مع التطور غير المحدود في شتى ميادين الثقافة المعاصرة والتقنية العارمة المكتسحة لألباب الناس وجيوبهم بجميع فئاتهم، وذلك من خلال الأجهزة الحاسوبية المنتشرة والذكية النقالة المبتكرة وما احتوته من مواقع تواصل اجتماعي ورسائل وتقنيات، باتت مفروضة على الجميع شئنا أم أبينا، مما جعل الجميع ينخرطون في ذلك العالم الفسيح دون هوادة، إلا أن هناك أمرا هاما آثرت التعريج عليه في هذا الجانب على وجه الخصوص، وهو غياب احترام ثقافة الحقوق الفكرية وعدم حفظها لأصحابها الفعليين، وذلك من خلال تناقل ما يكتبه ذوو الاختصاص والخبرة والشهرة والعلم دون الإشارة لأسماء هؤلاء المبدعين، فتجد مثلا تغريدة أو مقالة أو فتوى أو شعر أو نصيحة أو أي شيء آخر لأحد هؤلاء المبدعين ممن أبيض شعر وجهه ورأسه، وهو يقبع بين دفات تلك الكتب يقلبها حتى أخرج منها تلك العصارات المفيدة التي هي خلاصة عمر كامل من الدراسة والخبرة، ثم تجد ذلك متناقلا بين العوام وقد نسب كل منهم ذلك لنفسه، وكأنه هو الذي كتبه، فلا يشير للكاتب الحقيقي في ذلك متناسيا أو جاهلا أو قد يكون قاصدا، بمجرد حذف اسم الكاتب الحقيقي ووضع اسمه، غير آبه بالانتهاك الشنيع الذي قام به ضد الكاتب الحقيقي والانتهاك الصارخ لحقوقه الفكرية والشخصية والعلمية، وهذا بلا شك غياب حقيقي لثقافة احترام الحقوق الفكرية التي يحتاج المجتمع إلى التثقيف بشأنها. ولعل غرس تلك الثقافة في نفوس الناشئة أمر هام، وذلك من خلال المدارس لينشأ جيل مدرك محق للحق وصادق مع نفسه والآخرين. راجح ناصر البيشي (جدة)
مشاركة :