«الثعلبة».. مرض خلل المناعة الذاتية

  • 4/23/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في يوم من الأيام ربما تستيقظ من نومك لتفاجأ بوجود بقع ومناطق محددة دائرية خالية من الشعر في الرأس، فتصاب بالانزعاج والقلق الشديد، خشية أن تنتشر هذه البقع وتشمل الشعر كله، وتتساءل ماذا أصاب شعري.إنه داء الثعلبة المزعج الذي يسبب الإحراج للمصابين، وبشكل خاص النساء أمام أزواجهن وزميلاتهن، والثعلبة أو الحاصة البقعية، داء يصيب بشكل مباشر بصيلات الشعر، لكنه لا يؤدي إلى موت هذه البصيلات وهي من الأمراض الجلدية، التي تأتي بشكل مفاجئ، وتكون عادة بشكل دائري أو بيضاوي، ومن الممكن أن تظهر منفردة أو متعددةغالباً ما تصيب «الثعلبة» الشخص بشكل خاص بعد التعرض لظروف سيئة، ووضع نفسي سيئ، والمرور بالعوامل النفسية المفاجئة، واسم الثعلبة مشتق من كلمة إغريقية تعني (جَرَب الثعلب)، فالثعالب إذا أصيبت بالجرب فقدت شيئاً من شعرها أو وبرها، ما يتسبب بظهور بعض البقع الخالية الشعر في فرائها، وهذا مما يضيرها ويؤدي إلى تشوهها، ولذلك تقل قيمتها عن نظيرها من فراء الثعالب غير المصابة بهذا المرض.تاريخ المرض عرف الإنسان داء الثعلبة منذ مئات السنين، وأول من أطلق اسم الثعلبة على هذا المرض هو العالم سفاج سنة 1760م في باريس، وفى سنة 1843م ادعى بعضهم أن هذا المرض يرجع إلى الإصابة ببعض الفطريات والميكروبات؛ إلا أنه في سنة 1900م، ومع التطور السريع في علم الميكروبات والمختبرات الطبية تم إثبات أن مرض الثعلبة ليست له علاقة بالميكروبات أو الفطريات أو الطفيليات، وداء الثعلبة هو أحد أمراض المناعة الذاتية، ويؤدي غالباً إلى حدوث بقع صلعاء في فروة الرأس، وخاصة في المراحل الأولى، ويحدث تساقط الشعر بشكل مفاجئ، وبشكل عشوائي ومتكرر، ويمكن أن يكون منتشراً؛ أي قابلًا للتوسع والانتشار، وهو غير مؤذٍ لصحة الإنسان، وغير مؤذ لصحة الجلد، وغير معدٍ وليس هناك خطر من أن يعيش شخص سليم مع آخر يعاني داء الثعلبة، لكن يجب أخذ الحيطة والحذر في معاملته حتى يتم التأكيد الطبي من خلال فحص طبي، وغالباً يصيب هذا المرض الأشخاص الأصحاء.خلل المناعة الذاتية الأسباب الرئيسية لداء الثعلبة غير معروفة حتى الآن، لكن تُشير الأبحاث والدراسات إلى أنه يظهر نتيجة لحدوث خلل في المناعة الذاتية الموجودة بالجسم، بحيث تهاجم خلايا المناعة الذاتية بصيلات الشعر، مما يعمل على إضعافها وسقوطها في الأماكن المُصابة، فتظهر بُقع بيضاوية الشكل أودائرية خالية من الشعر، وذلك بدون أي آثار التهاب أو احمرار على سطح الجلد.وتلعب العوامل النفسية دوراً خطيراً في الإصابة. فبعد الدراسة والبحث من قبل العلماء تبين أن أحد أهم الأسباب أو العوامل التي تؤدي إلى ظهور الثعلبة، هي العوامل النفسية، وبشكل خاص عند حدوث صدمة لدى شخص معين، فهذا يجعله أكثر عرضة لظهور الثعلبة، كذلك العوامل العصبية كالخلل في الأعصاب، أو أي مرض له علاقة بالأعصاب والعوامل المناعية، حيث تظهر الثعلبة بشكل كبير لدى الذين يعانون بعض الأمراض المناعية كزيادة الحساسية الجلدية، وحساسية الصدر، وحساسية الأنف، والبهاق، والوهن العضلي، والذئبة الحمامية، وأيضاً حدوث اضطراب في الغدد ذات السبب المناعي، كالغدة الدرقية، وفقر الدم، ومرض السكر، والأنيميا الخبيثة، وتعتبر هذه كلها أحد العوامل التي تعمل على إضعاف المناعة وبصيلات الشعر.