رغم أنه لم تتم المصادقة نهائياً بعد على خطة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، بأن يلائم الجيش نفسه للتغيرات الحاصلة في المنطقة، إلا أن الجيش غيّر خلال العام الأخير مفهومه العسكري بشكل كامل عند خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان المحتلة والذي تصفه إسرائيل بأنه حدودها مع سورية. ويعتبر الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري ما زال يدعم الرئيس بشار الأسد، لكنه يشكك في زخم الانتصارات التي حققها ضد قوات المتمردين، مثل معركة القصير، كما أنه لا يستبعد نشوب حرب أهلية في مصر. وقال ضابط برتبة عميد في هيئة الاركان العامة للجيش الإسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته،"يوجد تهديد من جهة سورية، ونحن نتخوف من وجود نوايا لشن هجمات ضدنا، ولذلك فإننا لا ننتظر حدوث ذلك ولاءمنا أنفسنا لمواجهة العدو الجديد". وأردف الضابط الإسرائيلي الكبير "لقد غيّرنا مفهومنا بالكامل عند الحدود في الجولان"، وقال "أقمنا جداراً الكترونياً على طول الحدود، بسبب الوضع الجديد، ونصبنا رادارات ترصد كل من يقترب من الجدار، وقرر رئيس أركان الجيش نشر فرقة عسكرية كاملة عند هذا الجدار". وتابع أنه "بدل كتيبة من قوات الاحتياط وأفرادها كبار في السن، التي كانت منتشرة في الجولان في الماضي، أصبح هناك قوات مشاة كبيرة، وجميعهم من الشبان من لوائي جولاني وغفعاتي، كما كثفت شعبة الاستخبارات من نشاطها هناك". "العدو الجديد" الذي يتحدث عنه الضابط الإسرائيلي هو التنظيمات الجهادية في سورية وقال إن "جبهة النصرة" هي أكبر هذه التنظيمات، وان عدد المقاتلين الجهاديين في سورية يتراوح ما بين 10 إلى 20 الف مقاتل "وهم يتواجدون في الأماكن التي تسود فيها فوضى، ويسيطرون بشكل كبير جدا عند مثلث الحدود الأردن – سورية – إسرائيل". وعلى عكس التقديرات التي تتحدث عن تحقيق الجيش السوري انتصارات في الفترة الأخيرة، قال الضابط الإسرائيلي "لا أعتقد انه يوجد تغير في الوضع، ورغم أن هناك أحداثا موضعية (تمكن الجيش السوري من السيطرة فيها) لكن هناك مناطق بأكملها في سورية لا يسيطر الأسد عليها، فهو لا يسيطر في شمال سورية ولا عند الحدود مع الأردن أو في مناطق القامشلي والحسكة، وإنما سيطرته تنحصر في منطقة دمشق والمنطقة الساحلية عند مدينتي اللاذقية وطرطوس". وأضاف الضابط الإسرائيلي إن "بلدة القصير، التي تحدثوا عن انتصار كبير للأسد فيها، هي بلدة صغيرة وعدد سكانها 30 ألفا أي أنها بحجم مدينة قلقيليا (في الضفة الغربية)، ولم تجر معركة كبيرة في القصير، لكن حزب الله حارب بشدة فيها. لكن إذا لم يتمكن الجيش السوري من القتال في القصير إلا بمساعدة حزب الله، فهذا يعني أن حال الجيش سيء جدا". واعتبر الضابط الإسرائيلي أن "حزب الله موجود الآن في أسوأ وضع منذ تأسيسه، بسبب تأييده العلني للأسد وقتاله إلى جانب قواته، ومقتل وجرح المئات من مقاتليه يشكل ضربة كبيرة للحزب، لأنه ليس جيشا كبيرا ومقتل 200 مقاتل وإصابة مئات آخرين يؤثر على قدرات حزب الله". وقال إن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله "ليس غبيا، وهو يدعم الأسد لأنه لم يعد لديه سندا، فقد كانت سورية سنده، وإذا خسر سورية فإنه لن يكون لديه أوكسجين، ولذلك قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، قبل شهر تقريبا إن أطراف عباءة نصر الله تحترق". وفي رده على سؤال حول الغارات الجوية الإسرائيلية ضد مواقع في سورية، قال الضابط الإسرائيلي إنه "وفقا لتقارير أجنبية جاءت هذه الغارات ردا على محاولات لتهريب أسلحة استراتيجية من سورية إلى حزب الله، مثل