ينطلق إيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا من موقع المرشح الأفضل حظوظا للفوز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 7 مايو/ أيار، متقدما على القومية مارين لوبان المعادية للعولمة، في وقت بدأت تتشكل «جبهة جمهورية» لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف.وفي ختام حملة انتخابية حافلة بالمفاجآت استمرت عدة أشهر، تصدر ماكرون (39 عاماً) نتائج الدورة الأولى حاصداً 24.01% من الأصوات، فيما حلت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان (48 عاماً) في المرتبة الثانية بحصولها على 21.30% من الأصوات، محققة نتيجة تاريخية لهذا الحزب وصلت إلى سبعة ملايين صوت، بحسب النتائج النهائية. وعكست عناوين الصحف الفرنسية الاثنين صدمة هذه الدورة الأولى راسمة التحديات المقبلة، فكتبت «لو فيغارو» اليمينية «الضربة القاضية لليمين»، فيما نشرت «ليبيراسيون» اليسارية على صفحتها الأولى صورة ماكرون مع عنوان «على مسافة عتبة». أما «لومانيتيه» الشيوعية، فاختارت نشر صورة لوبان تعترضها كلمة «أبداً!».وستكون المبارزة في 7 مايو/أيار حول برنامجين على اختلاف تام في العديد من المواضيع كالانفتاح مقابل الانغلاق، والهوية الوطنية مقابل التعددية، والليبرالية مقابل الحمائية، غير أن الاستقطاب الحقيقي فيها سيكون حول موضوعين محوريين هما أوروبا والعولمة.وماكرون الذي لم يسبق أن تسلم أي منصب منتخب، في موقع جيد لخلافة الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند، حيث سيصبح أصغر الرؤساء سناً في تاريخ الجمهورية بمن فيهم لوي نابليون بونابرت (1808-1873). ودعت غالبية الطبقة السياسية الفرنسية سواء من اليمين أو من اليسار، وخصوصا فرنسوا فيون وبونوا آمون، إلى «تشكيل حاجز» بوجه اليمين المتطرف.وتذكر مثل هذه «الجبهة الجمهورية» بالانتخابات الرئاسية عام 2002 حين تأهل مؤسس الجبهة الوطنية جان ماري لوبان والد مارين للدورة الثانية في مواجهة جاك شيراك، قبل أن يتكبد هزيمة كبرى (17.79%) في مواجهة قوى سياسية تكتلت ضده.وحملت لوبان على ما أسمته «جبهة جمهورية متعفنة تحاول تشكيل ائتلاف» حول منافسها في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية الشاب المرشح الشاب ايمانويل ماكرون الذي يعتبر الأوفر حظاً للفوز بالرئاسة. وقال أثناء زيارة لسوق في روفروا في شمال فرنسا «إن الجبهة الجمهورية البالية المتعفنة تماما والتي لم يعد أحد يرغب فيها ورفضها الفرنسيون بعنف استثنائي، تحاول تشكيل ائتلاف حول السيد ماكرون». كما هاجم معسكر لوبان منافسها إيمانويل ماكرون واتهمه بأنه مفوض «العولمة الماجنة والهجرة الجماعية».من جانبه سخر المتحدث باسم ماكرون من المنافسة اليمينية المتطرفة ووصفها بأنها «ماما نويل» على خلفية مقترحاتها الاقتصادية الشعبوية.وقال بنجامين جريفو: «لقد ضاعفت الهدايا الضريبية»، مشيرا إلى عدم توفر تفاصيل كافية من جانب معسكر لوبان حول كيفية تغطية هذه التخفيضات. ووصف هذه السياسة بأنها «غير مسؤولة على الإطلاق». وقال: «نأمل أن ترى الديمقراطيات الغربية في الشعب الفرنسي الأمل لإنهاء صعود الشعبوية».وفي إطار ردود الفعل على نتائج الجولة الأولى، وقعت مواجهات بين مئات المتظاهرين الذين قدموا أنفسهم على أنهم «مناهضون للفاشية» والشرطة التي تعرضت للرشق بالزجاجات والمفرقعات من جانب شبان ارتدى بعضهم ملابس سوداء، وكانوا ملثمين.وأشارت الشرطة إلى توقيف ثلاثة أشخاص. وتحدثت فرق الإطفاء عن إصابة ثلاثة أشخاص بجروح.وشبهت الصحافة الفرنسية مرور ايمانويل ماكرون ومارين لوبان إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ب «الانفجار الكبير» الذي وجه «ضربة قاضية لليمين» وطرح اليسار أرضا. وأعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، عن تأييده لمرشح تيار الوسط الليبرالي، قائلا إن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي تمثله منافسته مارين لوبان، يهدد اقتصاد فرنسا ووحدتها. وقال إنه «في مواجهة التهديد الإرهابي، الذي يتطلب من بلدنا أن يكون متحدا ومتماسكا، فإن الجبهة الوطنية ستقسم فرنسا بعمق، ما يعني وصم بعض مواطنينا على أساس أصولهم أو دينهم». وعكست مسارعة القادة الأوروبيين إلى إرسال تهانيهم لماكرون قلقهم إزاء صعود الحركات الشعبوية التي سادت بعد البريكست وانتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة. وخرج رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، عن التحفظ المعتاد في حالات مماثلة متمنيا للمرشح الوسطي «حظا سعيدا في المستقبل». وأوضح المتحدث باسم المفوضية، مرغاريتيس شيناس في بروكسل أن لوبان هدفها «تدمير أوروبا». من جهته، أكد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيار موسكوفيسي الفرنسي الاشتراكي، أن «بروكسل شعرت بالقلق، لكنها تنفست الصعداء»، ولكن «لا يجب ادعاء الفوز لأن الجولة الثانية لم تنته». ودعا إلى التصويت لصالح ماكرون.بدوره، قال رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني «يجب علينا ألا نقلل من أهمية التصويت للوبان لأنه دليل على الاستياء الواضح ليس فقط في فرنسا إنما في العديد من البلدان الأوروبية» الأخرى. وفي النمسا، احتفل حزب الحرية اليميني المتطرف ب«نجاح آخر» ل «الربيع الوطني في أوروبا». وقال رئيسه هاينز كريستيان شتراخه إن «الأحزاب القديمة للمؤسسة الحاكمة وممثليهم فقدوا مصداقيتهم وسيختفون تدريجيا حتى يصبحوا دون مغزى في أوروبا».وفي موسكو أعلنت الرئاسة الروسية أنها «تحترم» نتائج الدورة الأولى من الانتخابات، نافية تفضيلها للمرشحة مارين لوبان التي كان استقبلها الرئيس فلاديمير بوتين في مارس 2017. وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف: «من الخطأ القول إن روسيا تدعم أكثر أو أقل مرشحا أو آخر». وأضاف «إن روسيا تأمل في بناء علاقات جيدة مع جميع الذين لديهم المقاربة الإيجابية ذاتها ويعتبرون أن الخلافات يجب أن تحل فقط عبر الحوار مع أخذ مصالح الجميع في الاعتبار». كما نفى المتحدث مجددا وجود أي تورط روسي في هجمات إلكترونية تعرض لها موقع المرشح ايمانويل ماكرون. (وكالات)
مشاركة :