إن عملية تزويد الجسم بكل احتياجاته من العناصر الغذائية المتنوعة أمراً ليس من السهولة بمكان، خصوصاً في بيئات العمل الحالية التي يصاحبها الانشغال الدائم بالعمل وروتين الحياة اليومي، مما يؤثر بشكل كبير على صحة أعضاء جسم الإنسان خصوصاً الكبد. وهنالك عدة جوانب للتغذية، إلا أن مسألة استهلاك كميات كافية من البروتينات غالباً ما يتم إهمالها، على الرغم من أنها تمثل جزءاً كبيراً من صحة الإنسان بشكل عام. وقد حققت البحوث العملية في مجالات التغذية تطوراً كبيراً إلى أن وصل الأمر إلى اكتشاف وتصنيع العديد من المكملات الغذائية، والتي تتمثل حديثاً في المساحيق البروتينية التي لقيت رواجاً كبيراً كمصدر للمكملات الغذائية. وفي حالات اعتلال الكبد فإن أفضل علاج يكمن في تناول كميات كبيرة نسبياً من البروتينات التي تتوفر في كثير من الأشكال.لماذا البروتين؟ يعتبر البروتين تركيبة من الأحماض الأمينية التي تحتاجها خلايا جسم الإنسان، حيث يحتاج الجسم البروتينات لبناء وإصلاح العضلات والجلد والكبد، كما أن الأحماض الأمينية تحديداً عامل أساسي في إنتاج الجسم للإنزيمات والهرمونات والدم، والعديد من المركبات الكيميائية التي يحتاجها جسم الإنسان، بما في ذلك إنتاج الطاقة. وخلافا للدهون والكاربوهيدرات، فإن الجسم لا يقوم بتخزين البروتينات، وبالتالي فإن الحصول عليها بشكل مستمر أمر ضروري خصوصاً الأحماض الأمينية لاكتمال عمليات بناء الخلايا والعضلات وغيرها من احتياجاته المهمة للجسم. إضافة إلى أن البروتينات تعزز من الشعور بالشبع أكثر من الأطعمة والعناصر الغذائية الأخرى، وبالتالي فإنها تساعد أيضا متبعي نظام الحمية الغذائية بشكل أفضل لتحقيق أهدافهم لخسارة الوزن.ولمن يعانون من أمراض الكبد المزمنة، فإن من الجيد لهم اتباع حمية غذائية متوازنة بعد استشارة الطبيب، مع الحفاظ على كميات معتدلة من السعرات الحرارية والكاربوهيدارت والدهون والبروتينات لتمكين الكبد من إعادة إنتاج خلاياه. وعلى الرغم من ذلك فإن كمية البروتينات التي ينصح بها للمصابين بأمراض الكبد تختلف بحسب اختلاف المرض وسن الإنسان المصاب وقابلية جسمه لتناول كميات محددة من البروتينات ذات التركيز العالي من الأحماض الأمينية.وكمثال على ذلك، فإن المصابين بمرض التليف الكبدي ويعانون من سوء التغذية يكون لزاماً عليهم اتباع حمية غذائية مناسبة ذات تركيز عال من البروتينات التي تتضمن الأحماض الأمينية الضرورية لإعادة بناء الكبد، بيد أن بعض مصابي مرض التليف الكبدي يكون لديهم حساسية مفرطة للبروتينات، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى رفع نسبة الأمونيا في الدم، فضلا عن أن المصابين بأمراض الكبد المستعصية مثل اعتلال الدماغ الكبدي يترتب عليهم حصر كمية البروتينات التي يتناولونها. وبسبب اختلاف معدل ما يحتاجه جسم الإنسان من شخص لآخر، فإنه يجب على المرضى مراجعة الطبيب لتحديد الكميات اللازم تناولها حسب الحاجة.مصادر البروتين بعد التأكد من أهمية البروتينات والأحماض الأمينية لجسم الإنسان، يتحول الانتباه بشكل تلقائي المصادر التي يمكن منها الحصول على تلك البروتينات والأحماض الأمينية، ويجمع الأطباء وخبراء التغذية على أن التنويع الغذائي يعتبر مهماً جداً للحصول على أنواع مختلفة من الأحماض والبروتينات، حيث تعتبر المأكولات البحرية واحدة من أهم المصادر الطبيعية للبروتينات، وذلك لأنها تحتوي على القليل من الدهون المشبعة، كما أن أسماك المياه الباردة مثل السلمون والسردين تعتبر مفيدة وغنية جداً بمضادات الالتهابات وزيت «أوميجا 3» والأحماض الدهنية.