حافظ البرغوثيوقفت امرأة في الخمسين من عمرها بثوبها التقليدي المطرز، وسط «ميدان عرفات» في رام الله في الاعتصام الجماهيري، تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام في السجون «الإسرائيلية»، وهي تضع ورقة صغيرة على صدرها عليها صورة صغيرة لزوجها الأسير نائل البرغوثي، الذي تجاوز 36 سنة في سجون الاحتلال، منها أكثر من 34 متواصلة حتى لُقب ب«عميد الأسرى»، والبقية أمضاها باعتقال إداري، وهو الآن في ال54. انتهز نائل الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى مع الجندي «الإسرائيلي» شاليط ليتزوج، لكن أُعيد اعتقاله مع 65 آخرين ممن أفرج عنهم في تلك الصفقة. وحالياً يقبع في سجون الاحتلال قرابة 6500 أسير، انضم 1500 منهم إلى الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على ظروف السجون القاسية، والقمع المستمر، وحرمانهم من حقوقهم وفق المواثيق الدولية.ويُعد الشعب الفلسطيني أكثر الشعوب تعرضاً للسجن في التاريخ؛ حيث تعرض قرابة 800 ألف فلسطيني للاعتقال أو السجن لمرة واحدة منذ بداية الاحتلال سنة 1967. وقد ارتفعت وتيرة الاعتقالات، خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ هبة القدس المحتلة ضد الاحتلال، التي سُجل خلالها في الفترة الممتدة من أكتوبر/ تشرين الأول 2015 إلى إبريل/ نيسان 2017 نحو 11517 حالة اعتقال في كافة المحافظات الفلسطينية. وكانت النسبة الأكبر وبمقدار(64.1%) في محافظات الضفة الغربية، يليها ما نسبته (31.8%) في محافظة القدس، ومن ثم قطاع غزة؛ حيث سجل فيها 283 حالة اعتقال (من الصيادين في عرض البحر أوبعد اجتياز الحدود أو أثناء مرورهم عبر معبر بيت حانون)، وهؤلاء يشكلون ما نسبته 2.5% من إجمالي الاعتقالات، إضافة إلى 181 من المناطق المحتلة عام 1948 ويشكلون ما نسبته 1.6% من إجمالي الاعتقالات. وبين هؤلاء 27 % من الأطفال والفتية دون ال18، و308 من الأمهات والفتيات. والغالبية العظمى هم من سكان الضفة الغربية، ومن تنظيم «فتح»، وقد تم توزيع الأسرى على 22 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، فمن صحراء النقب، وريمون، ونفحة، وبئر السبع جنوباً، ومروراً بالرملة، وعسقلان، وهداريم، وجلبوع، والشارون، وعوفر، وليس انتهاء بالجلمة، و«سجن الدامون» شمالاً. ويقود الإضراب الكبير حالياً، القيادي في «حركة فتح» مروان البرغوثي، الذي أمضى حتى الآن 16 سنة في الأسر، إضافة إلى خمس سنوات في فترات ماضية. ويطالب الأسرى بتحسين ظروف الاعتقال، وتطبيق المواثيق الدولية، ووقف عمليات القمع والاعتداء عليهم، أو مهاجمة غرفهم بالقنابل والغاز، والتوقف عن سياسة العزل، وإذلال أهلهم عند الزيارة من خلال إخضاعهم للتفتيش العاري. وفور بدء الإضراب، قامت سلطات الاحتلال بنقل البرغوثي إلى قسم العزل في «سجن الجلمة» في الشمال داخل فلسطين 48. وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 210 أسرى، استشهدوا في الأسر منذ عام 1967، منهم 71 بسبب التعذيب، ووفاة 58 آخرين، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، وسوء الرعاية الصحية، والحرمان من العلاج، إضافة إلى 7 معتقلين سقطوا جرّاء إصابتهم برصاصات قاتلة من جنود الاحتلال وقوات قمع السجون أو أثناء الاقتحامات والاعتداءات على الأسرى، بما يخالف القانون الدولي، الذي ينص على توفير كل سبل الحماية لهم. حالياً يتكبد أهالي الأسرى ما يقارب 600 دولار شهرياً، كمصاريف للطعام والملابس لكل أسير؛ حيث يبيع الاحتلال الحاجيات لهم من «الكانتين» بأسعار مضاعفة، ولا يقدم لهم طعاماً مناسباً بعد تسليم الأمن داخل السجون لشركة أمنية خاصة، تمارس القمع والتعذيب بكل أنواعه. كما تم حرمانهم من استخدام الهاتف بالمطلق، ويجري تفتيش السجون دورياً، بحثاً عن هواتف نقالة يتم تهريبها كقطع صغيرة، ويقوم بعض الأسرى بتجميعها، ويستخدمونها للاتصال بذويهم، لكن سلطات الاحتلال لجأت إلى التشويش على الهواتف النقالة؛ بحيث لا يتمكن الأسرى من استخدامها. وخص الاحتلال مروان البرغوثي في «سجن هداريم» قبل نقله بتفتيش زنزانته ثماني مرات يومياً، لإزعاجه بحجة البحث عن ممنوعات وهواتف. وراهنت سلطات الاحتلال على عدم تلبية الأسرى للإضراب، لكن الأرقام توضح أن العدد في تزايد؛ حيث بدأ بألف أسير، وووصل إلى 1500 أسير بعد أيام من بدئه، والرقم في ازدياد، رغم عزل الاحتلال لمروان، وانقطاع الاتصال به منذ بداية الإضراب. فالمعركة كما سُميت هي معركة «الكرامة والحرية»، ولا تراجع عنها كما يؤكد المضربون. hafezbargo@hotmail.com
مشاركة :