشيات الحشد الشعبي مناطق غرب الموصل وتلعفر منذ شهور لكنها لم تستطع أن تحرز أي تقدم يُذكر باتجاه تحرير تلعفر والمناطق الأخرى، فالتنظيم يبدي مقاومة شرسة وقد حصن تلعفر بمجموعة من الخطوط الدفاعية وزرع كبيات كبيرة من المتفجرات والعبوات الناسفة. وخلال الأشهر الماضية حاول التنظيم لعدة مرات خرق حصار الحشد الشعبي، وقد تمكن من كسر الطوق الذي يفرضه الحشد قبل نحو شهرين من الآن وهرب عدد من قادته ومسلحيه وعائلاتهم إلى سوريا. بدوره، أوضح المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة نينوى، الشيخ مزاحم الحويت، لـ«الشرق الأوسط» أن الذين لجأوا إلى قوات البيشمركة «هم من سكان القرى الواقعة بين ناحية بادوش وقضاء تلعفر غرب الموصل والبالغ عددها نحو 130 قرية، وكانوا محاصرين من (داعش) ومن الحشد الشعبي، لذا قررت أعداد منهم الهرب باتجاه قوات البيشمركة التي أنقذتهم، وأمنت منفذا لخروج أعداد أخرى منهم خلال الأيام المقبلة»، مبينا أن المواطنين الهاربين نُقلوا إلى مخيم القيارة جنوب الموصل. وأضاف: «الهاربون جميعهم من عشيرة اللويزي التي ينتمي إليها النائب العراقي عبد الرحمن اللويزي، المعروف بعدائه لإقليم، لكن البيشمركة لم تأخذ بالاعتبار مواقف اللويزي بل أنقذت أقاربه وأبناء عشيرته وأوصلتهم سالمين إلى مخيمات النزوح». وتزامناً مع عملية تحرير المدنيين من غرب الموصل، واصلت القوات الأمنية العراقية أمس عمليات تحرير ما تبقى من مناطق وأحياء الجانب الغربي من الموصل، وأعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن قوات خاصة، عبد الأمير رشيد يار الله، في بيان: «حررت قطعات قوات مكافحة الإرهاب حي الصحة الثانية في الجانب الأيمن من الموصل ورفعت العلم العراقي فوق مبانيه»، مشيراً إلى أن القوات العراقية «كبدت (داعش) خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات». كما جاء في بيان أن جهاز مكافحة الإرهاب، الذي يتلقى تدريبا من الولايات المتحدة استعاد السيطرة على حي الثورة. وقال اللواء الركن معن السعدي، من جهاز مكافحة الإرهاب، إن قواته ستلتحم بقوات الشرطة الاتحادية التي تتحرك صوب المدينة القديمة من موقع مختلف. وأضاف أنهم يستكملون تطويق الإرهابيين في المدينة القديمة. في غضون ذلك، دمرت قوات الشرطة الاتحادية أمس صهريجا مفخخا قادما من حي الرفاعي في الجانب الأيمن، حاول تنظيم داعش أن يهاجم به قوات الشرطة المتمركزة في حي الثورة. وتوغلت قطعات الشرطة الاتحادية أمس في المدينة القديمة من أربعة محاور، تمثلت بباب الطوب من جهة نهر دجلة ومن باب الجديد من جهة كراج بغداد ومن منطقة قضيب البان غربا ومن حي الثورة باتجاه حي الزنجيلي. وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «قتلت قواتنا أربعة قياديين من (داعش) من أبرزهم أحمد حسن الجبوري، قاضي الدماء في التنظيم، وشَمال صلاح الدين رشيد، إثر استهداف مقر التحقيق الأمني في حي الرفاعي شمال المدينة القديمة». وفر مئات المدنيين من غرب الموصل أمس وهم يجرون عربات يد تحمل حقائب ورضعا وكبارا في السن بعد أن انتزعت القوات العراقية السيطرة على حيي الثورة والصحة. وبعد السير لأميال نقلت حافلات العائلات من نقطة تفتيش تابعة للحكومة في جنوب المدينة إلى مخيمات تؤوي أكثر من 410 آلاف شخص نزحوا منذ بدء الهجوم لاستعادة الموصل في أكتوبر (تشرين الأول) . وقال أبو قحطان (63 عاما) وهو أحد وجهاء مجموعة مؤلفة من 41 شخصا ينتمون إلى خمس عائلات «غادرنا دون مياه أو طعام أو إضاءة ونحن نضع ملابسنا على ظهورنا». وسُمع دوي إطلاق نار ونيران مدفعية أمس مع وصول العائلات من منطقة حي التنك الذي قالوا إن المتشددين ما زالوا يسيطرون على نصفه. وتتقدم القوات المدعومة بطائرات الهليكوبتر نحو جامع النوري الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قبل نحو ثلاثة أعوام «الخلافة» على مساحات من العراق وسوريا. وشاهد مراسل من وكالة «رويترز» يقف على مرمى البصر من الجامع دخانا كثيفا في المنطقة بعد ضربة جوية.
مشاركة :