صواريخ مضادة للطائرات ومواد كيميائية وصواريخ متطورة وخطيرة جدا.. ولم يتمكنوا من نقلها، أو لنقل إن المحاولات لنقلها وتم العلم بها لم تنجح". ورغم رفضه الاعتراف بأن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي شن هذه الغارات، إلا أن الضابط الإسرائيلي قال "أننا قلقون جدا من نقل أسلحة يمكن أن تصل إلى حزب الله" مشيرا إلى أنه "وقع انفجار في البقاع الأسبوع الماضي، وهناك انفجارات طوال الوقت، في اللاذقية وطرطوس، ونحن قلقون من نقل أسلحة". وفي ما يتعلق بالوضع داخل لبنان، وتسرب الصراع في سورية إليه، رأى الضابط الإسرائيلي أنه "توجد فرصة أمام الجيش اللبناني الآن لكي يتحمل المسؤولية، فهذا جيش يتمتع بجهوزية ومسؤولية وأهمية، واعتقد أنه توجد فرصة لكي ينظم اللبنانيون الأمور مقابل حزب الله". وتطرق الضابط الإسرائيلي إلى الوضع في مصر وقال إن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية توقعت التطورات الأخيرة التي أدت إلى عزل الرئيس محمد مرسي، واعتبر أن القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، عبد الفتاح السيسي، "يقلد جمال عبد الناصر، ويتولى المسؤولية وكأنه يرى ما هو جيد للشعب". لكنه اضاف "يوجد هنا احتمال لتطور حرب أهلية في مصر". وتابع الضابط أن ما يقلق إسرائيل من الناحية الاستراتيجية هو ما سيحدث في مصر، والأمر الثاني هو الأحداث الحاصلة في سيناء، "حيث بالإمكان شراء هجمات مسلحة بالمال من القبائل البدوية هناك، والتي تنشط في فلك الجهاد العالمي". وقال الضابط الإسرائيلي إن تفكير الجيش المصري ليس مركزا على سيناء وإنما على ما يحدث في القاهرة والاسكندرية وغيرها من المدن داخل مصر، لكن رغم ذلك فإن الجيش المصري أغلق 70% من الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة. وحول الوضع في قطاع غزة قال الضابط إنه هادئ، وأن الشهور الماضية منذ عملية "عمود السحاب" العسكرية الإسرائيلية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي "كانت الشهور الأكثر هدوءا خلال العقد الأخير"، مشيرا إلى أن منظمات صغيرة في القطاع هي التي تطلق صواريخ وقذائف هاون باتجاه إسرائيل وأنه يتم في هذه الاثناء حفر أنفاق بين قطاع غزة وإسرائيل. وتطرق الضابط إلى خطة غانتس لإجراء تغييرات في الجيش الإسرائيلي "على ضوء التهديدات الجديدة عند حدودنا في الشمال والجنوب، ولذلك فإن الجيش يجب أن يكون مبنيا بشكل يمكنه من خوض الحرب المقبلة، فهذه لن تكون حربا مشابهة لحرب يوم الغفران (أي حرب أكتوبر العام 1973). لن يكون هناك جيش مقابل جيش". وأضاف أن "هذه ستكون حربا من نوع آخر ولذلك يمر الجيش الإسرائيلي بعملية تغيير واسعة، وباتت تعرف باسم ثورة غانتس، وهذا التغيير لم يأت بسبب خفض ميزانية الأمن وإنما هذا دفع الخطة التي تم البدء بإعدادها منذ فترة طويلة". وتقضي الخطة بحسب الضابط بتقليص عدد الدبابات وزيادة حجم قوات المشاة وتمكنها من التنقل بسرعة أكبر من السابق وأن تكون هناك قدرة أعلى على جمع معلومات استخبارية "لأنه في حال نشوب حرب فإنه يتعين علينا أن نتمكن من تدمير أكبر كمية ممكنة من صواريخ العدو وبسرعة فائقة". وتطرق الضابط إلى جانب آخر وحديث للحرب وهو "عالم السايبر" أي الحرب الالكترونية "إذ بالإمكان من خلال عالم السايبر أن تحارب العدو وأنت جالس هنا في تل أبيب، لكن حربا من هذا النوع خطيرة أيضا خاصة بعد أن بدأت تتعلمها منظمات إرهابية". واستعرض الضابط الإسرائيلي عدة سيناريوهات لحرب السايبر، التي تعتمد على مهاجمة أي شيء في العالم يعتمد على التكنولوجيا المحوسبة وقال إن "كل شيء يعتمد على هذه التكنولوجيا اليوم".
مشاركة :