العوامل الجينية هناك أدلة قوية على ارتباط العوامل الجينية بزيادة خطر الإصابة بالثعلبة، حيث تبين من خلال دراسة الأسر التي تحوي فردين أو أكثر مصابين بالمرض، وحددت هذه الدراسة ما لا يقل عن 4 مناطق في الجينوم يحتمل أن تحتوي على هذه الجينات، وهُناك الكثير من الأمراض التي تؤدي إلى حدوث داء الثعلبة، مثل أمراض الأسنان كالتسوس، والجيوب الأنفية المزمنة، والغدد الصماء، واختلال انكسار العين يحفز على إظهار مرض الثعلبة، حيث إن ضعف قوة الإبصار وعدم تعويضه بالنظارة أو العدسات اللاصقة يساعد على حدوث الثعلبة، وحديثاً ثبت أن مرض الثعلبة من الممكن أن يصيب الإنسان نتيجة مدافعة الجسم ضد بعض أنسجته؛ أي أنه تتكون أجسام مضادة ذاتية توجه إلى بصيلات الشعر وتوقفها عن العمل، وتحد من انقسام خلايا الشعر، فتصبح الشعرة في مرحلة عدم النشاط، ويكون ذلك نتيجة خلل معين في جهاز المناعة للإنسان المصاب بداء الثعلبة.أنواع الثعلبة غالباً ما يتم كشف داء الثعلبة بالصدفة عند تمشيط الشعر، أوعند الصالون أو الكوافير أو رؤية أحد من أفراد الأسرة لها، ومن الجائز أن تحدث في الحاجب أو الرموش، وكذلك الذقن والشارب بالنسبة للرجل، ويبدو جلد شعر الرأس من خلال هذه البقع طبيعياً تماماً بلا قشور أوتغير في لون جلد فروة الرأس، فليس هناك أي إحساس بالألم، أو ضمور، أو تضخم بالجلد، أو أضرار، أو اختلال بإفراز العرق أوالدهن. ويلاحظ أن الشعر عند الإصابة يشبه علامة التعجب، فيكون أضيق على طول ضفيرة الشعر قرب القاعدة، وفي حالة شد الشعر السليم، فإنه لا ينفصل إلا بضعة شعرات ولا يكون الشعر المنفصل موزعاً بشكل متساوٍ في الجزء المشدود من فروة الرأس. أما في حالة الإصابة بمرض الثعلبة، فإن الشعر الموجود على حواف الرقعة ينفصل بشكل أسهل مقارنة بالأجزاء البعيدة عن الرقعة، حيث يكون الشعر سليماً، ومن الممكن أن تكون البقعة دائرية الشكل مفردة وبمنطقة محددة وسط الرأس مثلا، وهذه الحالات تشفى بالعلاج أسرع من غيرها، وهناك نوع آخر بأطراف الرأس في شكل شريط يحيط به، ويسمي هذا النوع (الحية أو الثعبان)، وهذه الحالات كثيراً ما تقاوم العلاج. وهناك نوع ثالث عبارة عن إصابة كل أجزاء فروة الرأس ويسمى بالثعلبة الكلية، وهي التي يسقط فيها شعر الرأس كله دفعة واحدة، وكأنها محلوقة، ولنا أن نتخيل وجه رجل أو امرأة بلا حواجب ورموش ولا شعر، فيبدو المصاب كصورة غير محددة وبلا رتوش، وهناك نوع رابع وفيه يتساقط كل شعر الجسم، وهذا هو النوع العام بالجسم، وهذه الحالات الأخيرة يصعب علاجها.