تمثل الأسواق القديمة بمنطقة البلد في وجدان أهالي جدة عبق الماضي والمحرك الرئيس للتجارة في قلب عروس البحر، رغم التمدد الجغرافي واتساع رقعة العمران على مدى العقود الثلاثة الماضية، فالأسواق القديمة التي باتت محاطة بالأبراج العالية، ما زالت محتفظة بروادها الذين يحرصون على زيارتها إما للتبضع أو للفرجة، خاصة نهاية الأسبوع. بين سعود محمد البدري، أنه يحرص على زيارة منطقة البلد والسوق القديم بما فيها من شارع قابل وسوق الخاسكية وسوق العلوي مرتين في الشهر على الأقل، بصحبة زوجته للتعرف على تاريخ جدة القديم، خاصة أنه يسكن شمال جدة، حيث الأحياء الحديثة، وقال «أعشق أسواق سوق قابل وما حولها لأنها تذكرني بالماضي الذي لم أعشه، لذلك أجد نفسي مدفوعا إلى منطقة البلد، خاصة في الفترة ما بعد صلاة العصر وحتى العشاء، وأتجول برفقة زوجتي بين الأسواق القديمة التي تمثل الماضي البعيد رغم أن جدة تعج بالمراكز التجارية الحديثة المنتشرة في أرجائها». من جهته، ذكر عمر عبدالعزيز، أنه من رواد شارع قابل العتيق الذي يعانق بشموخ الأسواق الحديثة، ويضيف «الأسواق القديمة في المنطقة ما زالت تنافس الحداثة ولم تستسلم للزمن، خاصة في ظل وجود عشاق الماضي أمثالي، لذلك تجدني أزور هذه الأسواق لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من الزمن الجميل، وعموما هذه الأسواق تعج بالمتسوقين من كل الجنسيات، خاصة الجنسيات الآسيوية والفلبينية، وهناك من يأتي للشراء وآخرون للفرجة والتأمل، حيث تتوافد أعداد كبيرة من الوافدين إلى المنطقة وتحديدا نهاية الأسبوع». وأضاف عمر «لا يمل المرء من التجوال في المنطقة التاريخية، ويعجبني كثيرا الازدحام الشديد في الشوارع والأزقة الضيقة التي تمثل الماضي الذي صمد في وجه موجة الحداثة التي طغت على الإنسان وحتى العمران». أما إقبال عبدالسلام (باكستاني) فيرى في شارع قابل العتيق، فرصة للقاء الأصدقاء في إجازة نهاية الأسبوع، وقال «نحن مجموعة من الأصدقاء نجتمع نهاية كل أسبوع في شارع قابل والمنطقة المحيطة من بعد صلاة العصر وحتى بعد صلاة العشاء، وهناك الأجواء مشجعة للجلوس في مجموعات واحتساء القهوة وتبادل الأحاديث، كما أن أسعار السلع في متناول الجميع، وأحيانا نتناول وجبة العشاء في المطاعم المنتشرة قبل العودة إلى منازلنا».
مشاركة :