ومن المصادر الأخرى أيضاً، اللحوم البيضاء مثل الدواجن، والتي تزود جسم الإنسان بما يحتاجه من البروتينات الخالية من الدهون، كما أن اللحوم البيضاء تعتبر خياراً مثالياً لمتبعي نظام الحمية الغذائية، وعلى الرغم من ذلك فإنه يجب التأكد من مصادر تلك الدواجن ونظام التغذية المتبع معها وضمان عدم إضافة الهرمونات إليها. ومن المصادر المهمة أيضا منتجات الألبان التي تتضمن الحليب والأجبان ومشتقاتهما، كما أنها تحتوي على العديد من الدهون المشبعة. ويعتبر البيض مصدراً طبيعياً مهماً للبروتينات، فضلاً عن البقوليات التي تتضمن الفول والعدس، وهي مصادر غنية جداً بالبروتينات النباتية التي يحتاجها الجسم، كما أنها تمتاز باحتوائها على نسب أكبر من غيرها من العناصر من الألياف الطبيعية التي تعزز من عملية الاستقلاب وسهولة الهضم وتقوية جدار المعدة وغيرها من الفوائد.كما تعتبر الصويا مصدراً غنياً جداً بالبروتينات، إلا أن بعض الدراسات المتخصصة أشارت إلى احتوائه على مادة الإستروجين التي يمكن أن تعمل على تحفيز الخلايا السرطانية خصوصاً عند النساء. كما أشارت بعض الدراسات الأخرى إلى أن غالبية المنتج العالمي من الصويا معدل وراثياً. ومن المصادر الغنية لحوم البقر التي تحتوي في الغالب على جرام واحد أكثر من لحم الدجاج من حيث الدهون المشبعة، كما أن لحوم البقر غنية بعنصر الزنك والحديد وفيتامين «ب 12».يمكن الاستعانة أيضاً ببعض المصادر الاصطناعية الأخرى للبروتينات، مثل المساحيق التي يتم تركيبها بطرق معينة، إلا أن البروتينات تكون محتفظة بتركيبتها الحيوية فيها بدون أي يصيبها أي خلل في تأثيراتها على جسم الإنسان، فباستثناء حالات الأمراض الكبدية الخطيرة التي يترتب معها الامتناع عن تناول كميات كبيرة من البروتينات، فإن المكملات الغذائية التي تأتي على هيئة مساحيق يمكن اعتبارها خياراً مناسباً للاستخدام من جانب الأشخاص ذوي المهام المتعددة، والذين لا يجدون الوقت الكافي لتناول البروتينات من مصادرها الطبيعية، إضافة إلى المعادن والمعززات الهضمية والمضادات الحيوية والأعشاب، وهي العناصر التي تساعد على التعافي بشكل أسرع من المشاكل والأمراض المزمنة التي تصيب الكبد.وفضلاً عن الفوائد المذكورة للبروتينات على صحة الكبد ومساهمتها في إعادة بناء خلاياه، فإن للبروتينات فوائد جمة على الكلى أيضا، خصوصاً الأحماض الأمينية التي تعزز من قدرة الكلى بشكل أفضل. وقد أشارت دراسات حديثة إلى احتمالية وجود تغييرات جوهرية في العلاقة بين الكلى وتناول كميات معينة من البروتينات، حيث إنها تعمل على تعديل وظائف الكلى، إلا أن خبراء حذروا من أن تناول كميات كبيرة يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية تعمل على تعطيل الكلى من أداء وظائفها بالشكل الأمثل.وإضافة إلى ذلك، فإن طرق العلاج الحديثة الخاصة بأمراض الكبد المزمنة توصي بتخفيض جرعات البروتين التي يتم تناولها، بسبب أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى زيادة تركز الأمونيا في الدم، وهو ما ينتج عنه اعتلال الدماغ.
مشاركة :