يبدأ بطيئاً لا توجد أي أعراض أو علامات لداء الثعلبة غير سقوط الشعر، الذي غالبًا ما يكون فجائياً خلال عدة أيام، بينما يكون المريض بصحة جيدة وطبيعية، وداء الثعلبة غالباً ما يبدأ بطيئاً وعلى نحو سلس ثم يتحول إلى صلع كامل، وتبدأ المشكلة غالباً بتكون بقع صلعاء يصل حجمها إلى حجم العملة المعدنية. وستلاحظ أول مشكلة عندما ترى كتلاً من الشعر على وسادتك أو في الحمام، ويحدث فقدان الشعر في الغالب من فروة الرأس، ولكن كما ذكرنا يمكن أن يصل في بعض الحالات إلى فقدان شعر الحاجبين والرموش واللحى، أو أي مكان يوجد به شعر، مما يؤدي إلى تكون بقع صلعاء تختلف في الحجم، ومع الوقت يصبح المريض أصلع نهائياً، ويحدث عنده فقدان لبعض الشعر من الجسم أيضاً. كما يمكن أن يؤثر داء الثعلبة على أظفار اليدين والقدمين، فيكون بها خدوش متناهية الصغر، وتظهر عليها بقع بيضاء أو خطوط وتفقد تألقها، أو تصبح رقيقة وتتكسر بسهولة، وكلما زادت شدة المرض زاد شمول الأظفار، كما نلاحظ وجود نتوءات منتظمة الترتيب في خطوط أفقية أو رأسية في الأظافر.آلية العلاج الموضعي علاج داء الثعلبة يجب أن يتم تحت إشراف طبي متخصص، ويبدأ العلاج دائماً بطمأنة المريض بأن شعره سيعود للنمو من جديد، ويجب أن يقدم الطيب شرحاً تفصيلياً للمريض عن طبيعة مرضه، وأن الاستجابة للعلاج يمكن أن تكون سريعة، ومن الجائز أن تكون بطيئة، وتفيد المطمئنات لراحة أعصاب المصاب، وأيضاً ثمة علاجات لتقوية الأعصاب ومعالجة الحالة النفسية، ومن الممكن أن تفيد علاجات الغدد الصماء، وإزالة البؤر العفنة، ومعالجة الأسنان واضطرابات النظر. وعند علاج السبب فإن الشعر سرعان ما ينمو، وعادة ما يتم العلاج الموضعي باستخدام بعض المراهم المهيجة، التي تعمل على إيجاد طفح جلدي بسيط مع احمرار وحكة في منطقة الإصابة، وهذا يحفز بصيلات الشعر على النمو. وإذا كانت البقع صغيرة إلى متوسطة، فمن الممكن إعطاء حقن موضعية من الكورتيزون، ويحدث نمو الشعر تدريجياً خلال من 4 إلى 6 أسابيع، ويمكن تكرار الحقن كل شهر ولمدة ثلاثة أشهر متتالية كحد أقصى. أما في حالات الثعلبة الكلية أو العامة لكل الجسم فيجب العرض على مختص المعالجة النفسية حيث يقرر ما هو مطلوب. ويمكن اللجوء إلى العلاج عن طريق الإيحاء النفسي، بإجراء عدة جلسات لإعطاء إرشادات للمريض عن هذا المرض وأنه لن يؤثر على حياته العملية، مع إدخال مؤثرات صوتية مثل الموسيقي وصوت الطيور. كل الأعمار تصل نسبة المُصابين بداء الثعلبة إلى ما يُقارب 2% فقط، ويشكل هذا المرض من 5% إلى 7% من إجمالي الأمراض الجلدية المترددة على العيادات الجلدية في أغلب الدول، كما أنه يصيب النساء والرجال بنسب متساوية، ويصيب الحالات في كل المراحل العمرية، فنشاهده عند الأطفال في عمر السنتين وما فوق، لكنها أكثر إصابة بين أعمار 10 إلى 40 سنة، واغلب المرضى الذين يعانون من داء الثعلبة يكون لدى أحد أفراد الأسرة هذا المرض، وفي حالة فقد كل الشعر من فروة الرأس أو الجسم تحدث في عدد قليل من المصابين بهذا المرض، وبحسب الأبحاث وجد أن درجة الاستجابة للعلاج افضل عند النساء والفتيات المصابات منها في الذكور.

مشاركة :